إذا بدأت رحلة إنقاص الوزن، يجب أن تتأكد من بعض النقاط، وفي مقدمتها الاستعانة فقط بآراء المتخصصين والخبراء بعد التأكد من مدى موثوقيتهم، ومعايرة روتينك اليومي وفقًا لذلك، والسير بانتظام مع الإرشادات المناسبة، وإذا كنت تفعل، ورغم ذلك لا تصل إلى أهدافك في تخفيض الوزن، فأنت تحتاج إلى معرفة ما يقوله الخبراء حول ذلك، فمع فقدان الوزن، كما هو الحال مع الكثير من الأشياء، يكون السبب في التقدم أو التأخر فرديًا للغاية، فهناك الكثير من العوامل المرتبطة بوضعك الجسدي والعقلي والعاطفي الفريد الذي يمكن أن يوقف أو يحفز تقدمك.
على سبيل المثال تنظيم السكر في الدم، فارتفاع مستويات السكر والأنسولين تعيث فسادًا في جهود إنقاص الوزن؛ ولكن لا يستجيب كل شخص بنفس الطريقة إلى نفس الأطعمة، وفي عام 2015 نشرت مجلة الخلية دراسة تتبع آثار 46 ألف وجبة على مستويات السكر في الدم في 800 مشارك، فوجدت مجموعة مذهلة من الردود، وهذا هو السبب في أن الإرشادات التي ساعدت البعض على إدارة سكر الدم لديهم قد لا تعمل من أجلك.
وقد يلجأ البعض إلى ممارسة بعض التمارين الرياضية للمساعدة في تحفيز الجسم على إحراز تقدم؛ ولكن بعض الخبراء يحذرون من ذلك؛ حيث يعتقدون أن هذه التمارين بالنسبة للبعض قد تؤدي إلى إبطاء خسارة الوزن أكثر، فالتوتر هو أحد الأسباب التي تجعلك تواجه مشكلة في فقدان الوزن، والمزيد من هذا النوع من التمارين يمكن أن يؤدي إلى المزيد منه فيعمل ضدك.
والنصيحة التي يقدمها هؤلاء الخبراء تكمن في التمسك بخطتك لإنقاص الوزن دون أن تضغط على نفسك، فهناك الكثير من العوامل تتجاوز التغذية الجيدة والتمارين الرياضية، ومنها:
– النوم الكافي والإجهاد: إذا كنت تأكل جيدًا وتمارس الرياضة خلال النهار، فقد تكون مشكلتك في الليل؛ حيث يعتبر النوم الكافي عالي الجودة (من 7 إلى 8 ساعات يوميًا) ضروريًا لفقدان الوزن، والذهاب للنوم في نفس الوقت تقريبًا كل ليلة أمر مهم؛ لأن الإيقاعات الجسدية تحتاج إلى البقاء متزامنة للحصول على الراحة العميقة التي نحتاجها.
وعندما تنام قليلًا ثم تستيقظ فإنك تميل إلى الشعور بالجوع، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هرمونات الجريلين والليبتين تصبح غير منتظمة؛ ما يزيد من الشهية ويقلل الشبع ويعني أن ليلة واحدة فقط من الحرمان من النوم يمكن أن تؤدي إلى هذا الخلل في التوازن الهرموني، وهو ما أكدته دراسة نشرت عام 2008 في مجلة أبحاث النوم.
فعندما يكون وقت النوم قصيرًا، فإننا نميل إلى تناول المزيد غالبًا في وقت متأخر من الليل، ونشعر برضا أقل بما نأكله، ثم نأكل أكثر، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يتعطل حرق السكر في الدم بتناول الطعام في وقت متأخر من الليل ثم النوم وتكرر الدورة نفسها، وهو ما يؤدي إلى ضعف حساسية الأنسولين ومن ثم تخزين الدهون وزيادة الوزن.
كما أن الإجهاد المزمن هو عدو آخر لفقدان الوزن الصحي، فلا يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطراب في النوم فحسب؛ ولكنه يؤدي أيضًا إلى إطلاق سلسلة هرمونية تدفع الجسم إلى تخزين الدهون، فعندما نكون في حالة إجهاد تضخ الغدة الكظرية الكورتيزول؛ ما يشير إلى أن الكبد يطلق الجلوكوز في مجرى الدم، فعندما يزداد الإجهاد ترتفع مستويات الكورتيزول ومستويات الجلوكوز في الدم، وهذا يؤدي إلى إطلاق الأنسولين، الذي يعزز تخزين الدهون على مدى أسابيع وشهور من التوتر المزمن.
– وظيفة الغدة الدرقية: لأن الغدة الدرقية تحدد مدى كفاءة حرق السعرات الحرارية، فإنها تلعب دورًا أساسيًا في مساعدتنا في الحفاظ على وزن صحي، فهرمون الغدة الدرقية هو هرمون رئيس ينظم عملية الأيض؛ لكن الغالبية العظمى ممن يعانون من مشكلات الغدة الدرقية لا يعرفون أن لديهم مشكلة من الأساس، وفي حالات كثيرة لا يتم تشخيص هذه الحالة، وحسب الخبراء فإن العديد من الأطباء يعتمد على قياس هرمون الغدة الدرقية TSH للتشخيص، ورغم أهمية هذا الاختبار إلا أن هناك طرقًا واختبارات أخرى ظهرت خلال السنوات الأخيرة، تعطي صورة ونتائج أوضح مثل فحص باقي هرمونات الغدة والأجسام المضادة؛ حيث لا يوفر اختبار هرمون الغدة الدرقية وحده معلومات كافية بمفردها لاستبعاد وجود خلل وظيفي.
– العوامل الوراثية: يقدر خبراء توارث مشكلات الوزن في نسبة 40 إلى 70 % من مجمل الحالات، وفي السنوات الأخيرة، نضج الفهم حول التأثير الوراثي على الوزن، وقد حدد الباحثون الاختلافات التي ترتبط بالبدانة في الجينات، على سبيل المثال يزيد نوعان شائعان نسبيًا من خطر السمنة العام بنسبة 20 إلى 30 %، بما في ذلك خطر السمنة في مرحلة الطفولة والإفراط في تناول الطعام وزيادة أكبر في الوزن على المدى الطويل، ومع ذلك فإن الحمض النووي ليس مصيرًا، فالبيئة وأسلوب حياتك كلها تسهم في النتيجة النهائية، فقد تكون مؤهلًا وراثياً لزيادة الوزن؛ ولكن ما تأكله وما تمارسه من نشاط ومدى حفاظك علي أسلوب حياة صحي… كل ذلك يساعد على تخفيف الميل الطبيعي لجيناتك.
كما تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الجينات تلعب دورًا أيضًا في تحديد الميكروبات التي تستعمر أمعائك؛ لذلك قد يكون من الممكن معالجة الأمراض الموروثة مثل السمنة عن طريق رعاية ميكروبات الأمعاء الدقيقة، وعلى الرغم من أن الأبحاث حول الجينات والميكروبات هي في مراحلها الأولى، إلا أنه من الآمن استنتاج أن الميكروبيوم يلعب دوره في تحقيق وزن صحي.