أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن تفشي فيروس كورونا المستجد «أظهر أن عصر العولمة قد انتهى»، لافتاً إلى أنه لن يعيد التفاوض مجددا بشأن الاتفاق التجاري مع الصين، في وقت حذّرت منظمة الصحة العالمية، من أن الفيروس «قد لا يختفي أبداً»، وقد يتحول إلى مرض سيكون على البشرية تعلّم التعايش معه، بينما حذر مسؤول أميركي، أُزيح من رئاسة مؤسسة صحية مهمة، أمام الكونغرس، من إمكان أن تواجه الولايات المتحدة العام الحالي «الشتاء الأكثر قتامة» منذ عقود، في حال فشلت في نشر أدوات مواجهة منسقة لوباء «كوفيد – 19» الذي تجاوزت حصيلة وفياته الـ 300 ألف في العالم.
وقال ترامب، إن أمله خاب كثيراً في الصين. وأضاف في مقابلة مع شبكة «فوكس بيزنس»، أمس، أنه لا يريد التحدث إلى نظيره الصيني شي جينبينغ في الوقت الحالي.
كما تحدث عن امكانية قطع كل علاقة مع بكين.
وكان الرئيس الأميركي شن مساء الأربعاء هجوماً عنيفاً على الصين عبر «تويتر»، ملمحاً إلى تعمدها نشر الفيروس المستجد لأسباب تجارية. وغرد قائلاً: «بمجرد التوقيع على اتفاق تجاري، فوجئ العالم بوباء مصدره الصين».
كما قال إنه أكد مراراً على أن «التعامل مع الصين أمر مكلف جداً»، مضيفاً «لا يمكن لمئة اتفاق تجاري أن تعوض أرواح الأبرياء».
ولا تكف واشنطن عن تحميل سلطات بكين، مسؤولية الأزمة الخطيرة التي أدت إلى توقف قطاعات اقتصادية كاملة عن العمل، إلى جانب الحصيلة البشرية الهائلة (4,5 مليون إصابة).
واتهم مكتب التحقيقات الفيديرالي (أ ف بي آي)، الأربعاء، قراصنة معلوماتيين وباحثين وطلاب على ارتباط بالصين بسرقة معلومات من معاهد جامعية ومختبرات عامة في الولايات المتحدة.
ورفضت بكين، الاتهامات لها بمحاولة قرصنة الأبحاث الأميركية للتوصل الى لقاح، معتبرة أنها تهدف الى «التشهير بها».
وأعلن ترامب، من ناحية ثانية، أنه على خلاف مع كبير خبراء الأوبئة أنتوني فاوتشي، بشأن إعادة فتح المدارس.
وحذر فاوتشي أمام مجلس الشيوخ الثلاثاء، خلال جلسة استماع عبر دائرة الفيديو، من العواقب الوخيمة المحتملة إذا رفعت الولايات المتحدة بسرعة القيود. وأوضح أن اللقاح لن يكون متوافراً في تاريخ استئناف الدراسة، ونصح الولايات الراغبة في رفع تدابير الاحتواء باتخاذ الحيطة.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض، الأربعاء، «فوجئت بجوابه»، موضحا أنه «بالنسبة لي، هذه ليست إجابة مقبولة خصوصاً في ما يتعلق بالمدارس». وأضاف: «سنعيد فتح بلادنا والناس يريدون إعادة فتحها وسيتم فتح المدارس».
الشتاء الأكثر قتامة
من جانبه، أعلن ريك برايت، المسؤول الصحي رفيع المستوى الذي أقاله ترامب أخيراً، أمام الكونغرس، أمس، ان الولايات المتحدة ليست «مستعدة» بدرجة كافية لمواجهة الفيروس.
وأضاف أنه في غياب تنسيق في التعامل معه، سيسجل «تزايد في الإصابات في الخريف»، وسيذكر «شتاء 2020 على أنه الأكثر قتامة في التاريخ الحديث».
وتمت إزاحة برايت الشهر الماضي من منصبه كرئيس لـ «هيئة البحث والتطوير المتقدم للطب الحيوي» (باردا)، وهي الوكالة المكلفة بتطوير لقاح ضد الفيروس، وتم نقله الى منصب أقل أهمية في «المعاهد الوطنية للصحة».
وبينما بدأت دول ترفع تدريجياً القيود المفروضة للحدّ من انتشار الوباء القاتل الذي ظهر في الصين في ديسمبر الماضي، أطلقت منظمة الصحة العالمية رسالة مقلقة.
وقال مدير القضايا الصحية العاجلة مايكل راين في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت في جنيف، ليل الأربعاء: «لدينا فيروس جديد يخترق البشرية للمرة الأولى، لذلك من الصعب جداً القول متى يمكن دحره».
وأضاف: «هذا الفيروس قد يصبح مستوطناً في مجتمعاتنا وقد لا يختفي أبداً».
والنقطة الثانية المثيرة للقلق، هي ما كشفته دراسة من أن الفيروس يمكن أن ينتقل بالكلام وليس فقط عن طريق السعال والعطاس.
فقد أظهرت الدراسة حول دور رذاذ اللعاب في مجلة «محاضر الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية» (PNAS)، أن جسيمات اللعاب الصغيرة الناتجة عن الكلام يمكن أن تبقى معلقة في الهواء مدة 12 دقيقة. وقد كشف ذلك في اختبار استخدمت فيه أشعة الليزر لتسليط الضوء على هذه الجسيمات.
ومع أخذ تركّز الفيروس في اللعاب في الاعتبار، قدّر العلماء أن كل دقيقة من التكلم بصوت عالٍ يمكن أن تولّد أكثر من ألف من الجسيمات التي تحتوي على الفيروس قادرة على البقاء في الهواء لمدة ثماني دقائق أو أكثر في مكان مغلق.
مسألة الحدود
وتشكل مسألة إعادة فتح الحدود أحد محاور الجدل. فقد عبرت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، عن أملها في إعادة فتح الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي بـ«التشاور» و«بعيداً عن التمييز»، لمنع انهيار قطاع السياحة الذي يمثل 10 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي و12 في المئة من الوظائف في التكتل.
وتواصل سلطات دول العالم تخفيف إجراءات العزل تدريجياً، مع توقف هنا وتراجع هناك في بعض الأحيان.
وأفادت دراسة نشرتها الحكومة الإسبانية، بأن 5 في المئة فقط من السكان أصيبوا بالفيروس، رغم أن هذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 10 في المئة في مدريد ومناطق في وسط البلاد.
وتعد إسبانيا واحدة من أكثر الدول تضرراً جراء الوباء، إذ سجلت أكثر من 27 ألف وفاة ونحو 271 ألف إصابة مؤكدة.
وأظهرت دراسة مماثلة نشرت في فرنسا، الأربعاء، أن أقل من 10 في المئة من السكان أصيبوا بالمرض في منطقة باريس وفي شمال شرقي البلاد، وهما أكثر المناطق تضرراً، وذلك مقابل 4,4 في المئة على الصعيد الوطني.
في البرازيل، ارتفع عدد الإصابات المسجلة إلى 190 ألفاً، متجاوزة فرنسا، حيث بلغ عدد الإصابات المؤكدة والمشتبه فيها 178 ألفاً، لتصبح سادس أكثر دول العالم تضرراً.
والدول الخمس التي سجلت إصابات أكثر من البرازيل، هي الولايات المتحدة وإسبانيا وروسيا والمملكة المتحدة وإيطاليا.
وسمحت وزارة الصحة البوليفية، الأربعاء، باستخدام عقار يسمى «إيفرميكتين» مضاد للطفيليات ويستخدم عادة في الطب البيطري، لمعالجة «كوفيد – 19».
نتائج سلبية خاطئة
إلى ذلك، أظهرت دراسة أجراها باحثون في معهد «نيو لانغون هلث» في جامعة نيويورك، بأن اختباراً سريعاً للفيروس يروّج له ترامب ويستخدم لفحص مسؤولي البيت الأبيض، أعطت نتائج سلبية خاطئة في نصف الحالات تقريباً.
وجرت مقارنة الاختبار الذي صنعته مختبرات «أبوت» ويظهر نتائج إيجابية في خمس دقائق وسلبية في 13 دقيقة، بالأجهزة التي تحتاج إلى 45 دقيقة لتعطي النتيجة.
ووجد الباحثون أن اختبار «أبوت» أظهر نتائج سلبية خاطئة في نحو ثلث الحالات التي نقلت فيها العينة المأخوذة باستخدام مسحة أنفية في محلول سائل، و48 في المئة عندما بقيت جافة، وهي الطريقة التي أوصت بها الشركة.
واعترضت المختبرات على نتائج الدراسة التي لم يراجعها بعد باحثون مستقلون، واعتبرت انه ليس واضحاً أن العينات أخذت بشكل صحيح.
في أفريقيا التي نجت نسبياً من الوباء الذي أودى بحياة 2500 شخص في القارة، تدلّ مؤشرات على أن هذه الحصيلة أقل بكثير من الواقع. إذ يثير الارتفاع الكبير في عدد الوفيات لأسباب غامضة بمعظمها في شمال نيجيريا، مخاوف من انتشار واسع للفيروس، مع انتشار أمراض أخرى يمكن أن تهمل في هذه المنطقة التي تعد من الأفقر في العالم.
وقال الطبيب إبراهيم موسى الذي يعمل في المنطقة إنهم «لا يدركون حجم الزلزال المقبل».
من جهة أخرى، أعاد متظاهرون مسلمون الأربعاء، فتح مساجد مغلقة منذ مارس في غينيا لمحاولة منع انتشار الوباء، بالقوة، بحسب شهود ومتظاهرين ومسؤول محلي.