ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الانهيار الدراماتيكي في العملات الرقمية يؤكد على هشاشة مكاسب العملة المشفرة الأخيرة وحساسية المستثمرين الأفراد تجاه مخاطر العملات الرقمية.
ويبدو أن ارتفاع عملة البيتكوين بدأ ينفد، على الأقل في الوقت الحالي، إذ انخفضت العملة الرقمية مرة أخرى يوم الجمعة الماضي إلى ما دون 50 ألف دولار، بهبوط يزيد على 20 في المئة عن الرقم السابق البالغ 64829 دولاراً في 14 أبريل الجاري.
وسبق أن تزامن ارتفاع «البيتكوين» مع إدراج شركة «Coinbase Global Inc»، أكبر منصة تداول عملة مشفرة في الولايات المتحدة، في سوق الأسهم، إذ مثل الحدثان ذروة مسيرة حاشدة للعملات المشفرة بدأت العام الماضي، حيث تضاعف سعر «البيتكوين» أكثر من 3 مرات في عام 2020 وتضاعف مرتين بداية 2021 قبل أن تنزلق أسعار العملة الرقمية.
وفي يوم السبت من الأسبوع الماضي هبطت «البيتكوين» فجأة بنسبة 17 في المئة لتصل إلى 52149 دولاراً، وحدث نصف ذلك الانخفاض في 20 دقيقة تقريباً، ورغم أن العملة الرقمية استعادت بعض تلك الخسائر بحلول الإثنين، إلا أن السعر انخفض بشكل مطرد، ليصل بعد ظهر الجمعة إلى 50620 دولاراً.
مسيرة تتعثر
وقال مايكل أوليفر من شركة «Momentum Structural Analysis» للأبحاث إن زخم «البيتكوين» أظهر أخيراً علامات ضعف، فمنذ أن تجاوزت هذه العملة الرقمية للمرة الأولى في تاريخها حاجز 60 ألف دولار في مارس، تباطأت وتيرة مكاسبها وتم تداولها في نطاق ضيق نسبياً، مضيفاً أن هذه علامة على أن مسيرة العملات الرقمية قد تتعثر، كما حدث أخيراً.
وترى «وول ستريت جورنال» أن هبوط سعر «البيتكوين» الأسبوع الماضي، أظهر مدى هشاشة ارتفاعها الأخير، في حين أنه ليس من الواضح ما الذي أدى إلى عملية البيع، والتي وفقاً لمزود البيانات «CoinMarketCap» مسحت ما يقرب من 220 مليار دولار من قيمة العملات المشفرة في غضون ساعة.
غسل أموال
من جهة أخرى، تناقل بعض المتداولين إشاعة على «تويتر» تزعم أن وزارة الخزانة الأميركية تستعد لتوجيه الاتهام إلى العديد من المؤسسات المالية باستخدام العملات المشفرة لغسل الأموال، فيما رفضت متحدثة باسم الوزارة التعليق على ذلك.
وبغض النظر عن سبب اندلاع موجة البيع الأولية للعملة الرقمية، يتفق المتداولون على أنها تسارعت بسبب انهيار كميات هائلة من الرهانات ذات الرافعة المالية التي وضعها المستثمرون في بورصات منظمة لعقود مشتقات العملات المشفرة في الخارج، لكنها لا تخضع لتنظيم كاف.
وإجمالاً، خسر المتداولون 10.1 مليار دولار الأحد الماضي بسبب عمليات التسييل من خلال بورصات العملات المشفرة، بحسب مزود البيانات «Bybt»، وجاء أكثر من 90 في المئة من الأموال التي تم تسييلها في ذلك اليوم من رهانات صعودية على «البيتكوين» أو العملات الرقمية الأخرى، في حين تم تسييل ما يقرب من 5 مليارات دولار في بورصة واحدة، هي «Binance»، أكبر بورصة عملات رقمية في العالم من حيث حجم التداول.
ومع انخفاض سعر «البيتكوين»، تم تسييل العديد من هذه الرهانات تلقائياً، ما زاد من الضغط الهبوطي على السعر وأدى إلى حلقة مفرغة من عمليات التسييل الإضافية.
عقود آجلة
وتسمح بورصات مثل «Binance» للمستثمرين الأفراد بإيداع مبلغ صغير نسبياً من المال مقدماً لوضع رهان كبير. وعلى سبيل المثال، افترض أن تاجراً يشتري عقوداً آجلة تؤتي ثمارها إذا ارتفعت عملة «البيتكوين» مقابل الدولار، فإذا ارتفعت «البيتكوين»، قد يكون ربح المتداول أكبر بمرات عديدة مما يمكن تحقيقه ببساطة عن طريق شراء «البيتكوين».
ولكن إذا هبطت «البيتكوين»، يمكن أن يكون المتداول في مأزق بسبب تكبده خسائر كبيرة، ويجب أن يضخ أموالاً جديدة بسرعة إلى الحساب، وإلا فإن البورصة ستقوم تلقائياً بتسييل استثمارات المتداول.
ويرى ريتش روزنبلوم، رئيس شركة «GSR» للتداول بالعملات المشفرة أنه «في جوهرها، لا تزال عملة البيتكوين مدفوعة بشكل كبير من قبل الأفراد، الذين يختارون استخدام الكثير من الرافعة المالية».
كويتي خسر 9 آلاف دولار: الجشع هو المشكلة
لفتت «وول ستريت جورنال» إلى الخسائر التي مُني بها بعض المتداولين في العملات الرقمية دون سابق إنذار.
وعلى سبيل المثال، قال جاسم، وهو مهندس في الكويت رفض ذكر اسمه الأخير، إن تنبيهاً على هاتفه أيقظه في نحو الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي الأحد الماضي، إذ راقب بقلق قيام بورصة «Binance» بتسييل بعض تداولاته، ثم قام بإغلاق الحسابات الأخرى بتكبد خسائر فادحة، مضيفاً أن مجموع خسائره وصل إلى نحو 9 آلاف دولار.
وبيّنت «وول ستريت جورنال» أن هذه التجربة ليست الأولى بالنسبة لجاسم، الذي تم تسييل مراكزه مرات عدة منذ دخوله في مجال العملات الرقمية في 2017، ناقلة عنه قوله إن «الجشع هو المشكلة».
مع ذلك، استأنف جاسم التداول ولكن هذه المرة يخطط ليكون أكثر حرصاً في شأن إدارة المخاطر في المستقبل.