أكد وكيل وزارة الصحة الدكتور مصطفى رضا أن «انتشار فيروس كورونا المستجد ساخن ليس على مستوى الساحة المحلية فقط، ولكن على الساحة العالمية»، وأن الوزارة تعاملت بشكل جاد مع الأزمة منذ بداية ظهور الفيروس، بالتوازي مع مراقبتها الوضع العالمي والإقليمي بشكل دقيق.
ونفى بشكل قاطع أن تكون الإجراءات التي اتخذت في ما يتعلق بالتعامل مع مصر لها أي أبعاد سياسية أو اتخذت بضغط من نواب «الإخوان» المسلمين، بيد أنه أكد في الوقت نفسه أنها اتخذت انطلاقاً من المصلحة العامة والإحساس بالمسؤولية، وتحسباً لتكرار «النموذج الإيراني»، في إشارة إلى وجود تساؤلات عن حالات الإصابة بالفيروس في الجمهورية الإسلامية، حيث أعلن منذ البداية عن وجود حالتي وفاة فيما كان الوضع مختلفاً بالنسبة للدول الأخرى حول العالم حيث كانت تعلن الإصابات ومن ثم تعلن الوفيات.
كلام الدكتور مصطفى رضا جاء في برنامج «عشر إلا عشر» على قناة «الراي» الذي يقدمه رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم، حيث أكد في مستهل اللقاء أن «إشادة صاحب السمو أمير البلاد بالجهود المبذولة تاج على رأس جميع العاملين في القطاع الصحي، ودافع رئيسي لبذل المزيد من الجهد للحفاظ على الأمن الصحي في الكويت، وهو أكبر من أي مكافأة معنوية أو مادية»، مشيراً إلى أن إشادة سموه كافية لكافة العاملين في القطاع الصحي، الذين يعملون من أجل الوطن.
مصر
وفي ظل التساؤلات عن الإجراءات التي اتخذتها الكويت في ما يتعلق بوقف التأشيرات للمصريين وإخضاع المسافرين القادمين من مصر لفحوصات قبل ركوبهم الطائرة وبعد وصولهم إلى الكويت، أوضح رضا أن «الحالات المسجلة في جمهورية مصر العربية الشقيقة هي حالتان، إحداهما حالة تشافت وحالة تم تشخيصها قريباً، والمعلومات الخاصة بهما موجودة لدى منظمة الصحة العالمية، ولكن حسب علمي إحداهما كانت لوافد صيني في العقد الرابع من عمره».
وأشار إلى أنه تم «اتخاذ بعض الاجراءات بسبب التخوف من تكرار النموذج الإيراني، ولذا أخذنا إجراءات قبل ركوب القادم الطائرة وداخل الطائرة، وإجراءات بعد الوصول إلى مطار الكويت الدولي».
وأكد عدم وجود منع لمن لديهم إقامة من القدوم إلى البلاد، «ولكن لابد أن يمروا بالمراحل الثلاث للفحص وأن تثبت سلامتهم، بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية»، لافتاً إلى أن هناك موسماً للإجازات وآلافاً سيعودون من مصر وآلاف الطلبة سيرجعون إلى المدارس، «والأمن الصحي أمر أساسي لا يمكن التفاوض عليه ومن هذا المنطلق تأخذ الوزارة إجراءات أكثر شدة».
ونفى أن تكون للإجراءات التي اتخذت أي أبعاد سياسية، وإنما جاءت انطلاقاً من المصلحة العامة والإحساس بالمسؤولية، مشيراً إلى أن الوضع يعتمد على التقييم ويختلف من يوم لآخر، وأن منع رحلات الطيران إلى دولة ما يمكن إزالته بعد يومين أو ثلاثة وأخذ إجراء أسهل، أو يتم زيادة الإجراء، فالوضع يعتمد على التقييم والمراقبة بشكل دقيق لمصلحة الناس.
ونفى مطلقاً أن يكون هناك ضغط من جماعة «الإخوان المسلمين» لاتخاذ مثل هذه الاجراءات، مؤكداً أن «هذه الاجراءات جاءت بهدف مصلحة المواطن والمقيم، وليس المواطن فقط، فالجميع على أرض الكويت مسؤوليتنا».
إيران
وأوضح وكيل وزارة الصحة، خلال اللقاء، تفاصيل الإجراءات التي اتخذت خلال إجلاء المواطنين من إيران، مؤكداً أنها كانت سليمة ولم يكن هناك أي خطأ على الإطلاق، في ما يخص بداية إجلاء القادمين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع إجلاء 825 شخصاً.
وأشار إلى أن خطة الوزارة في التعامل مع القادمين كانت عبر ترتيب درجة خطورة المناطق القادمين منها، حيث تم التقسيم الى منطقتين عالية الخطورة… ومعتدلة الخطورة، «وبحسب التوصيات العالمية لا تعزل القادم، وإنما تحضره وتفحص حرارته وتخبره بأنه إذا حدثت معه أي أعراض يراجع الصحة الوقائية، لكن الوزارة اتخذت إجراءات أكثر شدة من التوصيات».
وبيّن الدكتور رضا أن «عملية الإجلاء تم تقسيمها على أساس الأعداد والبؤرة والمسافة ما بين المدن في الجمهورية الاسلامية الايرانية ودرجة خطورة المدينة (ب) معتدلة الخطورة مقارنة بالمدينة (أ) عالية الخطورة»، موضحاً أن «المسافة بينهما تبلغ 630 كيلومتراً، وقد تم وضع برتوكول متشدد بأن يتم فحص جميع القادمين على الطائرات من المدينة (ب) أولاً عبر الفحص الاعتيادي، وملء استمارة المراقبة، وأخذ عينات من الكواشف المخبرية داخل مطار الشيخ سعد لكامل القادمين، وقد تم تحديد العزل المنزلي لجميع المسافرين الـ825 القادمين من المدينة (ب) من دون استثناء».
وأضاف أن «البؤرة الأساسية للفيروس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت المدينة (أ)»، في إشارة إلى مدينة قم، موضحاً أن «هناك مواطنين كانوا عالقين في مدن أخرى تبعد مئات الكيلومترات والأميال عن المدينة مركز العدوى، ولم تكن هناك حالات فيها، كما الحال في جمهورية الصين الشعبية، حيث كانت بؤرة الفيروس مدينة ووهان والمدن المحيطة بها، بينما المدن الثانية كانت بها حالات قليلة جداً أو لم يوجد بها أي حالات».
وأوضح أنه «مع بدء إجلاء القادمين من إيران من المدينة (ب) وهي المعتدلة الخطورة في رحلات متكررة، تم اختيار فريق طبي من الكويت لركوب الطائرة الأولى وفحص المسافرين هناك، والتأكد من سلامتهم قبل ركوب الطائرة، حتى يتسنى لنا التدرج في إرسال طائرات الإجلاء بحسب درجة الخطورة… السليمة فالأخطر فالأخطر».
وتطرق رضا إلى الأجواء المحيطة بالتعامل مع الوضع في إيران مع الإعلان عن حالتي إصابة وحالتي وفاة، قائلاً إنه «في العادة تكون الإصابات أكثر بكثير من الوفيات، فيما في الجمهورية الايرانية بدأنا بالوفيات في مدينة من المدن الايرانية المكتظة، التي تشهد كثيراً من الزيارات والحركة القادمة من خارج الجمهورية الايرانية، ما يعني أنه يوجد خلل… وإزاء ما حدث أستذكر اتصال وزير الصحة الشيخ الدكتور باسل الصباح يوم الأربعاء ليلاً عند الساعة العاشرة والنصف وقد وجه بالحديث والتنسيق فوراً مع الطيران المدني والداخلية والخارجية لإيقاف الرحلات الجوية والبحرية والبرية التي تأتي عن طريق العراق».
وأشار إلى التواصل مع الجهات المعنية وإبلاغهم هاتفياً، مشيداً بتفهمها وتعاونها ببدء التنفيذ وإيقاف الرحلات فوراً بسبب الوضع الذي لاحظناه وراقبناه وتخوفنا منه.
وأضاف انه «في صبيحة اليوم التالي تم إرسال الكتاب لأنه في الأمور التي تخص الأمن الصحي يتم التنفيذ فوراً لوجود تفاهم على أعلى مستويات بين الوزراء والقياديين في كافة الوزارات ذات الاختصاص، ونتج عن هذا الأمر، موضوع إجلاء المواطنين العالقين في الجمهورية الايرانية».
التنسيق والتكامل
وأشاد الدكتور رضا بأوجه التنسيق والتكامل بين مختلف جهات وقطاعات الدولة، من أجل حماية الأمن الصحي في البلاد، مشيراً إلى الإجراءات الاحترازية المبكرة مع ظهور الفيروس عبر مركز اللوائح الصحية الدولية، وتشكيل فريق من قبل مجلس الوزراء يضم كافة الجهات والوزارات ذات الصلة في الدولة، من الخارجية والداخلية والدفاع والحرس الوطني والزراعة وهيئة الغذاء والموانئ والجمارك والتربية والتجارة، مثنياً على جهود العاملين في تلك الجهات بهدوء وصبر وتعاون كامل وعدم تململ نهائياً، وعبر قناعة واضحة بأن العمل الجماعي كفريق هو الأساس للتغلب على هذه المشكلة.
وأشار إلى عدم وجود أي روتين في ما يخص الإجراءات التي تم القيام بها، وإنما كان هناك إنجاز يليه إنجاز، وهناك أهداف محددة في الجهات كافة، وكل يعرف ما عليه وما يجب أن يقوم به، معرباً عن تفاؤله بأن تنتهي المشكلة عما قريب عبر هذا التعاون.
متابعة منذ اليوم الأول
وأكد رضا أنه منذ اليوم الأول لظهور الفيروس في مدينة ووهان الصينية كانت هناك متابعة لصيقة من قبل مركز اللوائح الصحية في الوزارة مع منظمة الصحة العالمية للأوضاع في جمهورية الصين ومتابعة لارتفاع الأعداد، حيث قامت المنظمة في يناير بعقد اجتماع للجنة الطوارئ وإرسال توصياتها للدول الأعضاء، ومنها دولة الكويت، وفي اليوم التالي مباشرة وجه وزير الصحة الشيخ الدكتور باسل الصباح بتفعيل لجنة الطوارئ المركزية، وترأس لجنة اللوائح الصحية الدولية بوجود القطاعات والجهات كافة، وأصدر كثيراً من التوجيهات الخاصة بتنفيذ كثير من الإجراءات لزيادة الوعي، وزيادة الترصد، وكذلك الاستعداد بتوفير الاحتياجات كافة، وإقامة ورش تدريبية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لمدة 3 أيام لتدريب الكوادر في شأن آلية تنفيذ اللوائح الصحية الدولية، وخاصة في المنافذ الحدودية.
وأشار إلى أنه مع بداية تزايد أرقام الاصابة بشكل كبير، وجه الوزير بالتواصل مع الجهات ذات الاختصاص وهي وزارة الخارجية والداخلية والطيران المدني لايقاف اصدار سمات دخول لمواطني جمهورية الصين، بالإضافة الى عدم السماح للقادمين من جمهورية الصين بدخول البلاد، إذا كانت الصين المحطة الرئيسية السابقة لوصولهم لدولة الكويت و«قد انتقدنا على هذا الاجراء الذي تم تطبيقه بالتوالي على دول أخرى ظهرت فيها أعداد من هذا الفيروس، كخطوة لاعطاء الفرصة للوزارة لتكثيف الاستعدادات، لأن الصين دولة كبيرة اقتصادياً وسكانياً، ولها تواصل وتداخل في كثير من الاقتصاد الدولي سواء في الكويت أو دول المنطقة أو دول العالم، وكون الفيروس ناتج وصادر من جمهورية الصين فهناك احتمال كبير من انتقاله عبر وسائل النقل المختلفة وخاصة الجوية، إلى كثير من الدول وهذا ماحدث، حيث بدأ بالانتقال إلى تايلند، وانتشر في المحيط الصيني، إلى أن وصل اليوم إلى أكثر من 67 دولة».
«طلبنا 12 شخصاً للسفر إلى إيران فتواجد 21 جميعهم كويتيون وأكثرهم نساء»
أشاد الدكتور مصطفى رضا بالفريق الطبي الكويتي الذي سافر في الرحلة الأولى لإجلاء المواطنين من الجمهورية الاسلامية الايرانية، كاشفاً أنه تم إبلاغ أعضائه بالسفر منتصف الليل، وتواجدوا بالمطار الساعة 6 صباحاً.
وأضاف انه «فيما تم طلب 12 شخصاً تواجد 21 جميعهم كويتيون وأكثرهم من النساء… وأُسمي هذا نوعاً من الجهاد حيث آثروا أن يكونوا في الصفوف الأمامية، والتعرض لخطر الإصابة من أجل المواطنين»، مشيراً إلى أنه «لأسباب معينة لم تفلح الجهود في نزول الفريق في طهران وعاد مع الطائرة».
توقعات سليمة بشأن إيران
أكد الدكتور رضا أن توقعات وزارة الصحة في شأن المدينة «أ» مقارنة بالمدينة «ب» صحيحة مئة في المئة، وتم وضع القادمين منها في الحجر الاجباري، وتم أخذ العينات وعند ظهورها كنا مرة أخرى على صواب حيث كانت نتائج المدينة «أ» مختلفة جداً عن المدينة «ب».
وأوضح أن من بين الـ825 القادمين من المدينة «ب» كان هناك حالتي إصابة تبين زيارتهما أيضاً للمدينة «أ»، وقد جرى لهما الفحص وعند ظهور النتائج بتأكيد إصابتهما تم حجرهما، مشيراً إلى تطبيق الحجر الإجباري على كامل القادمين من المدينة «أ».
تفهم لتذمر بعض المسافرين
أبدى الدكتور رضا تفهمه لحالة القادمين من السفر وتذمرهم في البداية من الاجراءات نظراً لطبيعة السفر والانتظار لساعات حتى الاجلاء، مؤكداً أنه بعد الحديث والشرح والتوضيح لهم تفهموا الوضع وأصبح كل شيء على ما يرام.
دول كثيرة سارت على خطى الكويت
أشاد رضا بالإجراءات المشددة التي اتخذتها السلطات الصينية للحد من انتشار الفيروس، مثل إغلاق مدن بالكامل، وجامعات ومصانع وشوارع ومدارس في ظل تزايد معدلات حالات الاصابة والتي كانت تصل إلى نحو 3 إلى 4 آلاف يومياً، وهو ما تغيّر الآن حيث وصلت أرقام الإصابة إلى الأرقام العشرية، تزامناً مع ارتفاع معدلات الشفاء.
ولفت إلى أنه لولا الإجراءات المشددة والقاسية التي اتخذتها الصين «لكانت هناك مشكلة أكبر بكثير»، مشيراً إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الكويت لم تصل إلى ما اتخذته الصين، «لكنها كانت مشددة أكثر وأسبق من كثير من دول العالم التي تبعت الكثير منها خطى دولة الكويت في اتخاذ مثل هذه الإجراءات».
الغملاس: الإجراءات في المحاجر تُقاس بدرجة الفائدة أو الضرر
أكد مدير الصحة العامة الدكتور فهد الغملاس أن «وزارة الصحة اتخذت خطوات استباقية وهي أفعال وليست ردود أفعال»، معرباً عن جهوزية الوزارة للتعامل مع أي طارئ في مجال الصحة العامة.
وأشار إلى «وجود بعض التحديات في بداية أي عمل، وإزاء عمليات الاجلاء التي تمت بأعداد كثيفة، ورغم الاستعدادات، والتحضيرات كان هناك تحديات في المحجر الصحي في الخيران وقد تم تداركها خلال 24 الى 48 ساعة»، مؤكداً أن الوضع مطمئن جداً والناس راضية جداً.
وأفاد أن «الإجراءات التي تتخذها الوزارة في المحاجر تقاس بدرجة الفائدة أو الضرر، وإن كان هناك أي إجراء قد يستفيد منه المتواجدون ولا يضر صحتهم فبالتأكيد نحاول توفيره».
وأشار إلى تبدل الحالة المزاجية للأشخاص في المجحر الصحي 180 درجة الى الأفضل، مقارنة ببداية قدومهم الى جانب تعاونهم وحرصهم على البلد وأهلهم وذويهم، لافتاً إلى كمية الإطراء التي يتلقونها والدعوات الجميلة التي يسمعونها منهم وهي تكفيهم.
الحساوي: 4 شروط للتشافي الكامل
أكد رئيس الفريق العلاجي المشرف على الحالات المصابة الدكتور منذر الحساوي أن الفريق المشرف على الحالات يضم أطباء من مختلف التخصصات (الباطنية والعناية المركزة والأمراض التنفسية والأمراض المعدية)، مشيراً إلى أن مثل هذه الحالات تتطلب وجود تدخلات من تخصصات عدة.
وأوضح الحساوي، في مداخلة خلال البرنامج، أن «التشافي بذهاب كل الأعراض الاكلينكية وسلامة الصور الإشعاعية والمسحات مع تأكد إعادة سلامتها بعد إعادتها، وإن توافرت الشروط الأربعة يمكن أن نقول إن هذا الشخص تشافى من الفيروس».
ولفت إلى أن طبيعة الفيروس لم تتم معرفتها الى الآن وكل يوم هناك دراسات ومعلومات بشأنه، مشيراً إلى متابعة آخر التطورات العلمية بالتنسيق والتواصل المباشر مع منظمة الصحة العالمية.
وأكد أن من سيعلن عن شفائهم ستتم متابعتهم، لافتاً إلى أن «الحالات التي سجّلت عودة الفيروس إليها، كانت حالات محدودة في الصين».