دخل الجيش السوري، أمس، منطقة منبج الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديموقراطية (قسد) في الشمال، بعد طلب مساعدة من الأكراد في مواجهة التهديدات التركية، وبالتزامن مع تطورات ديبلوماسية متسارعة لمصلحة دمشق.
ولطالما أثار مصير منطقة منبج في محافظة حلب توتراً بين أنقرة التي هددت دائماً باقتحامها وواشنطن الداعمة لـ «قسد»، قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سورية.
وأعلن الجيش السوري، دخول وحداته إلى منطقة منبج، بعد وقت قصير من توجيه وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سورية الديموقراطية (قسد)، دعوة الى دمشق للانتشار في المنطقة لحمايتها.
وأورد الجيش في بيان تلاه ناطق عسكري: «استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها».
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن عن «انتشار أكثر من 300 عنصر من قوات النظام والقوات الموالية لها على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سورية الديموقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها».
وقال إن قوات النظام «فرضت ما يشبه طوقاً عازلاً بين الطرفين على تخوم منطقة منبج من جهتي الغرب والشمال».
وجاء إعلان الجيش السوري بعد وقت قصير من دعوة القيادة العامة للوحدات الكردية «الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضاً وشعباً وحدوداً إلى إرسال قواتها المسلحة» من أجل «حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية».
وصعّدت تركيا خلال الفترة الماضية تهديداتها بشن عملية عسكرية جديدة ضد المناطق الواقعة تحت سيطرة «قسد»، بدءاً من منبج وصولاً إلى مناطق أخرى في الشمال الشرقي. وأرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية، فيما دخلت قوات تركية إلى الأراضي السورية بالقرب من خطوط التماس مع «قسد» في محيط منبج. وعززت الفصائل السورية الموالية لأنقرة تواجدها عند خطوط التماس.
وسارعت وزارة الدفاع التركية، إلى الإعلان، أمس، إنّ وحدات حماية الشعب الكردية «التي تسيطر على المنطقة بقوّة السلاح ليس لها الحق أو السلطة بأن تتكلّم باسم السكّان المحليّين أو أن توجّه دعوة لأيّ طرف كان»، محذّرة كلّ الأطراف من مغبّة القيام «بأي عمل استفزازي».
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن الجيش السوري يشن «عملية نفسية»، مضيفاً أنه «ليس هناك أي شيء مؤكدا حسب المسؤولين الروس».
وشدد على أن مهمة أنقرة في شمال سورية تعود إلى تطهير المنطقة من «التنظيمات الإرهابية»، مؤكدا أنه لن يكون هناك داع لدخول القوات التركية إلى سورية مرة أخرى في حال انسحاب هذه التنظيمات منها.
وفي حين قال أردوغان «نعارض تقسيم سورية»، أعرب عن تصميم أنقرة على تلقين «حماية الشعب»، «الدرس اللازم».
وذكر أن الوفد التركي الذي يضم وزيري الخارجية والدفاع، مولود جاويش أوغلو وخلوصي آكار، سيبحث تطورات الأوضاع حول منبج في موسكو اليوم.
من جهتهم، اعلن مقاتلون سوريون إنهم بدأوا مع قوات تركية الزحف صوب جبهة منبج لإظهار «الاستعداد الكامل لبدء عمليات عسكرية».
في المقابل، سارع الكرملين الى التعليق على دخول الجيش السوري إلى منبج عشية زيارة وفد تركي لموسكو، بالقول «بالطبع، هذا يسير في اتجاه استقرار الوضع»، مشيراً الى أن «توسيع منطقة سيطرة القوات الحكومية (…) هو بالتأكيد توجه إيجابي»، حسب الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف.
وأوضحت نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في منبج نورا الحامد، أن المفاوضات مع دمشق في شأن منبج «تمت برعاية روسية»، مشيرة إلى أن «قوات النظام لن تدخل منبج نفسها، بل ستنتشر عند خطوط التماس» مع تركيا والفصائل الموالية لها.
وأثارت تهديدات تركية سابقة توتراً بين واشنطن وأنقرة إلى أن تم التوصل إلى خارطة طريق انسحبت بموجبها الوحدات الكردية من منبج في يوليو الماضي. وبدأ التحالف الدولي بقيادة واشنطن بتسيير دوريات فيها.
وبقيت المدينة ومحيطها تحت سيطرة فصائل منضوية في إطار «قسد». لكن تركيا تصر على أن المقاتلين الأكراد لا يزالون موجودين.
ولم يتضح ما إذا كانت قوات التحالف ستبقى في منبج بعد انتشار الجيش السوري.
ورداً على سؤال لـ «فرانس برس»، أعلن التحالف في رسالة عبر البريد الإلكتروني «لأسباب أمنية عملية لا يمكننا أن نناقش أين تتواجد قواتنا في سورية أو الجداول الزمنية المحددة في شأن الوقت الذي ستتحرك فيه».
وتابع «لا نريد حقاً أن نتحدث عن خارطة طريق منبج، انطلاقاً من كوننا لا نعرف لكم من الوقت سنبقى ملتزمين بها».
الا أن الحامد قالت لـ «فرانس برس» إن «قوات التحالف لا تزال موجودة في مواقعها ومقراتها وتسيّر دورياتها عند خطوط التماس».
شاهد أيضاً
البيت الابيض يهتز بعد نشر “نيويورك تايمز” معلومات صادمة بشأن تفجير خطوط “السيل الشمالي 2”
رفض البيت الأبيض بصورة قاطعة، المعلومات التي قالت إن عبوات ناسفة تحت خطوط “السيل الشمالي …