صحيح أن العلماء لم يتأكدوا بعد من أسباب النوع الثاني من السكري، لكن قد يتأثر البعض بعوامل الخطر، مثل وجود تاريخ عائلي بالمرض والوزن الزائد ومرحلة ما قبل السكري. تحتوي الفاكهة على السكر طبعاً لكن من المستبعد أن تُضِرّ بالصحة حين تكون جزءاً من حمية متوازنة. ما يلي معنى السكري وحقيقة الفكرة القائلة إن الإفراط في أكل الفاكهة قد يُسبب السكري.
السكري يجعل مستويات السكر، أو الغلوكوز، ترتفع بدرجة فائقة في الدم. ثمة نوعان من السكري:
ينشأ النوع الأول خلال الطفولة ويعجز المصابون به عن إنتاج هرمون الأنسولين. لا يمكن الوقاية من هذا الشكل من السكري حتى الآن. أما النوع الثاني من السكري، فهو الشكل الأكثر شيوعاً ويمكن أن ينشأ في أي عمر، لكنه يتطور عموماً مع التقدم في السن. لا تتجاوب خلايا المصاب بهذا المرض مع الأنسولين بالشكل المناسب، ويُعرَف غياب التجاوب هذا بظاهرة مقاومة الأنسولين. يتولى الأنسولين نقل السكر من مجرى الدم إلى خلايا الجسم، ويستعمله هذا الأخير كمصدر للطاقة. حين يأكل الشخص، يُفكك جهازه الهضمي الكربوهيدرات الموجودة في الطعام ويُحوّلها إلى سكر بسيط اسمه غلوكوز. إذا كان الجسم لا يشمل كمية كافية من الأنسولين أو إذا لم تكن الخلايا تتجاوب بشكل سليم مع الأنسولين، يمكن أن يتراكم السكر في مجرى الدم ويؤدي إلى مجموعة من الأعراض والمضاعفات الصحية. صحيح أن الشخص لا يستطيع الاحتماء من النوع الثاني من السكري دوماً، لكن يمكنه أن يُحدث بعض التعديلات الغذائية ويغيّر أسلوب حياته لتخفيض خطر الإصابة بالمرض.
الفاكهة من مسببات السكري؟
قد يؤدي الإفراط في أكل السكر إلى اكتساب الوزن، ما يُمهّد لارتفاع مستويات سكر الدم أو نشوء مرحلة ما قبل السكري. تدخل هذه الحالات في خانة عوامل الخطر المُسببة للنوع الثاني من السكري. يُفترض ألا يرتفع خطر الإصابة بالسكري إذا كان أكل الفاكهة جزءاً من حمية صحية وأسلوب حياة سليم. لكنّ استهلاك ما يفوق الكمية اليومية الموصى بها من الفاكهة يعني حصول الشخص على كمية مفرطة من السكر المشتقّ من نظامه الغذائي. تطرح الحمية الغنية بالسكر والكربوهيدرات المُكررة والدهون المشبعة المخاطر أكثر من تلك التي تشمل كميات معتدلة من هذه الأنواع الغذائية. تحتوي الفاكهة على كمية كبيرة من الفيتامينات والمعادن والألياف، ما يعني أنها جزء أساسي من أي حمية صحية. ويمكن تخفيف كميات السكر المستهلكة عبر اختيار فاكهة طازجة بدل الفاكهة المجففة والحد من استهلاك عصائر الفاكهة أو المشروبات المخفوقة.
هل يجب أن يُخفف الأشخاص الأكثر عرضة للمرض استهلاك الفاكهة؟
يكون أصحاب الوزن الزائد أكثر عرضة للنوع الثاني من السكري. يتعلق أحد أبرز أسباب الوزن الزائد بميل الشخص إلى استهلاك سعرات تفوق تلك التي يحرقها. تكون المأكولات والمشروبات الغنية بالسكر عالية السعرات عموماً.
يُفترض ألا يرتفع خطر الإصابة بالسكري عند تناول الكمية اليومية الموصى بها من الفاكهة. يكون عصير الفاكهة على وجه التحديد غنياً بالسكر، لكنّ الاكتفاء بكوب واحد منه قد يبقي كمية السكر ضمن نطاق صحي. تكثر المنتجات المُصنّعة والمخبوزات التي تحتوي على سكر مضاف، منها البسكويت والكاتشب. من خلال الحد من استهلاك هذه المنتجات، يمكن تخفيف السعرات المستهلكة وكميات السكر التي تدخل إلى الجسم. ترتفع مستويات غلوكوز الدم فوق المعدل الطبيعي في مرحلة ما قبل السكري، لكنها لا تُعتبر مرتفعة بما يكفي كي يُشخّص الطبيب النوع الثاني من السكري. صحيح أن مرحلة ما قبل السكري تزيد خطر الإصابة بالمرض، لكن لا يعني ذلك بالضرورة أن السكري سيكون حتمياً. في مرحلة ما قبل السكري، يستطيع الناس أن يُخفّضوا مستوى الغلوكوز في دمهم ويقلصوا خطر إصابتهم بالنوع الثاني من السكري. يمكن أن تتراجع نسبة الخطر عبر فقدان الوزن وممارسة تمارين يومية. كذلك، تسمح بعض الأدوية بتخفيض خطر الإصابة بالسكري.
هل يستطيع مرضى السكري أكل الفاكهة؟
توصي “جمعية السكري الأميركية” بأكل الفاكهة كجزءٍ من حمية صحية.
في ما يخص مرضى السكري، تكون الحمية جزءاً محورياً من خطة التحكم بالمرض وغالباً ما يضطرون للتخطيط لوجبات الطعام. قد يحتاجون مثلاً لمراقبة كمية السكر في أطباقهم أو تجنب الإفراط في أكل الكربوهيدرات. تحتوي الفاكهة على الكربوهيدرات والسكريات. لذا قد يرغب مريض السكري في مراقبة هذه الكميات عند التخطيط لوجبات طعامه. بالإضافة إلى السكريات والكربوهيدرات، تكون الفاكهة غنية بالألياف أيضاً. تحتاج الأغذية الغنية بالألياف إلى وقت أطول كي يهضمها الجسم، لذا ترفع مستوى سكر الدم بوتيرة أبطأ مما تفعل الأغذية التي تقلّ فيها الألياف.كذلك، ترفع الأغذية الغنية بالكربوهيدرات مستويات غلوكوز الدم، لكن تؤدي بعض المأكولات المحددة إلى رفع تلك المستويات أكثر من غيرها. يتّكل بعض الناس على مؤشر سكر الدم لوضع خططهم الغذائية. يقيس هذا المؤشر مستوى ارتفاع غلوكوز الدم بسبب غذاء محدد. يرتفع مستوى غلوكوز الدم عند استهلاك الأغذية التي ينخفض فيها مؤشر سكر الدم بدرجة أقل مما يحصل عند تناول الأغذية التي يرتفع فيها ذلك المؤشر. ينخفض مؤشر سكر الدم في معظم أنواع الفاكهة، لكنه يرتفع في بعض الأصناف مثل الشمام والأناناس. لكن يؤدي تفكيك الغذاء إلى رفع مؤشر سكر الدم فيه، لذا يرتفع هذا المؤشر في عصير الفاكهة مقارنةً بحبوب الفاكهة الكاملة. كذلك، يرتفع ذلك المؤشر في الفاكهة الناضجة. يمكن أن تصبح الوجبة صحية بدرجة إضافية عبر الجمع بين فاكهة يرتفع فيها مؤشر سكر الدم وأغذية يتراجع فيها ذلك المؤشر. على سبيل المثال، يمكننا أن نقطّع موزة ناضجة ونوزّع القطع فوق خبز محمّص كامل لتناول الفطور. ترتفع كمية السكر في الفاكهة المجففة وعصائر الفاكهة وبعض الأصناف الاستوائية مثل المانغا.
يمكن أن يختار الشخص تناول حصة صغيرة منها أو يتجنب استهلاكها بشكل متكرر. تحتوي بعض الفاكهة المُعلّبة على سكر مضاف أو يغمرها شراب. لكن ستتراجع كمية السكر في الفاكهة المُعلّبة التي يغمرها عصير فاكهة أو شراب قليل السكر مقارنةً بالشراب العادي.
رابط بين أكل الفاكهة ومخاطر السكري؟
كشفت دراسة صينية في عام 2017 عن وجود رابط بارز بين أكل الفاكهة الطازجة وتراجع خطر الإصابة بمرض السكري.
لوحظ أيضاً تراجع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المشاركين المصابين بالسكري حين تناولوا كمية إضافية من الفاكهة الطازجة.
لكن لم تجد الدراسة سبباً محدداً لتفسير هذا الرابط. ربما يتبنى الأشخاص الذين يأكلون الفاكهة الطازجة بانتظام حمية صحية أكثر من غيرهم.
لذا قد لا يكون أكل الفاكهة الطازجة كافياً لتخفيض خطر الإصابة بالسكري.