انتقلت الولايات المتحدة من رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد على أراضيها في نهاية يناير الماضي، إلى تسجيل أكثر من مئة ألف، حتى يوم أمس، لتحتل بذلك المرتبة الأولى في العالم بإصابات «كوفيد – 19».
كما قضى أكثر من 1700 شخص، غير أن نسبة الوفيات تبقى أدنى بكثير مما هي في العديد من الدول الأوروبية.
وتستعد ولاية نيويورك، العاصمة الاقتصادية، لعاصفة من المصابين. ويتوقع المحافظ اندرو كومو، أن يصل العدد إلى الذروة منتصف أبريل المقبل، وهو الوقت الذي تجد فيه مستشفيات الولاية نفسها غير قادرة على استيعاب أعداد المصابين.
ومع نهاية الأسبوع، تخطى عدد مصابين نيويورك وحدها، الـ45 ألفاً، بينهم نحو 500 شرطي، (وأكثر من 500 وفاة)، ما دفع حكومة الولاية، بدعم من الحكومة الفيديرالية في واشنطن، الى الانخراط في سباق مع الوقت لبناء وتجهيز مستشفيات موقتة في قاعات رياضية وقاعات مؤتمرات ومبانٍ ضخمة.
وكان كومو طلب من المستشفيات زيادة طاقاتها الاستيعابية بواقع 50 في المئة، وبعضها قام بزيادتها مئة في المئة بإضافة أسرّة وأجهزة تنفس اصطناعي. لكن ورغم ذلك، لا تزال نيويورك وبقية الولايات، تعاني نقصاً حاداً في كل أنواع المستلزمات الطبية، بما فيها الأقنعة الوقائية للطاقم الطبي والقفازات.
وغالباً ما تتولى الحكومة الفيديرالية تزويد الولايات بما تحتاجه في حالات الطوارئ، لكن أداء إدارة الرئيس دونالد ترامب يبدو مخيباً للآمال، على الأقل، حسب تصريحات بعض المحافظين.
يضاف الى بطء واشنطن في دعم الولايات، الكيدية التي يتمسك بها الرئيس، حتى في أوقات الطوارئ والأزمات، فهو قال علناً، الجمعة، انه طلب من نائب الرئيس مايك بنس الإحجام عن الاتصال بمحافظي الولايات ممن لا يبدون ممنونية لترامب وإدارته.
وأعلن ترامب في إطلالته الصحافية، أنه أصدر مرسوماً تشريعياً، بموجب «قانون الدفاع والطوارئ» فرض فيه على شركة «جنرال موتورز»، بوقف إنتاجها على أنواعه واستبداله بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي.
وقال إن «في المئة يوم المقبلة ستصنع الولايات المتحدة 30 ألف جهاز تنفس اصطناعي».
كما وقع ترامب، يوم الجمعة، أمراً تنفيذياً يفوض وزيري الأمن الداخلي والدفاع لاستدعاء جنود الاحتياط في الجيش وخفر السواحل للخدمة.
وبموجب القرار، تم تفويض الوزيرين بإصدار أمر استدعاء لجنود الاحتياط من الجيش والبحرية وسلاح الجو وخفر السواحل للخدمة لمدة تصل إلى سنتين «بعدد لا يتجاوز مليون فرد في الخدمة في أي وقت».
وفيما تسابق الولايات الأميركية الزمن للاستعداد لـ«عاصفة كورونا» المقبلة، انصب اهتمام عدد كبير من المراقبين الأميركيين على مجريات الأحداث في الدول التي سبقت بإجراءاتها الولايات المتحدة، مثل الصين وإيطاليا واسبانيا. وتحادث الرئيس الأميركي مع نظيره الصيني شي جينبينغ، وبث بعدها تغريدة كانت الأولى من نوعها التي لم يشر فيها الى «كوفيد 19» باسم «الفيروس الصيني»، على ما دأب على فعله منذ أسابيع.
وكان المسؤولون الأميركيون والمراقبون استبشروا خيراً بأن عدد الإصابات في إيطاليا بلغت ذروتها، اذ أظهرت عدد الاصابات الجديدة الأسبوع الماضي تراجعاً طفيفاً، لتعاود الارتفاع مع نهاية الأسبوع.
ويعتبر الخبراء أن الذروة تعني بدء أعداد الاصابات الجديدة بالانخفاض تدريجياً، كما يحصل في الصين وكوريا الجنوبية. على أنه حتى الصين، التي تسجّل الحالات الجديدة فيها زيادات بمعدل 50 إصابة يوميا، لا تزال في دائرة الخطر، ولا تزال غير قادرة على رفع الحظر الذي تفرضه على مساحات كبيرة من محافظاتها، إلا جزئياً.
ومع نهاية الأسبوع أيضاً، أقرّ الكونغرس رزمة المساعدة المالية التي يقدمها الى الشعب الأميركي، والتي بلغت قيمتها تريليونين و200 مليار دولار. ووقع ترامب القانون الذي صار نافذاً، ومن المتوقع ان تقدم الحكومة الفيديرالية دعماً للشركات الكبرى والأعمال الصغرى حتى تكفل مواصلة هؤلاء تسديد رواتب موظفيهم القابعين في منازلهم بسبب الحجر المتواصل.
كما من المتوقع ان يحصل 90 في المئة من الأميركيين على شيكات من حكومتهم بالبريد بواقع 1200 دولار لكل راشد، و500 دولار لكل أميركي تحت سن الرشد، أي تحصل العائلة المؤلفة من أربعة أشخاص على 3400 دولار. أما هدف ضخ هذه الأموال فهو مساعدة الأميركيين في الإنفاق على حاجاتهم الأساسية حتى نهاية الحظر، في وقت قال عدد من أعضاء الكونغرس ان الحكومة الفيديرالية قد تقوم بإقرار مساعدة مشابهة في غضون ثمانية أسابيع، في حال استمرار الحظر.
في هذه الأثناء، أعلن المصرف المركزي الأميركي أن كمية الأموال التي ضخّها على مدى الأسبوع الماضي تعدت نصف تريليون دولار، منها 50 ملياراً للمصارف المحلية، و206 مليارات لحكومات العالم ومصارفها. ويستعد المصرف لفتح خطوط اعتماد، للمرة الأولى في تاريخه، للشركات التجارية على مختلف أحجامها.
وفيما تواصل حكومات الولايات الأميركية استعدادتها للعاصفة المرتقبة، وفيما يواصل الكونغرس والاحتياطي الفيديرالي ضخ الأموال لمساندة الاقتصاد في وقت يجلس الأميركيون في بيوتهم محجورين، يتوقع الخبراء أن يصل عدد المصابين بالفيروس، الذروة منتصف أبريل، ويتوقعون أن تبدأ الولايات التخفيف من الحظر جزئياً آواخر مايو، وهذا في أحسن الأحوال، وقد يتمدد الحظر حتى نهاية يونيو أو حتى نهاية يوليو.
وكان عدد من الولايات، مثل فرجينيا، أعلنت نهاية العام الدراسي، على أن تنظر في من يتم ترفيعهم من الطلاب في الخريف مطلع العام الدراسي المقبل. ومددت ولايات أخرى، مثل ميريلاند، العطلة المدرسية والرسمية حتى 24 أبريل، مع احتمال تمديدها مجدداً مع حلول هذا التاريخ.
الولايات المتحدة، تعيش حالياً في فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة. الأرقام مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، لكن قياسا على عدد الأميركيين، البالغ أكثر من 330 مليوناً، لا يزال عدد المصابين منخفضا نسبيا. على أن العاصفة لا تزال في أولها، وهمّ الأميركيين الأول يكمن بـ«تسطيح المنحنى» حتى تتكمن المؤسسات الصحية من استيعاب أكبر عدد ممكن توالياً، وليس دفعة واحدة، في انتظار توصل العلم الى دواء أو لقاح يبدو أنهما ما زالا بعيدي المنال.
جهاز «محمول» يحدّد الإصابة بخمس دقائق
ابتكرت شركة أميركية، جهازاً «محمولاً» قادراً على تحديد إصابة الأشخاص بفيروس كورونا المستجدّ في خمس دقائق أو تأكيد عدم إصابته في 13 دقيقة.
وأعلنت مختبرات «أبوت» في بيان، الجمعة، ان إدارة الأغذية والأدوية الأميركية أعطتها الإذن للبدء في إنتاج هذه الأجهزة التي ستتمكن من توفيرها للعاملين في مجال الرعاية الصحية، خلال الأيام المقبلة.
وسيتم إجراء الاختبارات باستخدام جهاز محمول بحجم محمصة خبز صغيرة يعمل على التقنية الجزيئية.
وأوضح روبرت فورد، المسؤول في الشركة: «سوف تتم محاربة وباء «كوفيد- 19» على جبهات متعددة، وسيساعد هذا الجهاز في مواجهة الوباء من خلال قدرته على إعطاء النتائج في دقائق». وأضاف أنه بفضل حجمه الصغير، يمكن استخدام الجهاز خارج المستشفيات.