استعرضت الجمعية الاقتصادية تداعيات قرار هيئة أسواق المال في شأن إلغاء تداولات البورصة الأربعاء الماضي، إذ اتفق المتحدثون الرئيسيون على أن ما جاء بقرارها كان خطأً جسيماً.
من ناحيته، أكد عضو مجلس الأمة الدكتور بدر الملا، أن قرار الهيئة أثار تحفظاً كبيراً من الأوساط المحلية والعالمية، لكونه سابقة هي الأولى من نوعها يتم من خلالها إلغاء تداولات جلسة كاملة لسوق المال.
وقال الملا خلال مشاركته بالندوة التي شهدت مشاركة 120 شخصية قيادية اقتصادية، إن «القرار يمثل خطأً فاحشاً، ولا أعرف أين تحدث مثل هذه السقطة الكبيرة، خصوصاً وأن ما حدث لدى إعلان اتحاد المصارف عن بيانه حول عدم توزيع البنوك للأرباح بسبب الإجراءات التحوطية وما ترتب عليه، لا يرقى لوصفه بكارثة أو أزمة كي تلجأ الهيئة لتطبيق المادتين 44 و57 من القانون رقم 7 لسنة 2010».
وأفاد الملا بأن اتحاد المصارف ليس لديه حساب تداول كي يستفيد من مثل هذه المعلومات كما يمكن أن يدعي البعض، منوهاً إلى أن التوجه إلى إلغاء الجلسة بالكامل أربك أطراف السوق من بورصة و»مقاصة» وشركات وساطة، إلى جانب شركات الاستثمار وإدارة أصول الغير.
وتساءل الملا «هل سيكون هناك محاسبة لمن أصدر قرار إلغاء التداولات بهذا الشكل؟ وأين الدراسة الفنية التي استند عليها مجلس المفوضين في هكذا توجه؟ هل بجرة قلم يُتخذ قرار مصيري كذلك القرار؟ وماذا لو كان قد ترتب على التعاملات الملغية استحواذ إلزامي أو غيرها من الأمور المرتبطة بالتعاملات اليومية على الأسهم المُدرجة؟».
وأضاف «لدينا لجان بمجلس الأمة، وتحقيق، ثم استجواب، وغيرها من الأدوات التي يمكن استغلالها لسيادة العدالة والشفافية، وكان أمام الهيئة خيارات عدة بدلاً من إلغاء التعاملات بهذا الشكل، ومنها وقف التداول أو طلب إفصاح من البنوك».
وتابع الملا «يجب أن نعلم أن الموقف الذي حدث أثّر على سمعة منظومة السوق الكويتي أمام المستثمر الأجنبي، فيما باتت علاقات المستثمرين بمديري الأصول سيئة بسبب ما حدث، لعدم تمكن الشركات المتخصصة من توفير الردود الشافية على العملاء».
وبيّن أن هناك الكثير ممن تضرروا من قرار الإلغاء، والذين يتوقع أن يرفعوا قضايا ضد الهيئة، متوقعاً أن تكون هناك مطالبات بتعويضات مالية أيضاً، إذ إن الأمر يستدعي تحقيقاً داخلياً قبل أن يُلقى اللوم على «فراش البلدية» مثلاً لتحميله المسؤولية.
عقاب للجميع
من ناحيته، أكد الباحث الاقتصادي والرئيس الأسبق لاتحاد المصارف عبدالمجيد الشطي، أن إلغاء كل صفقات البورصة يعتبر حدثاً نادراً لم يسبق أن وقع في أي من بورصات العالم، مشيراً إلى أنه كان يفترض ببنك الكويت المركزي أن ينتظر نتائج البنوك للنصف الأول ومن ثم التطرق لهذا الأمر، معتبراً أن الهيئة أخطأت خطأ جسيماً بإلغاء الصفقات لأنها ظلمت الكثير ممن لا ذنب له في هذا الأمر.
وأشار إلى أن قرار هيئة أسواق المال بإلغاء تداولات يوم كامل، يعتبر عقاباً لجميع المتداولين بلا استثناء بسبب خطأ ليس لهم أي ذنب به، في حين أن الحل كان يكمن في إيقاف التداولات لحين التأكد من المعلومات أو طلب الإفصاح وليس إلغاء التداولات بشكل كامل.
أما فيما يتعلق بالصفة القانونية لاتحاد المصارف، فقال الشطي إن الاتحاد هو الممثل الرسمي للبنوك، وأمينه العام يحضر اجتماعات محافظ «المركزي» مع رؤساء البنوك في الكثير من الأحيان، الأمر الذي يؤكد الدور المهم له على صعيد التنسيق بين البنوك.
ولفت الشطي إلى أن الخطأ الجسيم الذي نتج عن قرار هيئة أسواق المال لن يكون له تأثير على سمعة البنوك الكويتية، لأنها بنوك قوية، ولأن كفاية رأس المال لديها تصل إلى 18 في المئة، فضلاً عن أنها تمتلك إدارات ممتازة.
وأفاد بأن جريدة «الراي» نشرت تفاصيل ما جاء في البيان قبل الإعلان عنه بيوم كامل، متسائلاً «لماذا لم توقف هيئة الأسواق أسهم البنوك طلباً لإيضاحات كافية بدلاً من التوجه لإلغاء التداول؟».
وأضاف «الشفافية تتطلب التفاعل مع المنشور قبل إعلان الاتحاد بيوم في جريدة (الراي)، ثم نتحدث عما جاء في بيان الاتحاد الذي يعكس واقعاً طبيعياً وإجراءات تحوطية تتخذها البنوك بموجب معايير بازل 3».
جانبها الصواب
من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة بورصة الكويت طلال الغانم، إن هيئة أسواق المال جانبها الصواب في معالجة الموضوع، إذ استمرت بتخبطها منذ بداية الحدث وحتى نهايته، مؤكداً أن المادتين 44 و57 في قانونها اللتين تم الاستناد إليهما في إلغاء تداولات يوم الأربعاء الماضي، لا تنطبقان على الحالة التي شهدها السوق في ذلك اليوم.
وأضاف أن قرار إلغاء الصفقات تم بعد انتهاء اليوم، وبعدما أخذ المستثمرون مراكز مالية جديدة، ما تسبب في ظلم كبير لعدد من المستثمرين المحليين والأجانب، الذين ليس لهم أي علاقة بالبنوك، أو أولئك الذين تمت تداولاتهم بأرباح ومراكز مالية جديدة قبل إعلان البورصة.
وأشار الغانم إلى أن «هيئة الأسواق» فتحت على نفسها باتخاذ مثل هذا القرار «نار القضايا»، وبالتالي ستتعرض لمطالبات كبيرة بالتعويضات، إذ عليها أن تبرر أسباب القرارات التي اتخذتها، لأنها لم تكن صائبة، خصوصاً وأنها نقلت المسؤولية القانونية للحدث من اتحاد المصارف إلى الهيئة نتيجة لتقصيرها في أداء دورها في الوقت المناسب.
الآراء الفنية
أما رئيس الجمعية الاقتصادية، مهند الصانع، فقال إن قرار إلغاء التداول في بورصة الكويت يوم الأربعاء الماضي، ترك آثاراً كبيرة على ثقة المستثمرين.
وأشار إلى أن الندوة الإلكترونية التي أقامتها الجمعية الاقتصادية، شهدت مشاركة أكثر من 120 شخصية قيادية اقتصادية، وناقشت تداعيات قرار إلغاء التداول في البورصة، لافتاً إلى الاستماع لجميع الآراء الفنية سواء كانت مؤيدة أو معارضة لهذا القرار.
الرشيد: تدخل سافر
قال عضو مجلس الإدارة بالجمعية الاقتصادية الكويتية عبدالوهاب الرشيد، إنه رغم اختلافه مع قرار هيئة أسواق المال، إلا أنه لا يملك إلا أن يشيد بتحمل الهيئة لمسؤولية إصدارها له، مضيفاً «أننا نفتقد مثل هذه الممارسة في مؤسسات الدولة التي عادة ما تتقاذف المسؤولية فيما بينها».
وتابع «هذا الإجراء لم يحدث في أي مكان بالعالم، فهذا تدخل سافر وتعسف في استخدام القانون وتدخل في حريات المستثمرين».وأشار الرشيد إلى أن المادة 44 التي استندت إليها هيئة أسواق المال، لم تنطبق على ما شهده السوق في ذلك اليوم، خصوصاً أن اتحاد المصارف ليس متداولاً في سوق الأوراق المالية.
وذكر أن بيان الهيئة أشار إلى أن 70 في المئة من المتداولين، تأثروا بقرار اتحاد المصارف، متسائلاً «ما ذنب النسبة الباقية البالغة 30 في المئة، والذين ليس لهم علاقة بالمصارف ولا بتداولاتها لا من قريب ولا من بعيد، فبأي حق تُلغى تداولاتهم، وهذا الأمر سيهز الثقة بسوق الكويت».
وأضاف الرشيد أن «المادة 44 فيها سعة كبيرة، إذ كان بإمكان الهيئة إيقاف التداول أو إلغاء التداولات التي تمت بعد الساعة 11 صباحاً، أو إلغاء تداولات البنوك فقط، فلماذا ذهبت هيئة أسواق المال إلى أقصى خيار وهو إلغاء التداول بشكل كامل، وسببت ربكة في هذا الشأن؟».
الماجد: القرار مقبول قانونياً
أشارت الدكتورة بشاير الماجد في الندوة، إلى أن قرار هيئة الأسواق كان صحيحاً، مؤيدة اتخاذه في ظل انعكاسات بيان اتحاد المصارف على التداولات يوم الأربعاء الماضي، وتأثيره على قرارات المستثمرين والمتداولين بشكل كبير.