«الغضب عبارة عن حمض يمكن أن يُلحق الأذى بالسفينة، التي يتم تخزينه فيها»، هكذا وصف مارك توين مشاعر الغضب، ثم أكد العلماء حقيقة مفادها، أن المشاعر السلبية ضارة بصحتنا العقلية والبدنية.
واستكشفت العديد من الدراسات الأثر، الذي يمكن أن تطلقه العواطف السلبية على أجسامنا، وتشمل الالتهابات، إضعاف الاستجابة المناعية وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، ومع ذلك تظهر دراسة حديثة أن هذه الآثار الضارة قد لا تكون عالمية!
ولاستكشاف العلاقة بين التأثير السلبي والنتائج الصحية عبر الثقافات، قام الباحثون بقياس مستويات هرمون التوتر- الكورتيزول- بين المشاركين الأمريكيين واليابانيين، وتم جمع العينات اللعابية عدة مرات في اليوم، على مدار ثلاثة إلى أربعة أيام متتالية.
كما طلب من المشاركين في كلتا الثقافتين، تقييم تجربتهم للعواطف السلبية المختلفة خلال الثلاثين يومًا الماضية، ولتقييم الصحة البيولوجية للمشاركين استكشف الباحثون أربعة مؤشرات حيوية، اثنان يتعلقان بالنشاط الالتهابي واثنان يتعلقان بحالة القلب والأوعية الدموية (ضغط الدم الانقباضي ونسبة الكوليسترول).
وقد وجد الباحثون أنه بالنسبة للمشاركين الأمريكيين، كانت هناك آثار سلبية أكبر مرتبطة بتسوية إيقاع الكورتيزول، ولكن من أين تأتي هذه الاختلافات؟ كيف يمكن توريط الثقافة في المسارات، التي تربط عواطفنا مع النتائج الصحية لدينا؟
كما تشير الدراسة، إلى أنه يمكن العثور على تفسير واحد ممكن في فهمنا للعواطف، فالثقافات الغربية مثل الولايات المتحدة تعزز مفهوم مستقل للذات؛ حيث ينظر إلى المشاعر على أنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسمات الداخلية للشخص ومسئوليته الخاصة.
وتتم متابعة الرفاه بشكل عام، من خلال تجميع الآثار الإيجابية وتعظيمها، وبالتالي يمكن اعتبار المشاعر السلبية غير مرغوب فيها، ويجب تجنبها بسبب طبيعتها المعيقة، علاوة على ذلك يمكن تفسير المشاعر السلبية على أنها ضارة؛ لأنها قد تمثل تهديدًا للذات وقدرة الفرد على مواجهة متطلبات البيئة، هذا الإحساس بالتهديد المتصور قد يسهم بدوره في تنشيط الاستجابة للإجهاد، وفي نهاية المطاف يقوّض النتائج الصحية.
وفي الثقافات الآسيوية، تميل النظريات الشعبية حول العواطف إلى أن تكون متأصلة في التقاليد الجدلية التاريخية، ما يوفر مساحة أكثر توازنًا لتعايش المشاعر الإيجابية والسلبية؛ كمكونات حميدة وعابرة، قد يجعل تجربتهم اليومية أقل إرهاقًا وأثرًا على الصحة البدنية.
غير أن الإسلام كان الأسبق في التحذير من الغضب، «فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ : مُرْنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، قَالَ: فَمَرَّ ، أَوْ فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ: مُرْنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، قَالَ: فَرَدَّدَ مِرَارًا، كُلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ فَيَقُولُ: لاَ تَغْضَبْ».