خلصت لجنة التحقيق البرلمانية في تجاوزات القطاع النفطي إلى 80 توصية مالية وإدارية، منها 9 توصيات بالإحالة إلى النيابة العامة، لشركات وقياديين، أبرزهم الرئيس التنفيذي لشركة البترول الوطنية السابق ونائب الرئيس التنفيذي للمشاريع والرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية، لشبهة الإضرار بالمال العام.
وقال رئيس اللجنة النائب الحميدي السبيعي إن «اللجنة وجدت فوضى وتجاوزات كبرى في التعيينات بالقطاع النفطي وبلا شفافية في الإعلانات، ولا بيان للدرجات المتوافرة، ودون إعلام المتقدمين بنتائجهم، ولا توجد جهات تظلم، وأصبحت قراراتهم في التعيينات والترقيات نهائية ودون حسيب ولا رقيب».
وأضاف السبيعي «نحن لا نلعب ولا نتجاوز، وسندرج التقرير في الجلسة بمستنداته، وإن لم يكن هناك تطبيق التوصيات فالمصيبة ستكون أكبر، وسوف نوقف المسؤول عند حده، ونريد أن نرى أفعال الحكومة الجديدة التي تدعي محاربة الفساد، والآن نكشف لها عقوداً بالمليارات تتعرض للخسائر، وعامة الشباب الكويتيون يعانون الإقصاء من وظائف القطاع النفطي، وإذا لم تنفذ التوصيات سوف تتحمل الحكومة قاطبة برئيسها المسؤولية السياسية عن هذا الفساد قريبا جدا، وهذا جزء من مسلسل الفساد الذي ينخر البلد في الآونة الأخيرة». ولفت إلى «وجود تعيينات لأقارب القياديين النفطيين أو أصحاب المصالح معهم، بلا إعلان أو بالمخالفة للشروط، وطلبنا الإحالة إلى النيابة العامة لكل من عينوا أبناءهم أو إخوتهم أو أبناء إخوتهم بالمخالفة لشروط الإعلانات، وأسماؤهم مذكورة في التقرير التفصيلي».
وتابع «طالبنا بالإحالة إلى النيابة العامة كل من أبرموا عقوداً كبّدت المال العام خسائر، وطلبنا إحالة الرئيس التنفيذي لشركة البترول الوطنية السابق ونائب الرئيس التنفيذي للمشاريع لأنهما منحا المقاول شهادة حول الأمطار يومي 15 و16 نوفمبر2018، باعتبار ما جرى قوة قاهرة، وعلى ضوئها قام المقاول بالمطالبة بتعويضات بلغت 80 مليون دينار من شركة التأمينات، وتسلم منها 10 ملايين ويتبقى 70 مليوناً، وهذا يعرض الشركة لتعويض المقاول في حال امتنعت شركة التأمين عن تعويضه»، مشيراً إلى وجود تراخٍ من قبل مؤسسة البترول إزاء تضارب المصالح الصارخ إذ أصبح ذلك الرئيس التنفيذي رئيساً لمجلس إدارة شركة التعويضات التي عليها دفع تعويضات للمقاول الممنوح شهادة.
وذكر «طلبنا إحالة الرئيس التنفيذي السابق لشركة البترول الكويتية العالمية للنيابة لشبهة الشروع بالإضرار في المال العام من خلال واقعة استيراد المواد الحفازة في مصفاة فيتنام، ومحاولة التعاقد بالأمر المباشرة بملايين الدولارات، إضافة إلى وجود تعديات صارخة بالتنازل عن فوائد الكويت التي تقترب من 200 مليون دولار، إضافة إلى فوائد تراكمية قد تصل بالمبلغ الى 300 مليار دولار، وهذا التنازل تم دون موافقة مجلس الإدارة والمؤسسة والوزير، داعياً إلى وجود حل لهذه الخسائر التي تستنزف المال العام»، محذراً من أن «عدم إيجاد الحلول سيؤدي إلى إفلاس المصفاة، والحجز على الأموال الكويتية من قبول البنوك الدائنة، وهذه وصية مدونة في التقرير، ودعينا لاستبدال نائب الرئيسي التنفيذي للشركة لعدم قدرته على التأقلم مع الشركاء وعلاقاته سيئة ما انعكس على سوء وضع المصفاة».
بدوره، قال مقرر اللجنة النائب بدر الملا إن «التوصية القاضية بإحالة تعيين بعض أبناء القياديين ستطول فقط من عينوا دون اتباع الإجراءات، وكان لهم علاقة مباشرة مع الشركة الاستشارية التي تم تعيينها، أما بقية التوصيات المتعلقة بالإحالة للنيابة العامة طالت وقائع إلحاق الضرر بالمال العام ومنها شراء عشرين مضخة (فيس بمب) وتبين بعد إبرام العقد بقيمة 43 مليوناً، ووفق دراسات نافية للدراسات السابقة للعقد بعدم وجود حاجة لهذه المضخات وهذا مبلغ ليس بسيطاً».
وأضاف الملا، في تصريح صحافي، «أن من القضايا التي تكشفت للجنة في مشروع النفط الثقيل (الهفي أويل) تبين أن رئيس فريق المشروعات الكبرى المشرفة على هذا المشروع، قام بتأهيل شركته من الباطن وإدراجها مع التعاملات التي تتم بهذا المشروع وهو ما يؤكد وجود تعارض المصالح. والشركة التابع لها رئيس الفريق قامت بإحالته إلى هيئة مكافحة الفساد، وكانت هذه الخطوة محل اعتراضنا لأن المادة الثانية من قانون هيئة مكافحة الفساد لا تشمل المخاطبين إذا كانوا بدرجة رئيس فرق، وإنما مدير إدارة وما هو أعلى لذلك أوصينا بإحالته للنيابة العامة وفحص تعاملاته السابقة».
وكشف أن اللجنة أوصت أيضاً بإحالة كل من قام بالموافقة على «بايبات وأنابيب» بمواصفات مختلفة عن المنصوص عليها بالعقد في النفط الثقيل، وكذلك العقود المرتبطة بوحدة الإنتاج المبكر في شمال الكويت والتي تسببت في صرف 65 مليون دولار لإحدى الشركات دون وجه حق. وأضاف «هناك إحالة أخيرة للنيابة العامة تتعلق بالدخول في مشروع (بوستر ون ايتي) رغم عدم الاحتياج له، لأنه بني على دراسة غير سليمة ووجود كتاب من شركة البترول الوطنية بعدم الحاجة لهذه المحطة محطة الغاز، قبل عام 2035 وتبين أنه تم إخفاء التكاليف المستقبلية لهذا المشروع عن شركة البترول الوطنية ناهيك عن تعارض أقوال القائمين في شأن عروض أسعار الأنابيب».
من جهته، دعا عضو اللجنة النائب صالح عاشور مجلس الأمة الحالي والمجالس المقبلة، إلى التدخل بشكل جاد إزاء الانحراف الحاصل في بعض الشركات النفطية، من خلال تشكيل لجنة برلمانية دائمة لهذا القطاع لما له من أهمية، مؤكداً أن لجنة التحقيق بالقطاع النفطي انتهت إلى إحالة شركات ومشاريع، وأشخاص بالعشرات للنيابة العامة، بعد إثبات خسائر نجمت عن سوء الإدارة بلغت مليارات الدنانير، وتجاوزات في تعيينات أبناء قياديين دون إعلان أو مقابلة.
وقال عاشور، في تصريح صحافي أمس، إن هناك هجوماً إعلامياً على الرقابة السياسية لمجلس الأمة على الجهات الحكومية والمؤسسات التابعة لها، وأن هناك تدخلات نيابية وابتزازاً سياسياً في عمل بعض الشركات الحكومية ومنها شركات القطاع النفطي، مشيراً إلى أنه «بعد انتهاء لجنة التحقيق في التجاوزات المالية والإدارية بالقطاع النفطي ينبغي الإشارة إلى أن القطاع النفطي في الخمسينات والستينات وعندما كان عبارة عن شركة واحدة كان الإنتاج النفطي يبلغ 3 ملايين و200 ألف برميل يومياً، واليوم في عام 2020 وبعد صرف مئات الملايين على القطاع النفطي وإنشاء الشركات النفطية العديدة لم نستطع أن نصل لنسبة الإنتاج ذاتها في الخمسينات والستينات».
وأضاف «هذه الأرقام تضع علامة استفهام حول الفرق بين القيادات الفنية والإدارية التي تدير القطاع النفطي، فاختيار هذه القيادات في السابق أدى إلى بلوغ الإنتاج اليومي ما يزيد على 3 ملايين. أما الآن وما وصلنا له في لجنة التحقيق واقع مؤلم في القطاع النفطي، وهناك خسائر بالمليارات على حساب المال العام، في مصفاة فيتنام وهولندا ومصر وعمان وبحر الشمال، وهي مليارات خزينة الدولة أحوج ما تكون لها في هذه الظروف، وهذه نتيجة واضحة لسوء الإدارة وعدم القدرة الفنية والإدارية للقطاع النفطي».
وأكد عاشور أن ما وجد يحتاج وقفة واضحة من المجلس، داعياً المجالس المقبلة لتشكيل لجنة دائمة للقطاع النفطي لأهمية هذا القطاع، وضرورة عدم استمراره بهذا الوضع، وخاصة أن التحقيق انتهى لإحالة مشاريع وشركات وأشخاص بالعشرات للنيابة العامة من العاملين بهذا القطاع.