تطبيقا للقانون الذي أنشئت بموجبه والذي ينص على أنها «تنوب عن المجتمع في الدفاع عن قضاياه»، واجهت النيابة العامة خطورة مواقع التواصل الاجتماعي وتهديدها للمجتمع من خلال استغلال الأطفال الذين لم يتعدوا سن الـ13.
واكدت نيابة الأحداث في المذكرة الإيضاحية بشأن قرار منع الأطفال لاستخدام هذه المواقع ومعاقبة أهاليهم بالحبس والغرامة إذا ثبت الإهمال بحقهم، ان مجتمعنا من المجتمعات المحافظة، وبسبب هذه الثورة التكنولوجية نواجه محاولات اختراق لقيمه وثوابته من خلال المغريات التقنية لإحداث متغيرات ثقافية واجتماعية في المجتمع.
شددت النيابة العامة على انه يجب علينا كمؤسسات حكومية تجنباً للآثار السلبية لهذه الثورة التكنولوجية، حماية الطفل من السلوكيات الدخيلة وكل ما يمس الأطفال والناشئة محذرة أولياء الأمور من المساهمة في تعريض أطفالهم أو استغلالهم عبر هذه الوسائل ومحاسبة من يستغل هذه الفئة الضعيفة في أي عمل مناف للقيم أو أي انتهاك لحقوقهم.
احترام الخصوصية
وتساءلت النيابة في مذكرتها الإيضاحية «رغم إيجابيات مواقع التواصل، هل الفضاء الافتراضي آمن لأطفالنا؟».
ولفتت النيابة إلى ان للطفل حقا في احترام خصوصيته وفقا للنظام العام والآداب العامة مع مراعاة حقوق ومسؤوليات من يقوم على رعايته، لذا يجب عدم إتاحة الفرصة للآخرين بمعرفة جزء كبير من حياته أو استخدامه كمادة للاستعراض بتصوير يومياته وما قد يترتب على ذلك من آراء أو انتقادات قد تكون جارحة، وقد تؤثر على الطفل حاليا أو لاحقا عندما يكبر، وذلك لأن تحميل صورة أو فيديو لطفل يؤدي لتشكل بصمة رقمية له تظل باقية ومؤثرة في سمعته وحياته للأبد.
مشاهير التواصل
ونبهت على ان ما يعرف بـ«الأطفال مشاهير التواصل الاجتماعي» يتعمدون التصرف بطرق تظهرهم أكثر جرأة مما هم عليه في الواقع، أملاً في حصد مزيد من الشهرة، لافتة إلى أن ذلك يكلف كثيرين منهم خصوصية مرحلتهم الطفولية، ويفقدهم تلقائيتهم، ويحولهم إلى كائنات متصنعة في كل ما يبدر عنها من تصرفات، فضلا عن فقدانهم الشعور بالمسؤولية تجاه ما يخصهم، ما يحرمهم عيش مراحل طفولتهم بالطريقة التي يرغبون بها ويشكل عبئا نفسيا عليهم وقد يؤثر سلبا في تحصيلهم التعليمي، كما أن الشهرة قد تعرضهم للنقد والسب والشتم من قبل المتابعين وهم في سن مبكر.
وتطرقت النيابة إلى العديد من نصوص قانون حقوق الطفل، ولفتت إلى ان المادة 23 من القانون نصت على أنه «إذا ضبط الحدث في حالة من حالات التعرض للانحراف أنذرت نيابة الأحداث من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من لجنة رعاية الأحداث متولي رعايته كتابة لمراقبة سلوكه في المستقبل». وتابعت «ويجوز الاعتراض على هذا الإنذار أمام محكمة الأحداث خلال 15 يوما من تاريخ تسلمه، ويتبع في نظر هذا الاعتراض والفصل فيه الإجراءات المقررة للطعن في الأوامر الجزائية ويكون الحكم غير قابل للطعن».
النيابة تعدِّد الآثار السلبية لاستخدام مواقع التواصل:
خمول وكسل.. وتنمُّر.. وانحراف أخلاقي
اكدت النيابة العامة في مذكرتها الإيضاحية ان سوء إستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وعدم التقيد بالعمر المسموح للطفل باستخدامها قد يؤدي إلى آثار سلبية، منها:
– يقلل التفاعل الاجتماعي في محيط الأسرة.
– يزيد من الاغتراب النفسي بين الطفل ومجتمعه.
– بعض الدراسات اثبتت ان الإقدام على استخدام هذه المواقع يضعف مهارات التواصل الاجتماعي للطفل، ما يسبب له عزلة اجتماعية ويعيق التواصل عبر العالم الحقيقي.
– تعريض الطفل في سن مبكرة لنماذج من السلوك لا تتفق مع ثقافة المجتمع الدينية والاجتماعية، حيث فتحت المجال لتكوين علاقات عن طريق مشاركة الناس اهتمامهم وأنشطتهم وتكوين علاقات من خلال الانضمام إلى مجموعات مختلفة وهذا سهَل بناء علاقات بين الجنسين بما يتعارض مع قيم ومعايير المجتمع.
– انتشار الآراء الخاطئة أحيانا التي تؤثر بالسلب على عقلية الطفل وأفكاره ومفاهيمه.
– انحرافات أخلاقية.
– من خلال العالم الافتراضي أطلق العنان للتعبير عن الرغبات بجموح لم يكن متاحاً من قبل.
– الخمول والكسل.
– السمنة وزيادة الوزن وإجهاد العينين.
– يحرم الطفل من درجة من النضج الانفعالي والشعوري الذي لا يأتي إلا بالتفاعل المباشر مع البيئة المحيطة به وما يدور فيها.
– قلة الاستيعاب والتركيز.
– فقدان مهارات الكتابة.
– التأثير على دورة النوم.
– آلام في مفاصل اليدين والعنق.
– الطفل لا يستغل سوى مهارتين أو ثلاث عند استخدامه مواقع التواصل الاجتماعي، ما يحرمه من تنمية طاقات أخرى كامنة لديه (مهارة جسدية، سلوكية، معرفية وروحانية) في هذه السن التي تساعده على النجاح في حياته المستقبلية والاندماج بالمجتمع.
– التعرض للتنمر الإلكتروني.
– تتغير نظرة الأطفال لأنفسهم سلبا بسبب متابعة المشاهير ويصابون بتدن للتقدير الذاتي.
الاستغلال الجنسي له أكثر من طريقة
أكدت النيابة ان هناك اعتقادا خاطئا بأن الاستغلال الجنسي ينحصر في التحرش به، لكن الأمر يتجاوز ذلك إلى مجرد فتح حوار غير أخلاقي معه وأن يتبادل الصور والأفلام أو الألعاب الإباحية، والمنحرفون عادة يجذبون الأطفال إليهم من خلال عرض أفكارهم الدنيئة وصورهم، وذلك يؤثر في التحصيل الدراسي للطفل، حيث تقل درجة استيعابه ويجنح إلى العنف والتصرفات غير المقبولة مع زملائه بالمدرسة وأشقائه بالمنزل.
الحبس سنة لأولياء الأمور «المهملين»
كشفت النيابة العامة عن تطبيق عقوبة الحبس الذي لا يجاوز سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد على 1000 دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من:
1 – أهمل بعد إنذاره في مراقبة الحدث، وترتب على ذلك تعرضه للانحراف مجددا في إحدى الحالات المبينة في المادة الأولى من هذا القانون.
2 – سلم إليه الحدث وأهمل في أداء أحد واجباته من قبله، إذا ترتب على ذلك ارتكاب الحدث جريمة أو تعرض للانحراف.
اكتئاب جديد.. ودراسة أميركية
تطرقت النيابة في مذكرتها الإيضاحية إلى الدراسة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال والتي أثبتت ان مستخدمي الإنترنت خاصة الصغار قد يصبحون فريسة لنوع جديد من الاكتئاب أطلقت عليه «اكتئاب فيسبوك»، وأن أعراض الاضطراب النفسي الذي يسيطر على هؤلاء الأشخاص يجعلهم كالمصابين بالهوس، يترددون كثيراً جدا على صفحاتهم على الفيسبوك لمتابعة آخر التعليقات، ومراجعة حياة الآخرين الذين يغارون منهم.
أهالي يجعلون أبناءهم فرجة للمجتمع
دونت النيابة العامة ملاحظة في مذكرتها، مشيرة إلى قيام الأهل بتقديم أطفالهم فرجة للمجتمع عن طريق تصوير تفاصيل حياتهم بحسابات مفتوحة للعامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فتقتل وتستغل طفولتهم أمام الكاميرا طمعا بكسب الشهرة أو المال بدل الحفاظ على الطفل والاهتمام بتعليمه وبناء شخص صالح للمجتمع.