أفاد محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل بأن جهود تدعيم القطاع المصرفي وتعزيز الاستقرار المالي المبذولة على مدار العقد الماضي آتت ثمارها، حيث واجهت البنوك الكويتية الأزمة الراهنة من موقع قوة، ونجحت في تخطي السنة الأولى من أزمة «كورونا».
جاء ذلك خلال مشاركة الهاشل في حلقة نقاشية حول القطاع المصرفي والمالي في الكويت، نظمتها مؤسسة غلوبال فاينانس العالمية المختصة في الشؤون الاقتصادية والمصرفية والمالية، في 23 مارس الجاري، ناقشت آثار الجائحة على الاقتصاد الكويتي والقطاع المصرفي تحديداً، وتوقعات التعافي من تلك الآثار، وأبرز القطاعات الاقتصادية المعرضة لآثار دائمة نتيجة الجائحة، سواءً كانت آثاراً إيجابية أو سلبية.
وتناول المحافظ أهمية عمليات التحول الرقمي ودور «المركزي» في دعم التقنيات المالية والابتكار في تقديم الخدمات المالية من خلال البيئة الرقابية التجريبية، وما أصدره من تعليمات في مجال تنظيم أعمال الدفع الإلكتروني وغيرها من الإجراءات، التي من شأنها توفير بيئة داعمة للابتكار وتطوير خدمات مالية عالية التقنية، في إطار يسمح بتجريب تلك المنتجات والخدمات المبتكرة والتحقق من كفاءتها وأمانها دون تعريض النظام المالي للخطر.
إلى جانب ذلك، تطرق النقاش إلى عمليات الاندماج بين المؤسسات المالية التي قد تتجه المؤسسات المصرفية للتفكير فيها في ظل الضغوط التي تسببت بها الجائحة على البيئة التشغيلية للبنوك وكذلك على الربحية، إذ نوه الهاشل بأن على الجهات الرقابية النظر في عديد من الجوانب عند دراسة عمليات الاندماج أو الاستحواذ، ومن بينها أهمية أن يكون الكيان الجديد الناتج عن عمليات الاندماج أو الاستحواذ قادراً على تعزيز الاستقرار المالي وزيادة التنافسية وتقديم خدمات أفضل للمجتمع، ومستوى أعلى من الكفاءة التشغيلية.
البيئة والحوكمة
وناقش المحافظ كذلك أهمية مراعاة القطاع المصرفي لاعتبارات البيئة والمجتمع والحوكمة التي ازدادت أهميتها في ظل تداعيات الجائحة ومدى تقدم الكويت في هذا الشأن، في ظل الاعتماد الكبير على النفط، ومدى الارتباط بين القطاع المصرفي والقطاع النفطي في البلاد.
وفي هذا الصدد أشار الهاشل إلى أثر التغير المناخي ومستقبل الصناعة النفطية على علاقة البنوك بالقطاع النفطي، وضرورة استعداد البنوك لمواجهة المخاطر المادية والانتقالية والمالية وكل أنواع المخاطر التي قد تنشأ مما يحصل في العالم على صعيد التغير المناخي، لافتاً إلى الإجراءات التي اتخذها «المركزي» لتعزيز الحوكمة في القطاع المصرفي، ومن بينها ضرورة وجود أعضاء مستقلين في مجالس إدارات البنوك وهو ما تضمنته تعليمات «المركزي» الصادرة في هذا الشأن.
وشدد الهاشل على حرص «المركزي» على تحقيق المساواة بين الجنسين في فرص العمل، حيث تشكل نسبة الموظفات في البنك 58 في المئة في جميع المستويات الوظيفية، مشيراً إلى عدد من مبادرات «المركزي» في هذا الشأن، ومن بينها مبادرة «كفاءة» التي أطلقها بالتعاون مع البنوك الكويتية وإدارة معهد الدراسات المصرفية، بهدف تطوير الكفاءات الوطنية في المجالات الاقتصادية والمصرفية والمالية من خلال مجموعة من البرامج المعدة خصيصاً لتلبية احتياجات العمل المالي والمصرفي في الكويت.
وقال إنه سعياً لنشر الثقافة المالية وتقديمها التوعية بأفضل السبل للاستفادة من الخدمات المالية التي تقدمها البنوك، أطلق «المركزي» بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت حملة التوعية المصرفية «لنكن على دراية».
الإصلاح يتطلب دوراً للمشروعات الصغيرة
أكد الهاشل حاجة الكويت إلى خطة تطوير شاملة لتنويع اقتصادها وخلق الوظائف، وأهم مقومات الإصلاح المالي والهيكلي أخذاً في الحسبان أوضاع الاقتصاد الكويتي والواقع السكاني في البلاد، ما يتطلب نمواً قوياً في وظائف القطاع الخاص، ودور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا الصدد.
وأشار إلى حاجة جميع الدول لخطط تنمية متطورة تساهم في بناء مستقبل أفضل، وأن الكويت ليست استثناءً في هذا الشأن، مشدداً على أن الاستقرار النقدي والاستقرار المالي اللذين نجحت الكويت في ترسيخهما هما من العناصر الأساسية ولكنهما ليسا كافيين لاستدامة الاقتصاد، ولذا، من الضرورة بمكان معالجة الاختلالات البنيوية في الاقتصاد لتحقيق الرفاه المستدام حاضراً ومستقبلاً.