الاسم: طفلٌ سوري، العمر 4 سنوات، «الجُرْم»… نازٍح.
هو الطفولةُ التي أَفْلَتَتْ من الموت في سورية لـ «تُقتل» مرّتين في لبنان وتُدفن… مرّتين.
«سرقتْه» سيّارةٌ (كما تداول ناشطون) دهْساً عن طريق الخطأ، فـ حَزَم أعوامَه القليلة إلى سريرٍ باردٍ يلتحفه التراب، لكن «الإنسانيةَ الميْتة» والعنصرية المقيتة تَسَلّلتا و«بلا أقنعةٍ» إلى قلْب قبره الصغير الذي «سُلخ» منه بعد دفْنه بحجةِ: «المقبرة للبنانيين فقط وليست للغرباء».
لم يجد في «بلده الأم» سماء آمنة، ولا كان «الملجأ» اللبناني حضناً دافئاً في ظلّ «دفتر مآسي» النزوح وأهله العالقين بين مطرقةِ واقعٍ «مُفْجِعٍ» يفتقر لأدنى مقومات العيش اللائق وبين سندان كراهيةٍ متعدّدة الوجه والدرجة… حتى أن الموتَ لم يكن «نهاية الأوجاع» و«رحلةُ النزوح» إلى «تحت الأرض» لم تكن آخِر المطاف في مُرٍّ ذاقَ طعْمَه وهو حيّ ولم يرحْمه… وهو ميْت.
هو «الملاك» الذي صار اسمه عنواناً: نبْش قبر طفل سوري في لبنان وإخراجه من المقبرة… عنوانٌ «انفجرت» به مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان واعتقد كثيرون أنه قد يكون «خبراً كاذباً»، إلى أن تأكدتْ… الصدمة.
الجغرافيا بلدة عاصون (قضاء الضنية بشمال لبنان). الزمان يوم الجمعة الفائت. الحَدَث طفل سوري يُدفن ثم يُجبِر أحد موظفي البلدية (من أبناء البلدة) عائلته على نبْش قبر طفلها وإخراج جثمانه من المقبرة بحجة ضيق مساحتها وحصْرها بأهل القرية من اللبنانيين فقط.
وبعدما رَبطَ البعض هذه الخطوة بقرار من قائمقام القضاء رولا البايع، وتَحَوُّل هذه «الجريمة» خبراً أول على مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجّت استنكاراً وسط الكشف عن أن عائلة الطفل عادت ودفنتْه في بلدة أخرى في سير الضنية (محافظة عكار)، أصدر رئيس القسم الديني في دائرة أوقاف طرابلس الشيخ فراس بلوط بياناً جاء فيه: «بخصوص الخبر الذي تم نشره حول الطفل السوري رحمه الله تعالى ورزق أهله الصبر والسلوان ومنذ اللحظة الأولى لعلمنا بالخبر البارحة وبتوجيه مباشر من سماحة مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، تمت متابعة الموضوع»، وأضاف: «الطفل تم دفنه ثم للأسف وبتقدير خاطئ من الموظف في البلدية وانزعاجه من تصرّفهم ودخول الأهالي بطريقة غير صحيحة للمقبرة – بحسب قوله – طلب منهم فتح القبر وأخذه بعد انتهائهم من الدفن مباشرة وليس بعد ساعات وأيام. وقد تكلّمتُ مع الموظف شخصياً وأخبرته أن هذا لا يجوز لا قانوناً ولا شرعاً ولا عرفاً ولكن للأسف هذا الذي حصل، والكل استنكر الأمر، حتى من أقرب الناس لهذا الموظف وربما هو نفسه قد ندم على تصرفه».
وإذ أكد «أن القائم مقام عن المنطقة لا علاقة لها أبداً كما وصلني إلى الآن ومن أكثر من مصدر، وإدخالها في الموضوع لا ينبغي»، شدّد على «ان الموضوع (نبش القبر) مرفوض جملةً وتفصيلاً ولكن تلبيسه لباساً فتنوياً أمرٌ مرفوضٌ أيضاً».