«هواوي» تقود قاطرة «الجيل الخامس» بالعالم

20190228182009106

يمر العالم اليوم بمرحلة تحول حاسمة، فمع ظهور شبكات الجيل الخامس، تتحول مجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية المعلومات والواقع المعزز، من مجرد مصطلحات إلى تقنيات حقيقية يمكن أن تسهم في دعم التنمية الاقتصادية على المدى البعيد.
وتفتح شبكات الجيل الخامس الباب على مصراعيه، أمام المجالات الجديدة للابتكار في مختلف القطاعات الرأسية، بدءاً من قطاع السيارات وحتى المدن الذكية، إذ يبدو أن تأثير هذه الشبكات يبشر بحدوث تحول جذري وواسع النطاق في مجال التنمية.
وتتنافس دول العالم من أجل اغتنام هذه الفرص، وبينما تخوض القوتان العظميان في العالم، الولايات المتحدة والصين، معركة قوية لفرض الهيمنة على الساحة التقنية، فقد انتهجت الأولى نهجاً صارماً وشجعت الدول الغربية على حظر الشركات الصينية الرائدة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، من المنافسة داخل الأسواق المحلية لشبكات الجيل الخامس في هذه الدول.
وواجهت «هواوي» على وجه التحديد، عاصفة من الانتقادات، ووقعت ضحية الادعاءات التي تتهم بنيتها التحتية بأنها غير آمنة، وأن الحكومة الصينية تستخدمها لتركيب أنظمة تنصت خفية للتجسس عبر شبكات الجيل الخامس.
ويعد هذا النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة، نهجاً هدّاماً، ويضر بمصلحة الجانبين الأميركي والصيني، والعالم أجمع.
ويحرم إقصاء الشركات الرائدة المهمة في تطوير شبكات الجيل الخامس، من المنافسة داخل الأسواق، الشركات والمستخدمون من حقهم في الاختيار بين أفضل تقنيات الاتصالات المطروحة في الأسواق. وسيؤدي وجود سوق غير تنافسية إلى ارتفاع تكلفة إنشاء الشبكات، وسيكون له آثار سلبية طويلة الأمد على تحول الدول إلى الاقتصاد الرقمي.
وفي النهاية، تشكّل التكهنات والمزاعم التي لا أساس لها من الصحة حول الاتهامات الأمنية، عائقاً خطيراً يعرقل مسيرة التقدم المنشودة، ويساهم في ارتفاع التكاليف، والإضرار في النهاية بمصالح الشعوب والمؤسسات في جميع أنحاء العالم.
ومن الطبيعي أن تضع الحكومات والمؤسسات، مسألة أمن شبكات الاتصالات لديها على رأس سلم الأولويات، وقد خصصت «هواوي» ميزانية تُقدّر بنحو ملياري دولار لزيادة المعايير الأمنية لمعداتها وتحسين قدرات وممارسات هندسة البرمجيات.
ولكن أن تخص هذه الحكومات الشركات الصينية وحدها بالحظر هو أمر غير مقبول، وتحركه دوافع سياسية، ولا يكاد يمت بصلة للمغزى الحقيقي لهذه التهديدات.
ويأتي ذلك في وقت أجرت العديد من المؤسسات، بدءاً من المركز الأمني السيبراني الوطني في المملكة المتحدة وحتى المكتب الفيدرالي لأمن المعلومات في ألمانيا، تحقيقات مع «هواوي»، ولم تنجح مساعيها في العثور على أي دليل يثبت وجود أي نشاط إلكتروني ضار، يهدد الأمن السيبراني وتتورط فيه الحكومة الصينية.
وينبغي للحكومات أن تبني قرارها بشأن المشاركة الصينية في صناعة الاتصالات المستقبلية، على خبراتها الفنية وتقييمها الرشيد للمخاطر، بدلاً من إلقاء الاتهامات المدفوعة بتوجهات سياسية جزافاً أو شن حرب تجارية ضدها.
وبدلاً من إلحاق الأذى بالسوق العالمية لشبكات الجيل الخامس، بهذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، حري بهذه الدول أن تتعاون مع بعضها البعض، لاغتنام الفرص الكبيرة التي توفرها تقنية الجيل الخامس.
وستستفيد أميركا كثيراً من ريادة الصين في تطوير «الجيل الخامس»، لأن الأخيرة أدركت أهمية شبكات الجيل الخامس منذ البداية، وتفوقت إلى حدٍ كبير على أميركا من حيث حجم الاستثمارات التي تضخها، في نشر وتركيب هذه الشبكات.
ووفقاً لإحصائيات «ديلويت»، فقد تفوقت الصين على أميركا من حيث الإنفاق على بنيتها التحتية لشبكات الجيل الخامس منذ 2015 بمقدار 24 مليار دولار، ونجحت في بناء 350 ألف برج تغطية جديد على مدار 3 سنوات.
بينما بَنت الولايات المتحدة أقل من 30 ألفا في الفترة ذاتها، وستتسع هذه الفجوة بلا شك، إذ تتطلب الخطة الخمسية الاقتصادية للصين، زيادة حجم الاستثمارات المتعلقة بتركيب شبكات الجيل الخامس بنحو 400 مليار دولار.
وتملك الولايات المتحدة الآن فرصة عظيمة للاستفادة من الجهود الكبيرة، والاستثمارات الهائلة للشركات الصينية.
وتمتلك «هواوي» على وجه التحديد الكثير لتقدمه للعالم، من خلال محفظة منتجاتها وحلولها المتطورة والمبتكرة الداعمة لشبكات الجيل الخامس.
وكانت «هواوي» الشركة الوحيدة التي طرحت رسمياً شريحة متعددة الأنماط لشبكات الجيل الخامس (Balong 5000)، بالإضافة إلى أول جهاز تجاري لشبكات الجيل الخامس يعتمد على تلك الشريحة، والمسمى (Huawei 5G CPE Pro).
وبفضل هذين المنتجين اللذين يعملان بتقنية الجيل الخامس، استطاعت «هواوي» توفير خدمات الاتصالات اللاسلكية الأسرع بالعالم.
وساعد تفوق «هواوي» في تقنية الجيل الخامس على احتلالها مركز الصدارة ليس في مجال تقنية المستخدم فحسب، وإنما أيضاً في التقنيات التي تعتمد على شبكات الجيل الخامس، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأطلقت الشركة العام الماضي سلسلة «أسيند» من رقاقات معالج الذكاء الاصطناعي، أول تقنية ذكاء اصطناعي من نوعها في العالم، تعتمد على بروتوكول الإنترنت، وسلسلة رقاقات المعالج المصممة خصيصاً لمجموعة متنوعة من السيناريوهات.
وفي مواجهتها للحرب التجارية المتصاعدة بين بكين وواشنطن، أكدت «هواوي» صراحةً تأييدها لتنسيق المزيد من الجهود والتعاون الدولي.
وبالرغم من الهالة الإعلامية التي تلتف حول أميركا، وتروّج لاتهاماتها لشركة «هواوي»، فإن واشنطن لا تزال تقف وحيدة في هذه المواجهة، إذ أعلنت الشركات والمؤسسات الرائدة في مجال الاتصالات من جميع أنحاء العالم دعمها الكامل للشركة.
وأوضح الكثير من عملاء الشركة الصينية أنهم لا يعتقدون مطلقاً أن هناك أي تهديدات أمنية، تتعلق باستخدام معدات «هواوي»، وحتى حلفاء واشنطن الذين يدعمون قرارها بحظر التعامل معها مثل كندا، لديهم شركات اتصالات رائدة مثل شركة «تيلوس غروب» التي تعارض هذا الموقف، وتقر بأن «هواوي» لا تمثل أي تهديد أمني على الإطلاق.
وتواصل المؤسسات في جميع أنحاء العالم اختيار «هواوي»، لتكون شريكها الإستراتيجي المفضل لتسريع وتيرة إطلاق «الجيل الخامس» في هذه الدول، الأمر الذي يظهر بوضوح في معدلات التنمية القوية التي حققتها هذه الدول.
ومن المتوقع أن تصل إيرادات «هواوي» من مبيعاتها إلى 108.5 مليار دولار، لتحقق بذلك قفزة سنوية في الإيرادات بنسبة 21 في المئة.
ولا يتردد أي من مشغلي اتصالات في استخدام معدات «هواوي» لشبكات الجيل الخامس، إذ نجحت حتى الآن في توقيع أكثر من 30 عقداً تجارياً، وشحنت ما يزيد على 25 ألف محطة اتصالات رئيسية لشبكات الجيل الخامس.
وعلّقت المملكة المتحدة أن «هواوي» تواجه خطراً يمكن التعامل معه تجاه الجيل الخامس، وكانت بمثابة الضربة الأخيرة لجهود الولايات المتحدة لحظر شركة الاتصالات الصينية من شبكات اتصالات الحلفاء.
واستنتجت الحكومة البريطانية أنها تستطيع تخفيف مخاطر استخدام أجهزة «هواوي»، في شبكات الجيل الخامس، ولا شك في أن فهم المؤسسات لأهمية التعاون، من أجل اغتنام الفرص التي تتيحها تقنية الجيل الخامس، يعد بادرة إيجابية في حل هذه الأزمة.
وبدأت بالفعل الموجة الأولى من خدمات شبكات الجيل الخامس التجارية في الدول الأكثر تقدماً، إذ ستشهد السنوات المقبلة إطلاق هذه الشبكات في جميع أنحاء العالم.
ومن المحتمل أن يؤثر إدخال هذه الشبكات الجديدة في حياتنا وأعمالنا، على المجتمعات والاقتصادات بصورة غير مسبوقة.
ومن خلال تقديم فكرة التعاون على التنافس، ستنجح الولايات المتحدة والصين والعالم أجمع في فتح مجالات واسعة أمام مؤسساتها لتحقيق التنمية.

شاهد أيضاً

ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون

إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.