هذا ماذا سيحدث لاقتصاد إيران.. بعد اعترافها بإسقاط الطائرة الأوكرانية؟

أزمة كبيرة تلك التي تعيشها إيران.. الضربة الموجعة التي تلقتها من الولايات المتحدة الأميركية -بعد اغتيال أبرز جنرالاتها، قاسم سليماني، والذي كان مرشحاً ليكون قائد إيران في المرحلة المقبلة وخليفة محتمل للرئيس الحالي حسن روحاني- جعلت من تعافي الدولة الفارسية اقتصادياً أمراً صعباً.

فعقب اغيتال سيلماني استشاطت طهران غضباً وشمرت على ذراعيها، وعزمت على الرد على ما تسميه «العدوان» الأميركي، فشنت ضربة على أهداف أميركية وقصفت قاعدتين عسكريتين ليتضح فيما بعد أن الخسائر البشرية معدومة، ولم تخلف الهجمات أي قتلى لا من الجانب الأميركي ولا العراقي، لكن هناط طائرة أوكرانية مدنية سقطت في طهران وأدى ذلك إلى مقتل 176 شخصا كانوا على متنها، واعترفت إيران بأن إسقاط الطائرة كان سببه «خطأ بشري غير مقصود»، لأن الطائرة «اقتربت من خلال استدارتها من أحد المراكز العسكرية الحساسة للحرس الثوري وعلى ارتفاع وشكل طيران مشابه تماماً لطائرة معادية وقع خطأ بشري غير متعمد ادى الى إصابتها».

الآن السؤال الأبرز والذي يمكن طرحه في الوقت الحالي هو: ماذا سيحدث لإيران اقتصادياً بعد هذه الحادث وتبعاته، وكيف ستتأثر الجمهورية الإسلامية بذلك؟

عقوبات أميركية

الإجابة عن ذلك تستوجب معرفة ماذا يحدث حقاً للاقتصاد الإيراني، فعقب الهجمات الإيرانية على قواعد أميركية بالعراق، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيفن منوشن، عن فرض عقوبات جديدة على صادرات المعادن الإيرانية وثمانية مسؤولين إيرانيين كبار.

ويوم الأربعاء الماضي، قال الرئيس دونالد ترامب إن الولايات المتحدة «ستفرض على الفور عقوبات اقتصادية إضافية معاقبة على النظام الإيراني».

وكشف المحلل Ziad Daoud عبر وكالة bloomberg الأميركية أن الاقتصاد الإيراني يتعرض لضغوط كبيرة جراء هذه العقوبات الأميركية، مما يشير إلى أنه لا يستطيع تحمل المزيد من التصعيد العسكري.

وتضيف الوكالة أن إيران في حالة ركود وعقوبات خفضت الناتج المحلي الإجمالي للنفط بأكثر من الربع في عام 2019.

ويشير المحلل الاقتصادي إلى أن فقدان «البترودولارات» والضربة التي تلقتها إيران معنويا، أثرت أيضا على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، حيث تحول توسع بنحو 5 % في عام 2017 إلى انكماش أكثر من 4% في كل من العامين الماضيين.

 

حالات سابقة

الآثار الناجمة عن الضربات الأميركية على إيران ستتوالى، ففرض هذه العقوبات لن يكون أمراً سهلاً على اقتصاد إيران الذي يعاني منذ فترة، لكن ما سيدمر اقتصاد إيران أو سينهكه بشكل كبير هو اتهامها دولياً وبشكل مجمع بإسقاط طائرة مدنية، وهو ما حدث لدول أخرى من قبل من بينها الاتحاد السوفياتي وليبيا.

ولمعرفة الآثار الاقتصادية لهذه الضربات الجوية على الطائرات المدنية، لنعد قليلاً بالذاكرة إلى الوراء، ففي عام 1988، أخطأت السفينة «يو إس إس فينسينز» في قراءة الإشارات من طائرة مدنية تقلع من مدينة «بندر عباس» الساحلية الإيرانية، وأطلقت السفينة صاروخين أحدهما أصاب الطائرة وقتل فيه 290 راكباً وطاقم الطائرة، فيما بعد توصلت واشنطن وإيران إلى تسوية تدفع مقابلها الولايات المتحدة 131.8 مليون دولار، وفق مجلة foreign policy.

وفي عام 1983، تم إسقاط طائرة الخطوط الجوية الكورية Flight 007 بواسطة طائرة مقاتلة سوفيتية من طراز Su-15، مما أسفر عن مقتل 269 شخصًا، وفرض المجتمع الدولي أنذاك عقوبات قاسية على اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بسبب الكارثة.

وفي عام 1988 أيضاً، انفجرت طائرة «بان آم» الرحلة رقم 103 وتحطمت بالقرب من لوكربي، اسكتلندا، مما أدى إلى مقتل جميع الركاب البالغ عددهم 270 شخصًا، ومعظمهم من الأميركيين، وعثر المحققون على أدلة على أن متفجرات بلاستيكية قد تم تعبئتها في صندوق ذراع الرافعة، مما أدى إلى ثقب فتحة في جسم الطائرة.

حددت المخابرات الأميركية اثنين من المشتبه بهم، وعرفت أنهما يعملان لدى المخابرات الليبية، ورفض الرئيس الليبي أنذاك معمر القذافي في البداية تسليم الرجلين لمحاكمتهما قبل قبول الحكم، وأدين أحد المتهمين، ثم وافق القذافي على دفع 2.7 مليار دولار كتعويض لعائلات الضحايا.

تأثير العقوبات

الأكيد مما سبق أن اتفاق المجتمع الدولي واتهامه إيران بضرب الطائرة المدنية، وهو ما اعترفت به طهران بعد أن أنكرته، قائلة أنه « خطأ بشري»، سيكون لهذا الاتفاق على فرض عقوبات جديدة أو تغريم طهران مبلغاً مالياً كبيراً يسلم لضحايا العائلات، أو للحكومة الكندية التي تعتبر أكثر المتضريين من إسقاط الطائرة عقب وفاة 65 مواطناً كندياً كانوا على متنها، سيكون ذلك ضربة قاسمة لاقتصاد طهران المنهك أصلاً بفعل العقوبات الأميركية، ومن أبرز القطاعات الاقتصادية التي ستتضر نجد القطاع النفطي الذي ومن دون شك سيتأثر بشكل كبير،  إن تم توجيه اتهام دولي لإيران وفرض عقوبات دولية زيادة على العقوبات الأميركية مثلما حدث مع النظام السوفياتي بعد إسقاط الطائرة الكورية الجنوبية المدنية.

وتقول صحيفة the wall street journal الأميركية، أنه يمكن لقوة العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد إيران أن تضغط على قنوات التجارة والتمويل المتبقية التي تبقي الاقتصاد الإيراني على قيد الحياة، من خلال تهديد الشركات التي لا تزال تتعامل مع نظام طهران.

فوضع ثمانية مسؤولين إيرانيين كبار وبعض أكبر الشركات المصنعة للمعادن في إيران على القائمة السوداء الأميركية، سيربك كثيراً الاقتصاد الإيراني، إلى جانب ذلك فقد وقع الرئيس ترامب أيضًا على أمر تنفيذي يسمح لوزارة الخزانة الأميركية باستهداف قطاعات البناء والتعدين والتصنيع والمنسوجات في الاقتصاد الإيراني.

وعلى سبيل المثال، كجزء من العقوبات الجديدة، أدرجت الولايات المتحدة في القائمة السوداء ثلاث شركات مقرها الصين وسيشيل متهمة بشراء المعادن الإيرانية المحظورة وبيع المواد التي تحتاجها الصناعة.

الشركات الخليجية

ونقلت الصحيفة عن إليزابيث روزنبرغ، وهي مستشارة سابقة رفيعة المستوى، أن «الهدف الأساسي من هذه الإجراءات هو تهديد إيران وردع أي شخص يتعامل مع إيران«، مضيفة أن « واشنطن من خلال تسميتها بعض الشركات التي تتعامل مع إيران حين أعلنت عن العقوبات، فهي ترسل إشارة إلى أن الشركات في دول شرق آسيا والخليج ستكون عرضة للعقوبات إن استمرت في التعامل مع إيران».

شاهد أيضاً

ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون

إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.