60 شركة مُدرجة عرضة لاستحواذات إلزامية… بملكياتها غير المباشرة

رغم ما تضمنه قرار هيئة أسواق المال رقم 11 لسنة 2021 في شأن تعديل بعض أحكام «الاندماج والاستحواذ» في اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة، من إجراءات تهدف من خلالها إلى توفير مناخ استثماري يمتاز بالشفافية، إلا أن الواقع الذي تواجهه «هيئة الأسواق» في هذا الخصوص زاخر بالتحديات.

فوفقاً لما تظهره مواقف المجاميع المسيطرة على شركة أو شركات مدرجة في بورصة الكويت، أو التي تدير محافظ وأنظمة استثمار جماعية مختلفة، فإن هناك بين 50 إلى 60 شركة على الأقل، حسب تقديرات أولية، تقع في مرمى مسؤولية تنفيذ قرار «هيئة الأسواق» الأخير والذي حدد 8 حالات تدخل ضمن الملكيات غير المباشرة، ما لم يوفق كبار الملاك في تلك الشركات أوضاعهم قبل 30 يونيو المقبل، وإلا قد يضطرون في النهاية إلى التقدّم بعروض استحواذ إلزامية.

وأكدت مصادر أن تشابك الملكيات وتوزيعها بين شركات عدة لتصب في صالح مستفيد واحد أو تحالف بعينه يمثل العمود الفقري لكبرى الكيانات والمجموعات المحلية، لافتة إلى أن الكثير منها سعى في السابق لتجاوز فكرة الاستحواذ الإلزامي ببلوغ ملكية أي جهة أكثر من 30 في المئة في أي شركة، التي حددها القانون رقم 7 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية في شأن العرض الإلزامي للاستحواذ على كامل أسهم رأس المال.

تأثير التحالفات

وأكدت المصادر أن بيت القصيد يتمثل في صلاحيات التصويت خلال الجمعيات العمومية، ومدى تأثير التحالفات غير الظاهرة في سياسات وإستراتيجيات الشركات المدرجة، ملمحة إلى أن هذا الأمر تحديداً يمثل حقيقة يصعب وضع بديل لها.

وأشارت إلى أن عملية التصرف في حسابات ومحافظ تحت مسمى توفيق الأوضاع ليس بالأمر اليسير، فالمجتمع الاستثماري المحلي معروف بترابط الملكيات بين العائلات والمجموعات، مؤكدة أن ذلك يمثل مصالح مختلفة يصعب التخلي عنها بين ليلة وضحاها.

وتابعت المصادر أن الملكيات العائلية التي تتمثل في شركات ومجموعات تشغيلية مختلفة ما زالت تمثل العمود الفقري لسوق المال الكويتي، موضحة أن ما تُظهره الجمعيات العمومية لتلك الكيانات الكبيرة من تحالفات غير مباشرة وحضور لحسابات العملاء والملكيات غير المباشرة ضمن النصاب، هو أمر واقع يحدد إستراتيجيتها طويلة الأمد.

خطر التسييل

وذكرت المصادر أن التعامل مع ضوابط الاستحواذات الإلزامية عند اعتماد قانون هيئة أسواق المال مطلع العام 2010 أدى بمجاميع استثمارية إلى اتباع سياسة توزيع الملكيات من دون المساس بإجماليها، سواءً بالتسييل أو التصرف بجزء منها يعرضها للخطر، مشيرة إلى أن «هيئة الأسواق» تحاول العودة إلى المربع من جديد، فيما يحتاج الأمر إلى حلول بديلة قابلة للتطبيق، إن لم تسر المجموعات في طريق توفيق الأوضاع فعلياً قبل 30 يونيو المقبل.

ولفتت إلى أن الفترة المحُددة وفقاً للقرار يتبقى منها نحو 4 أشهر فقط، في حين أن تطبيق مثل هذه الإجراءات يحتاج لفترات أطول، وربما تعديلات جذرية مستقبلية على مثل هذه التعليمات المهمة حتى تكون قابلة للتطبيق بحذافيرها، مؤكدة أن جانباً كبيراً من عقود إدارة محافظ العملاء يتضمن بنوداً تمنح شركات الاستثمار الحق في استغلالها بالتصويت خلال الجمعيات العمومية.

بيان الحالات

وكان قرار «هيئة الأسواق» الأخير تضمن استحداثاً لأحكام المادة 3-1-19 من الكتاب التاسع (الاندماج والاستحواذ) من اللائحة التنفيذية، وذلك ببيان الحالات التي تقع في حكم الملكية غير المباشرة، ما لم يتم إثبات العكس.

وتأتي ملكية الشخص أو مدير محفظة الاستثمار أو مدير الصندوق أو مدير نظام الاستثمار الجماعي التعاقدي غير المباشرة التي تؤدي إلى سيطرة فعلية على الشركة المدرجة في مقدمة النقاط التي حددتها الهيئة، حيث يتضح من واقع متابعة الملكيات أن هذا البند يمثل جزءاً كبيراً من قوام إدارة الأموال لدى شركات إدارة الأصول المرخص لها في السوق، وتعود معظم الأموال لعائلات ومجاميع رئيسية.

وتمثل ثاني النقاط ملكية الشخص من خلال مجموعة أو شركات زميلة أو تابعة في رأسمال الشركة المدرجة، إذ تترابط الملكيات في هذا الجانب، فمثلاً تمتلك الشركة (أ) حصة رئيسية في الشركة (ب) التي تستحوذ على حصة إستراتيجية في الشركة (ج)، ثم تأتي شركة تابعة أخرى لتتملك حصة كبيرة أيضاً في (ص)، لتصب كل الملكيات في صالح المالك الرئيسي.

أما ثالث الحالات التي أوردتها «هيئة الأسواق» للملكية غير المباشرة في القرار، فهي ملكية الشخص عن طريق المحافظ الاستثمارية، ومعلوم أن منها العشرات والمئات التي تعود لأطراف تستحوذ على نصيب الأسد بشركات مُدرجة.

وتمثل ملكية مدير محفظة الاستثمار مع عملاء هذه المحافظ إذا استخدم مدير محفظة الاستثمار حقوق التصويت عن الأسهم الموجودة في المحافظ، البند الرابع من قرار الهيئة، أما بالنسبة لملكية مدير الصندوق في الشركة المدرجة التي يستثمر بها الصندوق والمجموعة المرتبطة به، في حال عدم وجود نظام الفصل الكامل بين الصندوق ومدير الصندوق والمجموعة، فإنها ستطول شركات خاصة وأخرى مملوكة للدولة، حيث يعود ما بين 50 و90 في المئة من رؤوس أموال بعض الصناديق إلى الدولة، عبر مساهمات تخص هيئة الاستثمار أو المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أو غيرها من الجهات العامة.

وجاء البند السادس من القرار متمثلاً في ملكية مدير نظام الاستثمار الجماعي التعاقدي في الشركة المدرجة التي يستثمر بها نظام الاستثمار الجماعي التعاقدي، والمجموعة المرتبطة بنظام الاستثمار الجماعي، في حال عدم وجود نظام الفصل الكامل بين نظام الاستثمار الجماعي التعاقدي ومدير النظام والمجموعة، حيث يحتاج مثل هذا التشابك لجدول زمني خاص به فقط لإيجاد الحلول اللازمة.

أما البند السابع فأشار إلى كل ما يرتبط بالشخص عن طريق الملكية أو الإدارة المشتركة لأي كيان قانوني، تسمح له باستخدام حقوق التصويت في رأسمال الشركة المدرجة.

آلية الاحتساب

ونص قرار «هيئة الأسواق» على أن يتم احتساب الملكية غير المباشرة وفقاً للمعايير المحاسبية الدولية المنصوص عليها في الآلية المقررة في الملحق رقم (7) «آلية احتساب الملكية غير المباشرة» من الكتاب التاسع (الاندماج والاستحواذ) من اللائحة التنفيذية، مع انطباق أحكام الاستحواذ الالزامي المنصوص عليها في الكتاب ذاته على الشخص أو أي من الأطراف التابعة له أو/والمتحالفة معه، نتيجة حيازة الشخص والأطراف التابعة له والمتحالفة معه بصورة مباشرة أو غير مباشرة لنسبة مجمعة تزيد على 30 في المئة من الأوراق المالية المتداولة لشركة مساهمة مدرجة.

تعثر البيئة الاستثمارية

أكد مراقبون أن البيئة الاستثمارية بها ما يكفيها من عثرات حالياً وتداعيات لأزمات مختلفة آخرها ما ترتب على أزمة كورونا وحال الشلل التي تواجه قطاعات الأعمال المختلفة منذ فترة.

وقالوا «ليس من المنطق أن تنشغل المجموعات بإيجاد حلول للتصرف في ملكيات قد تعرّضهم لاستحواذات إلزامية بدلاً من التفكير في تقديم أدوات ومقترحات لتوسيع نطاق الاستثمار في البورصة الذي أصبح المستثمر الأجنبي شريكاً أساسياً فيها».

هل تُستثنى الملكيات الحكومية مجدّداً؟

ذكرت المصادر أن «هيئة الأسواق» استثنت بعض الأطراف من العروض الإلزامية في السابق، منها الملكيات الحكومية ومؤسساتها التابعة في شركات مُدرجة، متسائلة «هل سيبقى ذلك الاستثناء قائماً حالياً خصوصاً أن الدولة مساهمة في محافظ وصناديق بالجملة تستحوذ على حصص رئيسية في شركات مُدرجة؟».

وأكد مراقبون صعوبة تطبيق قرار «هيئة الأسواق» الأخير بخصوص الملكيات غير المباشرة بين يوم وليلة، وذلك لما تمثله العملية من دوامة تتطلب آليات مرنة للتعامل معها، منوهين إلى أن شركات الاستثمار تدير مليارات الدنانير لصالح مجموعات كويتية في البورصة، تحت بند (ملكيات غير مباشرة أو محافظ عملاء) وفكرة التخارج من تلك الملكيات أو خفضها قد يهدد المؤشرات العامة للبورصة، التي يمثل مرآة الاقتصاد.

شاهد أيضاً

ما هي إشارات التداول ومن المستفيد منها؟ خبراء أكسيا يجيبون

إن إشارات التداول تعد من الأساسيات التي تساعد المتداول على تحقيقأهداف خطته الاستثمارية والتمتع بتجربة …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.