كونا- يظل يوم الـ19 من يونيو عام 1961 يوماً خالداً في تاريخ الكويت، وهو الذي اعلنت فيه البلاد رسمياً استقلالها التام واستكمال سيادتها الكاملة، وباتت دولة عربية مستقلة لتبدأ مرحلة جديدة من عمر الدولة.
ومثّل هذا اليوم الذي تحل ذكراه الـ61 اليوم، انطلاقة الدولة بمفهومها العصري، عندما تم فيه توقيع وثيقة الاستقلال، وإلغاء معاهدة الحماية مع الحكومة البريطانية، وهو ما شكل انطلاقة للبلاد نحو الازدهار والنماء والتقدم لتتحول إلى (درة الخليج)، بفضل جهود حكامها وتلاحم شعبها حول قيادتهم.
وانطلقت المساعي نحو الاستقلال، بعدما ايقن أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم، ان معاهدة الحماية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا عام 1899 لم تعد صالحة، بعد ان تغيرت الاوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
وارتأى الشيخ عبدالله السالم ضرورة الغاء تلك المعاهدة باعتبارها تتعارض مع سيادة الكويت واستقلالها ومصالحها، وضرورة الاستعاضة عنها باتفاقية صداقة جديدة تواكب التطورات العالمية.
«أبو الاستقلال والدستور»
وكان عهد الشيخ عبدالله السالم، الذي امتد 15 عاماًَ من السنوات البارزة في تاريخ الكويت، وأطلق عليه لقب (أبو الاستقلال) و(أبو الدستور)، نظراً إلى جهوده المضنية وإنجازاته الكبيرة، وحكمته السديدة لنيل الاستقلال.
وبدأت الكويت في تلك الحقبة بوضع القوانين والأنظمة التي خطت بها نحو الاستقلال الكامل، فأنجزت 43 قانوناً وتشريعاً مدنياً وجنائياً منها قانون الجنسية وقانون النقد الكويتي وقانون الجوازات وتنظيم الدوائر الحكومية.
كما صدر مرسوم أميري بتنظيم القضاء وجعله شاملاً لجميع الاختصاصات القضائية في النزاعات التي تقع في البلاد بعد أن كانت بعض القضايا تنظر أمام هيئات غير كويتية.
وكانت البلاد زاخرة بالعديد من الإدارات المنظمة جيداً والمهيأة على مستوى البنية الهيكلية لمزيد من التوسع والتطوير كإدارات الأشغال العامة والصحة العامة والمطبوعات والنشر وأملاك الدولة المالية إضافة إلى المعارف والبلدية والبريد والهاتف والكهرباء والماء والشؤون الاجتماعية والأوقاف والإذاعة والتلفزيون.
نهضة شاملة
ومنذ ذلك اليوم المشهود في تاريخ الكويت، الذي ودعت فيه مرحلة ماضية بكل ما فيها من تاريخ سطره الآباء والاجداد بكفاحهم في سبيل العيش الكريم والذود عن الوطن دخلت الكويت مرحلة جديدة، تطل من خلالها على أفق العالم المستقل، وتساهم في صنع السلام وحضارة الانسان.
فعلى مدار 61 عاماً انجزت الكويت الكثير على طريق النهضة الشاملة بتعاون ابنائها خلف قيادتهم الحكيمة وسارت بخطى ثابتة تجاه النظام العالمي الجديد والشرعية الدولية برفض العدوان وحماية حقوق الإنسان والمحافظة على خصوصية الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى كما آمنت بدور الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين.
وحققت البلاد إنجازات متميزة على جميع الصعد وفق خطط استشرافية أدركت متطلبات البلاد وابنائها من التنمية والتطوير والازدهار وأسهمت في أداء دور محوري في الملفات الاقليمية والدولية التي اضطلعت بها كما أصبحت محط انظار العالم في المساعدات الإنسانية.
مسيرة إكمال النهج
وتواصل الكويت في ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، مسيرة التنمية والاعمار على الصعيد الداخلي ومسيرة الديبلوماسية الوقائية ونزع فتيل الأزمات وحل القضايا العالقة إقليمياً ودولياً.
وتأتي هذه المسيرة إكمالاً للنهج الذي اختطه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، ومن قبله بقية حكام الكويت من آل الصباح، الذين التف الشعب حولهم، ليقودوا البلاد إلى بر الأمن والأمان، رغم الأزمات الكثيرة التي شهدتها المنطقة.
«في هذا اليوم الأغر… نفتح صفحة
الاستقلال التام والسيادة الكاملة»أعلن الشيخ عبدالله السالم في 19 يونيو، انهاء معاهدة الحماية البريطانية، بتوقيع وثيقة استقلال البلاد، مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن.
وبعد توقيع الوثيقة وجه الشيخ عبدالله السالم كلمة خالدة إلى الشعب الكويتي، قال فيها «شعبي العزيز… إخواني وأولادي… في هذا اليوم الأغر من أيام وطننا المحبوب… في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ، ونطوي مع انبلاج صبحه، صفحة من الماضي، بكل ما تحمله وما انطوت عليه، لنفتح صفحة جديدة، تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة».
دمج العيدين الوطني والجلوس
شهد عام 1962 اول احتفال بعيد الاستقلال، الى ان صدر في 18 مايو 1964 مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس، وهو ذكرى تسلم الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم في 25 فبراير، بداية من عام 1965.
إعلان الدستور
سبق توقيع وثيقة الاستقلال خطوات مدروسة من قِبل الشيخ عبدالله السالم، منذ توليه مقاليد الحكم عام 1950، إذ عمل على تحقيق الاستقلال، وإعلان الدستور.
وأنجز المجلس المنتخب مشروع الدستور الذي تضمن 183 مادة خلال 9 أشهر.
قانون العلم الكويتي
في السابع من سبتمبر 1961 صدور قانون مرسوم أميري في شأن العلم الكويتي (الحالي)، وهو أول علم يرفع بعد الاستقلال.
عضوية الجامعة العربية
عقب الاستقلال قدمت الكويت طلباً لجامعة الدول العربية تم قبوله رسمياً في 20 يوليو 1961.
انتخاب المجلس التأسيسي
في 26 أغسطس 1961 صدر مرسوم أميري بإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي، تحقيقاً لرغبة الشيخ عبدالله السالم، بإقامة نظام حكم على أسس واضحة ومتينة.