ليس هناك ما هو طبيعي مثل الأطفال أثناء اللعب، في البداية يلعب الأطفال مع آبائهم والعالم من حولهم، وفي حالة تركهم بمفردهم، سيبدأ الصغار في اللعب الخيالي، وسيخترعون الشخصيات والقصص، ومع نظرائهم سينظمون تقريبًا كل الألعاب والأنشطة ويكونون منظمين للغاية.
وحسب الخبراء يعد اللعب أساسيًا في مرحلة الطفولة؛ حيث تتم مشاهدته حتى بين الأطفال في أكثر الظروف صعوبة، وربما لذلك تعترف به الأمم المتحدة كحق من حقوق الإنسان الأساسية، على قدم المساواة مع الحق في المأوى والتعليم.
ومع ذلك فإن اللعب اليوم هو نشاط مهدد بالانقراض بين الأطفال في عدد من الدول، وحسب دراسة بجامعة بوسطن نشرت في المجلة الأمريكية للعب، فإن اللعب الحر غير المجدول للأطفال قد تراجع بشكل مطرد خلال نصف القرن الماضي، وهو ما يرجع جزئيًا إلى أن البالغين قد مارسوا سيطرة متزايدة على أنشطة الأطفال.
وبشكل خاص في فترة مرحلة الدراسة الابتدائية؛ حيث تتزايد الضغوط لجعل الأطفال يسجلون نتائج جيدة في الاختبارات القياسية، مع تقليص وقت العطلة بشكل متزايد، وكل هذه التغييرات كانت لها آثار دائمة وسلبية على الأطفال؛ حيث انخفضت فترات الراحة واللعب، وهو ما أدى لحدوث زيادة كبيرة في الاكتئاب والقلق.
ولذلك ينصح الخبراء بأن نسمح لأطفالنا بمزيد من الوقت والفرصة للعب، وأن يكون هناك وقت للطفل ليكون طفلًا، إذا كنا نحبهم ونريد أن يزدهروا، وهنا يختلف الخبراء مع الآباء والأمهات والمعلمين الذين يقللون من وقت اللعب لحساب الحصص والفصول الدراسية، معتقدين أن تقييد الوقت يصب في صالح النمو.
لكن العلماء أوضحوا أن اللعب الحر ليس مجرد شيء يحب الأطفال القيام به، بل إنه شيء يحتاجون إلى فعله، فاللعب يبقي الأطفال نشطين جسديًا، كما أنه يزيد نشاط عقولهم وإبداعاتهم أكثر من أي شيء آخر، كما يعلمهم كيفية العمل معًا، وفي الوقت نفسه كيف يكونون وحدهم، فإنه يعلمهم في الواقع كيف يكونون بشرًا.
ويعتقد العلماء أن اللعب أثناء الصغر يعمل على تقوية وفرة خلايا الدماغ القشرية؛ ما يساعد في عملية النضج، وقد تكون العشوائية الظاهرة للعب هي عبقريتها السرية، ومما يميز البشر عن الحيوانات هو مدى الإبداع والمرونة والتكيف، فاللعب الحر يمكِّن الأطفال من الترفيه عن أنفسهم دون الحاجة إلى الكبار، ويتعلمون بوعي كيف يتكيفون مع التحديات التي سيواجهونها أكثر على الطريق، وهذا ينطبق بشكل خاص على مسرحيات التظاهر الأكثر تميزًا عند الأطفال، ويمكن اعتبار اللعب بهذه الطريقة لعبًا تعليميًا أفضل بكثير من وقت الشاشة.