يروي علماء النفس دائمًا قصة ذات معنى، تقول إنه بينما تجلس على ضفة النهر، تجرف المياه شخصًا غارقًا، لذا تقفز محاولًا إنقاذه، ثم يأتي آخر عقب ذلك مباشرة وبنفس الطريقة، فتفعل الشيء نفسه، ثم يأتي خمسة فعشرة، فتفعل الشيء نفسه أنت وعشرات من الموجودين على ضفة النهر، فتنقذونهم بشكل محموم، ولكن الغرقى يستمرون في القدوم، إلى أن تفقد قدرتك وحافزك على الإنقاذ أو المشاركة، وفجأة يبدأ شخص من المحيطين في البحث عن المنبع، ومعرفة لماذا يسقط كل هؤلاء الغرقى، فإذا لم تنتقل إلى مرحلة أخرى وتغيّر سبب المشكلة، فستستمر في القيام بالمزيد والمزيد، وستشاهد نتائج أقل وأقل حتى لا تتمكن من الوصول إلى أبعد من ذلك، وهو ما يصفه علماء النفس بالحرق!
يقول الباحثون، إنك في هذه الحالة المطمورة أكثر من اللازم تعيش في حالة من الإرهاق المستمر وانخفاض الفاعلية، ولكن هناك دائمًا تداخلًا، فبينما يعتقد الكثير من الأشخاص أنهم محترقون، إلا أنهم -في الواقع- مستنفدون جسديًا تمامًا، فهم لا يزالون يحبون وظائفهم ويمكنهم القيام بها جيدًا مرة أخرى، إذا كان بإمكانهم إعادة شحن أنفسهم وصحتهم العامة، ومع ذلك لا يمكن التخلص من الإرهاق الحقيقي، وعلى الرغم من ذلك يمكنك إصلاح بعض المشكلات الأساسية، من خلال:
– التحقق من الاكتئاب:
خلال العقد الماضي، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الإرهاق هو تعبير ملطف عن الاكتئاب، وحسب الخبراء، فإن هناك من يعارض هذا المفهوم، لكن هناك توصيات تصدر من كلا الفريقين بأن الحرق والاكتئاب شيء يتطلب الفحص.
إن الاكتئاب له معالجات فعالة ومعروفة، ولم يُحدث الإرهاق بعد، والوصول إليها يمكن أن يعطيك إطار عمل واضح لمهاجمة المشكلات التي تجعل الحياة رمادية، ومن ثم يبدل وضعك خلال العمل.
– وسائل التواصل الإلكترونية:
من السهل للغاية التحقق مما يقوم به الآخرون، لكنك بشكل لا شعوري تهدر قواك، مع الأخذ في الاعتبار أن أصدقاءك على هذه الوسائل بينهم أشخاص بالكاد تعرفهم، وربما قابلت بعضهم مرة واحدة فقط، وكل ذلك يأخذ منك مما يجعل كدحك اليومي فى العمل لا معنى له وغير كاف بشكل محزن، والحل واضح؛ فقط قلل من عدد مرات الدخول إلى الوسائط الاجتماعية.
– البحث عن أصدقاء حقيقيين:
يظل الحصول على دعم عاطفي من أحد الأصدقاء وإثارة أذن متعاطفة مؤثرًا مع الجميع، فيما يشعر معظم الأشخاص المحرومين من ذلك بالعزلة والنفور، فالعلاقات القوية هي أكبر عازل ضد الإرهاق وعامل مهم فى علاجه.
فالحصول على دعم عاطفي من أحد الأصدقاء وأذن متعاطفة تسمع شكواك وما بداخلك؛ سيجعلك تشعر بالتحسن لفترة من الوقت، حيث تحصل على بعض التنفيس، ولكنها بالتأكيد لا تحل أيًّا من مشكلاتك.
وبالطبع الشخص المثالي للتحدث معه هو مديرك، لكن بافتراض أنك حاولت بالفعل العمل معه لتحديد الأولويات، وقمت بوضع قيود على العمل كالتوقف عن تفحص رسائل البريد الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع، ولكن ذلك لم يظهر نتيجة كبيرة، إذن أنت في حاجة إلى البحث عن شخص ما للتحدث والمساعدة، مع إعطاء الأولوية لإنفاق وقت اجتماعي ثمين مع أي شخص يمكنه مساعدتك في حل مشكلة العمل، فسيعطيك ذلك فائدة مزدوجة.
– ابحث عن المساعدة المهنية:
هناك نقطة اللاعودة في الإرهاق، عندما تصبح الارتباطات السلبية المرتبطة بعملك قوية للغاية، وهنا يصل الأشخاص إلى نقطة؛ حيث عليهم فقط الخروج منها، ويمكن أن يستغرق التعافي من الإرهاق فترة طويلة مؤلمة، حيث تظهر الأبحاث أن الأمر يستغرق عامين ونصف العام تقريبًا إذا لم يحصل أي شخص على مساعدة مهنية.