نعلم جميعًا مدى صعوبة الالتزام بالعلاج، وأن تغيير مثل هذا السلوك يمثل تحديًا كبيرًا للبعض. وهنا يحاول الخبراء تقديم طرق للمرضى للالتزام بنظام طبي فعال. وبحسب الخبراء، فإن الالتزام بالدواء مهم لعدة أسباب؛ منها أن ما يقدر بنحو 10% من جميع حالات دخول المستشفيات، ناتجة عن مرضى فشلوا في استخدام أدويتهم بأسلوب صحيح. وبحسب الإحصاءات المتاحة فإن الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تخسر ما يصل إلى 100 مليار دولار سنويًّا نتيجة الاستخدام غير الصحيح للأدوية الموصوفة؛ فما الذي يمكن عمله لمساعدة المرضى على تناول الأدوية الموصوفة بأسلوب صحيح؟
خبراء الصحة فكَّروا في الإجابة على مثل هذا السؤال منذ أكثر من عقد، فعملوا على دراسة مجموعة واسعة من الحالات تتطلب تكتيكات مختلفة من الالتزام، بدءًا من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية، وبرامج إنقاص الوزن إلى التصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، فاكتشفوا أن التزام الدواء يعتمد على ثلاثة أبعاد:
– عناصر الالتزام: حيث تم تحديد أربعة عناصر تعمل على الالتزام؛ هي: المريض وتجربته وأهدافه، والحالة وكيف تؤثر في حياة المريض، والعلاج من حيث نظامه والموارد المطلوبة والمدة، وشبكة الالتزام من الأصدقاء والأسرة والمهنيين والمؤسسات. وهذه العناصر تختلف اختلافًا كبيرًا من حيث المرضى والظروف المحيطة بكل منهم.
– رحلة الالتزام: وتتكون من ثلاث مراحل: التحضير، والبدء، والصيانة، وتشمل مرحلة الإعداد وفهم المريض للحالة ونتائجها، خاصةً إذا لم تعالَج، وتقييم خيارات العلاج المختلفة، بجانب نوع الالتزام اللازم لكل خيار؛ فإذا كان المريض متحمسًا لبدء دورة علاجية، فإنه يدخل مرحلة البدء التي يمكن أن تشمل اعتبارات عملية، مثل التغطية التأمينية، وجداول السفر لرؤية المتخصصين، والمسائل العملية مثل وجود إمدادات موثوقة من الأدوية، وتحديات الأنشطة اليومية، وحالما يصل المريض إلى حالة ثابتة من اتباع نظام يدخل مرحلة الصيانة التي تعتمد على اتباع الروتين المعتمد بشكل موثوق، وكذلك على العودة مرة أخرى بعد فشل الالتزام. وتشمل هذه المرحلة الصراع مع الآثار الجانبية والانتكاسات. وتتميز جميع هذه المراحل الثلاثة بنقاط صعود وهبوط.
– حلقة الالتزام: وتحتوي على ستة مكونات تجيب عن هذه الأسئلة: هل تعتقد أن العلاج سيعمل؟ هل يمكنك تحديد الطريقة التي سيساعد بها العلاج أو التغيير المقترح؟ هل تعرف كيفية استخدامه؟ هل يمكنك اتخاذ إجراء سريع عند الحاجة؟ هل لديك الموارد للعمل في المراحل المختلفة من رحلة العلاج؟ هل هناك مكافأة ذات مغزى لتعزيز العمل؟
وبحسب الخبراء، يتضمن الاعتقاد المعتقدات التي لديك بالفعل، بشرط أن تريد التغيير حقًّا، وسوف يساعدك العلاج على أن تنجح. وهذه المعتقدات هي جوهر النموذج العقلي الذي سيدعم خطواتك تجاه الالتزام؛ فكلما كان النموذج العقلي أكثر دقةً وتنافسًا، زادت قوة استخدامه. وعندما يكون الأشخاص تحت ضغط أو يحتاجون إلى إجراء مقايضات في تغيير مثالي، يمكن أن تساعد صحة النموذج العقلي. أما المكون المعرفي فيشمل معرفة ما يمكن توقعه في مراحل مختلفة من العلاج، ومع ذلك فإن معرفة ما يجب فعله ليست كافية؛ حيث سيحتاج المريض إلى مطالبات بالبقاء في المسار الصحيح لتناول جرعات في الوقت المناسب، ويجب أن تناسب هذه المطالبات بأسلوب مريح نمط حياة المريض، كما أن المريض يحتاج موارد مادية ومعرفية وعاطفية واجتماعية. والنقص في هذه الموارد سيقلل فرص الالتزام الناجح، وفي النهاية يحتاج المريض إلى مكافأة في حال التزامه.