وضع تقرير البنك الدولي في شأن التعليم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشرط الجراح على موضع الألم في مستوى التعليم بدولة الكويت التي صنّفها بالأخيرة خليجياً في عدد الساعات الفعلية للدراسة مقارنة بالسعودية والامارات والبحرين وقطر، فيما قال الخبير التربوي المتخصص في قيادة التغيير والتطوير الدكتور محمد الشريكة إن هذا التقرير ليس الوحيد الذي يسلط الضوء على معضلة حقيقية في الحقل التعليمي حيث ذكرت تقارير أخرى مشابهة الهدر في سنوات التعلم، وفي الأيام الفعلية التي يتم فيها ممارسة عملية التعلم داخل الفصل.
وبيّن الشريكة أنه على الصعيد العالمي «يقضي الطالب 12 سنة في التعلم الفعلي في ماليزيا والسويد وأستراليا ويتجاوز ذلك الى 14 سنة في سنغافورة و 13 سنة في كندا فيما لا يتجاوز في الكويت الـ6 سنوات ونصف السنة وهذا له أسباب كثيرة منها قلة أيام الدراسة الفعلية في التعليم العام (الأساسي)، حيث عبّر عدد كبير من أولياء الأمور عن قلقهم من طول فترة الاجازات وبالرجوع الى الإحصاءات الرسمية الصادرة من وزارة التربية نجد أن في العام 2016 صدرت إحصائية في شأن عدد الأيام الدراسية الفعلية للعام الدراسي الكامل وكان 134 يومًا دراسيًا هو نصيب المرحلة الابتدائية و 135 يومًا للمرحلة المتوسطة فيما بلغت الأيام الفعلية للدراسة في المرحلة الثانوية 157 يوما دراسيا فقط».
وأوضح أنه في إحصائية أخرى صدرت للعام الدراسي 2019/2018، فإن عدد الأيام الدراسية الفعلية للمرحلة الابتدائية والمتوسطة كان 144 يومًا و 162 يومًا للمرحلة الثانوية مبيناً أنه في تحليل بسيط لأيام الدراسة الفعلية لهذا العام 2020/2019 سنصل الى نتيجة ان الأيام الدراسية الفعلية لمرحلة الابتدائي في الفصل الدراسي الأول لم تتجاوز 55 يوما دراسيا فعليا حيث بدأ طلاب الصف الأول دراستهم بتاريخ 2019/9/8 وكان ختام المناهج بتاريخ 2019/11/24 ومع وجود عطلة المولد النبوي وهو ما يشير الى ان الأيام الدراسية الفعلية للمرحلة المتوسطة لم تتجاوز 53 يوما في الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الحالي.
وأضاف لم نجد الوضع في المرحلة الثانوية بحال افضل بل ان عدد الأيام الدراسية الفعلية اقل من المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وبمقارنة هذه الإحصاءات والاستقراءات عربيًا نجد ان الأيام الدراسية الفعلية في الكويت تقل عما هو معمل به في دولة الامارات، التي تصل الأيام الدراسية الفعلية فيها إلى 185 يوماً وتقل أيام الدراسية الفعلية في المرحلة الثانوية في الكويت بعدد 59 يومًا عما هو مقرر في الأردن وبالمقارنة الدولية نجد ان أيام الدراسة الفعلية في اليابان وسنغافورة تصل الى 220 يومًا دراسيًا، فيما تبلغ في استراليا واميركا 195 يومًا كمعدل عام.
وأكد «أن مثل هذه الإحصاءات يجب ألا تمر مرور الكرام فليس من المنطق ان يهدر وقت ابنائنا ومستقبلهم بهذه الطريقة بسبب اجتهادات فردية غير موفقة مبيناً أن المعمول به دوليا يؤكد ضرورة الا تقل أيام الدراسة الفعلية للطلبة عن 170 يومًا دراسيًا في السنة كمعدل عام».
وذكر أن ما بين أيدينا من ارقام واحصاءات يؤكد غياب الرؤية العلمية في ما يخص الخطط الدراسية مضيفاً «لعلنا كمتابعين للشأن التعليمي في الكويت نلاحظ ولاحظنا كيف ان التقويم الدراسي يتم تعديله بصورة مستمرة وان الخطط الدراسية تتغير بصورة مربكة للمعلمين وللطلبة فليس من المنطق ان يجلس طالب الصف الأول ابتدائي من تاريخ 2019/11/24 الى 2020/2/2 في المنزل دون ان تراعى الاحتياجات المعرفية لهذه الفئة، فهم بطبيعتهم شغوفون للتعلم وللاكتشاف، ولكن مع طول هذه الأيام المهدورة فإننا زرعنا فيهم الخمول وقتلنا لديهم الشغف والفضول».
واعتبر الشريكة مثل هذه الإحصاءات مؤشراً يوضح حجم القصور في منظومتنا التعليمية وكيف أن القضايا الفنية التي تمس مستقبل أولادنا يتم الاجتهاد فيها بطريقة تؤكد لنا بان الخلل يكمن بمَنْ يتصدر لهذه القضايا مشدداً على ضرورة ان يتم التخطيط بصورة افضل للخبرات التعليمية التي يجب ان تكون محورًا أساسياً في أي إصلاح.
مطلوب إصلاح حقيقي لفلسفة التقويم
انتقد الدكتور محمد الشريكة طول فترة الاختبارات والآلية التي تتم بها، متسائلاً «لماذا لا يكون لدينا اصلاح حقيقي لفلسفة التقويم وأدواتها؟، فالضغط الذي يتعرض له أولادنا خلال فترة الاختبارات التي تمتد في بعض الأحيان الى أسبوعين كبير والاعتماد الكبير على الاختبارات كأدوات تقويم يشير الى عدم رغبة في اصلاح التعليم في الكويت، فالدول التي تعتمد على التقويم المستمر كفلسفة يحقق طلبتها مواقع متقدمة في الاختبارات الدولية بعكس واقعنا».
واقترح الشريكة على وزارة التربية «ان تكون هناك خطط دراسية مركزية تتم صياغتها في قطاع المناهج مع ضرورة وجود سياسة عامة لتلك الخطط بألا تقل أيام الدراسة الفعلية عن 170 يوماً دراسياً فعلياً، وما نقصده بالفعلي هنا هو ان يكون يوماً دراسياً اعتيادياً وليس مخططاً للاختبارات او غيره من أنشطة لا يحدث فيها تعلم».