جددت الكويت استنكارها الشديد للاعمال المنافية للاعراف والقوانين الدولية التي تشهدها ولاية راخين، لتؤكد مرة أخرى على ضرورة تحمل حكومة ميانمار لمسؤولياتها الرئيسية في حماية سكانها وضمان عدم استخدام القوة العسكرية بشكل مفرط مرة أخرى في تلك الولاية.
جاء ذلك خلال كلمة الكويت في جلسة مجلس الامن حول ميانمار التي ألقاها القائم بالأعمال بالإنابة لوفد دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة المستشار بدر المنيخ مساء امس الاربعاء.
وقال المنيخ ان ما استمعنا اليه اليوم في احاطة بعثة تقصي الحقائق هو تأكيد على استنتاجات المجتمع الدولي حول تلك الجرائم ويتسق تماما مع ما شاهدناه خلال زيارة مجلس الامن لولاية راخين وما سمعناه من شهود عيان لهذه الجرائم لدى لقاءاتنا بلاجئي الروهينغيا في مخيمات كوكس بازار.
واضاف لقد مضى اكثر من 14 شهرا منذ بداية اعمال العنف في ولاية راخين تلك الاعمال التي ادت الى نزوح اكثر من 720 ألف شخص الى كوكس بازار في بنغلاديش معربا عن اسفه لاستمرار عمليات النزوح حتى الآن.
نزوح وفرار
واوضح المنيخ ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تؤكد نزوح 168 شخصا مع نهاية شهر سبتمبر الماضي من ميانمار الى بنغلاديش، مشيرا الى ان استمرار عمليات النزوح يعكس سوء الاوضاع في ولاية راخين بشكل خاص وفي ولايات اخرى في ميانمار بشكل عام.
وتابع قائلا لم يتقدم وفد بلادي بطلب عقد الجلسة الحالية لتوجيه اللوم الى حكومة ميانمار على ما آلت اليه الامور هناك بل جاء الطلب نتيجة لموقفنا المبدئي والثابت من حل النزاعات عبر الطرق السلمية وايمانا منا بالدبلوماسية الوقائية.
واشار المنيخ الى انه في الوقت الذي نرحب فيه بالجهود المبذولة من قبل دول المنطقة لحل هذه الازمة الانسانية الا اننا نرى ان الخطوات التي تم اتخاذها من قبل ميانمار حتى الآن غير كافية ولم يترجم اغلبها على ارض الواقع.
وبين انه لا يزال على حكومة ميانمار تنفيذ جميع الخطوات والمطالب التي حددها مجلس الامن في بيانه الرئاسي وتوصيات اللجنة الاستشارية لولاية راخين الهادفة الى معالجة اساس الازمة وانهاء معاناة اللاجئين وعودتهم طوعا وبأمان وكرامة الى موقع ديارهم الاصلي في ميانمار.
واكد المنيخ ان عودة اقلية الروهينغيا الى ديارهم لا يمكن لها ان تبدأ الا بعد اتخاذ سلسلة من الاجراءات التي تستند الى بناء الثقة لضمان تلك العودة الآمنة والكريمة كإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة حول الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق اقلية الروهينغيا في ولاية راخين واتخاذ التدابير الكفيلة بإنهاء العنف والتمييز العرقي والإغلاق الفوري لكافة مخيمات المشردين داخليا.
وشدد على ضرورة السماح بدخول وكالات الامم المتحدة والجهات الشريكة لها الى كافة المناطق المتضررة في ميانمار بالاضافة الى السماح لجميع من هم في ولاية راخين بحرية التحرك بشكل آمن ودون عوائق.
وقال المنيخ اننا على ايمان راسخ بأن القضاء على الاسباب الرئيسية لازمة اقلية الروهينغيا يكمن في امرين اساسيين اولهما تعامل السلطات في ميانمار مع اقلية الروهينغيا دون تمييز وبصرف النظر عن العرق او الدين ومنحهم حقهم الاصيل في الجنسية.
حق المساءلة
واضاف ان الامر الثاني هو ضمان حق المساءلة من خلال اجراء تحقيقات شفافة وعادلة تستند الى جمع كافة الادلة والبراهين التي من شأنها ان توفر محاكمات عادلة لمرتكبي تلك الجرائم اللاانسانية.
ورحب المنيخ في هذا السياق بقرار مجلس حقوق الانسان الاخير رقم 39/2 وتوصية بعثة تقصي الحقائق بأن يكفل مجلس الامن المساءلة عن الجرائم المرتكبة في ميانمار لاسيما بعد ان خلص التقرير الى وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في ولاية راخين والتي تشكل اخطر الجرائم بموجب القانون الدولي.
وجدد تأكيد الكويت على اهمية تعاطي مجلس الامن مع هذه الازمة الانسانية بأقصى درجات المرونة الدبلوماسية والتحدث بصوت واحد للحصول على الاثر المطلوب.
وتابع المنيخ قائلا عندما يبلغ عدد النازحين 720 ألف شخص فهذا يؤكد وجود ازمة حقيقية من شأنها ان تؤثر على السلم والامن الدوليين وعندما تصل نسبة الاطفال من اجمالي النازحين الى 53 في المئة فهذا يجعلنا على يقين بوجود كارثة حقيقية وعندما تكون نسبة النساء والاطفال مجتمعين 80 في المئة فهذا يؤكد وجود قضية انسانية لابد من التصدي لها.
واشار الى ان الوضع في كل من كوكس بازار وولاية راخين يتطلب منا كأعضاء في المجلس ان نتخذ اجراءات محددة تكون خارطة طريق طال انتظارها من قبل اقلية عانت من ويلات الحرب والعنف والقتل ولا تزال تبحث عمن ينصفها ويحاسب من انتهك ابسط حقوقها الانسانية وارتكب تلك الجرائم بحقها لطمس هويتها للابد.
واكد المنيخ ان احترام سيادة القانون والدفاع عن حقوق الانسان والحوار واللجوء الى الوسائل السلمية لتسوية المنازعات هي بعض المبادئ التي تدافع عنها الكويت في جميع المحافل التي تشارك فيها.
واوضح قائلا ان حالات مثل تلك التي نشأت في ميانمار لا يمكن ان يتجاهلها مجلس الامن خاصة ان مأساة اللاجئين مرشحة للاستمرار مدة طويلة مقبلة الى حين ايجاد تسوية عادلة ونهائية تعطي اقلية الروهينغيا كامل حقوقها.
وكانت الكويت دعت الى جانب ثماني دول اخرى لعقد هذه الجلسة حيث جرى تصويت على عقدها من عدمه بتأييد تسع دول من ضمنها الكويت فيما امتنعت كل من اثيوبيا وكازاخستان وغينيا الاستوائية عن التصويت وعارضت عقد الجلسة كل من روسيا والصين وبوليفيا.