كويت تايمز: بدأ مقاتلون وعائلاتهم أمس، الخروج من مدينة داريا الواقعة على بعد عشرة كيلومترات جنوب غرب دمشق، والمحاصَرة منذ 4 سنوات، في إطار اتفاق مع الحكومة السورية، يقضي بإخلاء المدينة.
ويعيش نحو 8 آلاف شخص في المدينة المجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز الاستخبارات الجوية.
وتوصّلت الحكومة والفصائل المعارضة في داريا، أول من أمس، الى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل الى إدلب شمال غربي البلاد، و4 آلاف من الرجال والنساء مع عائلاتهم الى مراكز إيواء، فضلا عن تسليم المقاتلين أسلحتهم.ونقلت الحافلة الاولى مجموعة، غالبيتها من النساء والأطفال والمسنّين، ورافقتها سيارة أمنيّة واخرى تابعة لـ«الهلال الأحمر» السوري.وأكد مصدر عسكري أن «الدفعة الأولى ستتضمن 300 مقاتل مع عائلاتهم» على ان تستكمل العملية اليوم، مردفاً أن «الذي لا يريد المصالحة سيذهب باتجاه إدلب، والذي يريد البقاء (…) سيذهب الى بلدة حرجلّة» في الغوطة الغربية.
من جهته، ذكر مجلس داريا المحلي أن «أفراد الاسر المدنيين سيتوجهون الى حرجلّة (…) ومن هناك سيتوزعون على المناطق التي يرغبون بالتوجه إليها».
ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، اذ كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الاسد في مارس 2011، كما انها خارجة عن سلطة النظام منذ اربع سنوات، بعدما تحولت الاحتجاجات الى نزاع مسلح، وهي من اولى البلدات التي فرض عليها حصار.
وقال ناشط في المدينة، طلب عدم كشف اسمه: «هناك قهر كبير بين السكان. ذهبت الامهات الى المقابر لتوديع شهدائهن، لقد بكين على داريا اكثر مما بكين حين سقط الشهداء».
بدورها، عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها، مشدّدة على أنه «ينبغي عدم إجلاء المدنيين إلا إذا كان ذلك آمنا تماما».وصرّح منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين: «نواصل المطالبة بالوصول إلى داريا بحرية وأمان، وندعو جميع الأطراف إلى ضمان أن يكون أي تحرك للمدنيين آمنا وطوعيا ويتماشى مع المبادئ والقوانين الإنسانية الدولية».
في سياق موازٍ، قصفت المدفعية التركية مواقع للأكراد قرب مدينة منبج في حلب، خلال محاولتهم كسب أراض جديدة غرب نهر الفرات، متجاهلين طلباً من أنقرة وواشنطن بالانسحاب إلى الضفة الشرقية للنهر، كما واصل الجيش التركي، لليوم الثالث على التوالي، إرسال المزيد من الدبابات إلى الحدود السورية.
وبعد سيطرتها على قرية العمارنة قرب مدينة جرابلس شمال حلب، إثر اشتباكات مع «وحدات حماية الشعب» الكردية، الجناح العسكري لحزب «الاتحاد الديموقراطي الكردي» السوري، والعمود الفقري لـ «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، أمهلت المعارضة السورية القوات الكردية ثلاثة أيام، للانسحاب من غرب الفرات.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء بنيلي يلدريم أن بلاده ستواصل عملياتها العسكرية على الجانب السوري، حتى تطهير المنطقة من «داعش» والمنظمات الارهابية الاخرى.وفي مؤتمر صحافي مع نظيره البلغاري بويكو بوريسوف في إسطنبول، قال يلديريم: «لايمكن لاي منظمة ارهابية ان تأسر الجمهورية التركية. اتخذنا بعض التدابير عند حدودنا الجنوبية لتفادي موجة جديدة من اللجوء وتطهير المنطقة (في إشارة إلى جرابلس ومحيطها في ريف حلب) من داعش والعناصر الارهابية الاخرى، كي لا يضطر المدنيون المقيمون فيها الى النزوح من منازلهم».
وعن التحليل الذي نشرته مجلة «دير شبيغل» الالمانية حول عملية «درع الفرات»، الذي رأى أن «الهدف من العملية هم الأكراد، وأن أنقرة أقدمت على الخطوة الأولى لاحتلال طويل الأمد»، ذكر يلديريم أن « هذه المجلة تعيش على كوكب آخر ولا تعلم ما يدور حول العالم. إن كانوا لايعرفون أي شيء فعليهم أن يستمعوا لتصريح نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولي الاتحاد الأوروبي والعالم بأسره».على صعيد متصل، اتفق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس، على تسريع جهود ايصال المساعدات الانسانية الى المدنيين في حلب.وذكرت وكالة «الأناضول» للانباء ان «أردوغان أطلع بوتين، خلال مكالمة هاتفية، على سير العملية الحالية التي يشنها الجيش التركي في شمال سورية.
وهذا الاتصال الهاتفي يمثّل احدث اشارة الى تحسّن العلاقات بين موسكو وانقرة بعد الاتفاق في يونيو الماضي، على تطبيع العلاقات، إثر تدهورها على خلفية ازمة إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية العام الماضي.
وفي جنيف، عقد وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف اجتماعا، أمس، لاستكمال بحث نتائج اجتماعاتهما التنسيقية في شأن الاوضاع الانسانية والامنية في سورية.
وناقش الجانبان الذي حضر جانبا منه مبعوث الامم الخاص الى سورية ستيفان دي مستورا، سبل تنسيق الجهود المشتركة في التصدي للارهاب ومعالجة الوضع الانساني في سوريا.