يعد الاحتفال بحلول «شم النسيم» في مصر تقليدا متوارثا تتناقله الأجيال منذ عصر «الفراعنة» حيث يحمل ذات المظاهر والطقوس والعادات والتقاليد التي ما زال يمارسها المصريون حتى اليوم.
ويعتبر «شم النسيم» من أقدم الاحتفالات الشعبية التي عرفها التاريخ وترجع تسميته بهذا الاسم الى الكلمة الفرعونية «شمو» وهي كلمة هيروغليفية قديمة تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة وأضيفت اليه بعد ذلك كلمة «النسيم» لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج الى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
ويرتبط الاحتفال بعيد شم النسيم في مصر بمجموعة أطعمة تقليدية خاصة كان لها معنى ومدلول عند المصريين القدماء وأبرزها الفسيخ وهو عبارة أسماك مملحة والذي ظهر في عهد الأسرة الخامسة مع بدء الاهتمام بتقديس نهر النيل في ذلك الوقت.
وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ واعتبروه رمزا للخير والرزق الى جانب أن تناوله في تلك المناسبة يعبر عن الخصوبة والبهجة المصاحبة لموسم الحصاد.
ومن بين الأطعمة التقليدية المرتبطة بعيد شم النسيم أيضا «البيض» والذي بدأ ظهوره على مائدة أعياد الربيع منذ عصر الفراعنة ويرمز الى خلق الحياة من الجماد.
وكان قدماء المصريين ينقشون على البيض الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة ويجمعونه في سلال من زعف النخيل الأخضر ويتركونه في شرفات المنازل أو يتم تعليقها على فروع الأشجار بالحدائق لتحظى ببركات نور الاله عند شروقه فيحقق دعواتهم.
وبالنسبة للبصل فقد ظهر ضمن أطعمة «شم النسيم» التقليدية أيام الأسرة السادسة وارتبط عند الفراعنة بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض.
وتحرص الأسر المصرية على الخروج الى الحدائق والحقول والمتنزهات والمناطق الاثرية والمنتجعات السياحية والشواطئ للاحتفال بحلول «شم النسيم» وتناول أطعمته التقليدية وعلى رأسها الفسيخ.
وفي هذا الصدد حذرت وزارة الصحة والسكان المصرية من أن تناول الفسيخ قد يمثل خطورة شديدة على المواطنين خاصة مرضى الضغط وأمراض القلب وأمراض الكلى والحوامل والأطفال نظرا لأن طريقة تحضيره قد تساعد على نمو نوع من البكتيريا يفرز سموما قاتلة.
ووضعت الوزارة خطة طوارئ شاملة لتأمين احتفالات أعياد الربيع شملت رفع درجة الاستعداد القصوى بالمستشفيات ومديريات الشؤون الصحية ومراكز السموم لاستقبال أي حالات تسمم فور وصولها فضلا عن تجهيز فرق الانتشار السريع من أطباء الرعاية الحرجة والعاجلة وتوفير كميات من الأدوية والأمصال وأكياس الدم ومشتقاته.