لطالما ارتبط شهر رمضان المبارك في العقود القليلة الماضية بالدول الإسلامية بالمدفع الذي أضحى معلما مميزا لذلك الشهر الفضيل، لاسيما مع صوته المدوي الذي يعلن من خلاله الإفطار أو الإمساك.
ولم تكن الكويت بمنأى عن هذا المعلم الرمضاني الذي بدأ استخدامه فيها في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين وبالتحديد عام 1951 من خلال مدفع أهدته الحكومة البريطانية الى حاكم الكويت السابع الشيخ مبارك الصباح وسلمت مسؤوليته الى الأمن العام.
وعن تاريخ استخدام مدفع الإفطار في الكويت، ذكر الفلكي والمؤرخ عادل السعدون في كتابه (موسوعة الأوائل الكويتية) ان علي بن عقاب بن علي الخزرجي هو اول من اطلق مدفع رمضان في الكويت وقد تعلم رماية المدفع من العثمانيين.
وأوضح السعدون انه في عهد الشيخ مبارك الصباح عهد الى ابن عقاب إطلاق المدفع وقتي الفطور والإمساك، حيث كان يطلق طلقتين في كل وقت ثم أصبح العدد طلقة واحدة في عهد سمو الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح.
لكن الفلكي د.صالح العجيري يقول في تصريح صحافي ان ذلك المدفع اشترته الحكومة الكويتية بجانب صافرة الإنذار للدفاع عن أهل الكويت من أي هجوم قد يحدث خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أنه بفضل المولى عز وجل لم يتم استخدامهما نهائيا لتأتي بعد ذلك فكرة استخدامهما للدلالة على مواقيت الإمساك والإفطار.
وأضاف السعدون في كتابه ان موقع المدفع كان يسمى (سيف الطوب) وهو حاليا موقع وزارة الخارجية بجوار قصر السيف على شاطئ الخليج العربي وكانت توجد عند المدفع سارية العلم (البنديرة).
وذكر بعض الباحثين ان ابن عقاب كان مسؤولا عن المدفع الموجود في غرفة من الصفيح في ذلك الموقع لها بابان أحدهما كبير يطل على البحر مباشرة والآخر اصغر حجما يطل على البر وبداخل هذه الغرفة ذلك المدفع وكان هناك كيس من البارود.
وأضافوا ان ابن عقاب كان ينظر الى ساعته القديمة وانه عندما تغيب الشمس في الأفق مع توقيت ساعته كان يشعل البارود الذي في فوهة المدفع فيدوي صوته مجلجلا لتسمعه أحياء الكويت كلها.
وأفادوا بأنه عند الغروب كان الأولاد يحتفلون يوميا بانطلاق مدفع الإفطار ويطلق عليه باللهجة المحلية (الواردة)، حيث يجتمعون بالقرب من مكان المدفع منذ العصر وعندما يطلق المدفع يأخذون بالتهليل.
والمدفع الحالي الموجود في قصر نايف جاء إهداء من مملكة البحرين في سنة 1992 وهو من صنع بريطاني وتبلغ زنته 25 رطلا ويرمي طلقة واحدة مع آذان المغرب ويشرف عليه ضابط و3 أفراد فيما ينقل الحدث عبر التلفزيون الرسمي.