أيدت دولة الكويت اليوم الأربعاء أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان توصية لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا باتخاذ جميع الإجراءات الممكنة للكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين.
جاء ذلك في كلمة الكويت التي ألقاها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير جمال الغنيم عبر تقنية الاتصال المرئي أمام الدورة ال45 للمجلس في اطار الحوار التفاعلي مع اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في سوريا.
وبين السفير الغنيم ان هذه التوصية تواكب قرار مجلس الأمن رقم 2474 داعيا إلى إيجاد قنوات فاعلة للتواصل مع أسر هؤلاء المفقودين لضمان حقوقهم ولتلبية الاحتياجات النفسية لهم بشكل مناسب.
وأكد ان هذه التوصية تتماشى مع المخاوف التي أعربت عنها دولة الكويت بشأن العواقب المأساوية لمسألة المفقودين على حياة المتضررين من النزاعات وعائلاتهم مشددا على انه ليس هناك حرب أو نزاع إلا كان المفقودون من أبرز ضحاياها.
وأوضح أن هذا الأمر دفع الكويت ومن خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن في العام الماضي إلى تبني المبادرة التي تمثلت بالقرار 2474. وشدد السفير الغنيم على أن الدافع الوحيد لدولة الكويت نحو تبني مجلس الأمن لهذا القرار هو تعزيز الإطار المؤسسي والمعياري لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة وذلك بناء على تجربة مريرة عانى منھا العديد من أبناء الشعب الكويتي.
وقال إن دولة الكويت تكرر دعوتها لجميع أطراف النزاع في سوريا الى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع حالات اختفاء الأشخاص والبحث عن المفقودين وتمكين اعادة رفاتهم على أن تضمن هذه الأطراف التحقيقات النزيھة والفاعلة ومقاضاة الجرائم المتصلة بالأشخاص المفقودين اثناء هذا النزاع وذلك بمقتضى القواعد ذات الصلة بالقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان. وأضاف أن دولة الكويت تؤكد كذلك مطالبتها لأطراف النزاع باتخاذ جميع التدابير المناسبة لإيلاء عناية قصوى لحالات الأطفال المبلغ عن فقدهم نتيجة للنزاع المسلح في سوريا واتخاذ التدابير المناسبة للبحث عنهم والتعرف عليهم.
وأشاد السفير الكويتي بتقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في سوريا والذي أعدته لهذه الدورة مشيرا الى إن دولة الكويت إذ تدين بشدة ما ورد فيه من انتهاكات خطيرة وممنهجة لحقوق الإنسان يتعرض لها أبناء الشعب السوري الشقيق وتدعو إلى إنهاء هذا الصراع الذي طال أمده.
وقال إن دولة الكويت تشعر بالقلق الشديد على وجه الخصوص حيال استمرار الانتهاكات الصريحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في النزاع السوري لاسيما ما يتعلق بالاعتداءات المستمرة على المدنيين الأبرياء والاعتداءات العشوائية المتعمدة على الأهداف المدنية واستخدام الأسلحة المحظورة.
وأكد دعوة دولة الكويت جميع الأطراف المعنية الى الالتزام بالمواثيق الدولية المتعلقة بالتعامل مع الجرائم كافة التي قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وكذلك إلى الاهتمام بالمسائل الإنسانية كالسماح الآمن والمستدام لدخول المساعدات الإنسانية والإخلاء الطبي ومنع حصار المناطق السكنية وعدم استخدام التجويع كأداة من أدوات الحرب.
وقال السفير الغنيم إن دولة الكويت تدعم النداء الذي وجهه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في شهر مارس الماضي والداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء العالم وذلك من أجل المساعدة على إنشاء ممرات لإيصال المساعدات المنقذة للحياة ومن أجل فتح نوافذ لحل النزاعات بالطرق الدبلوماسية ومن أجل جلب شعاع من الأمل إلى حيث تعيش الفئات الأكثر ضعفا أمام تفشي فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19). واستدرك “مع الأسف الشديد فلم يصغ أي من الأطراف في سوريا لنداء الأمين العام فاستمر الاقتتال الذي بات يهدد بالقضاء على أعداد كبيرة من المدنيين بسبب تفشي هذا الوباء وكل ذلك بعدما انهار نظام الرعاية الصحية في البلاد وتدنى عدد المستشفيات والمراكز الصحية إلى النصف بفعل الاعتداءات المسلحة عليها بينما غادر البلاد نسبة 70 في المئة من القوى العاملة الصحية”.
ولفت إلى أن دولة الكويت حثت جميع الأطراف المعنية على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين في الداخل وإلى المناطق المحاصرة دون تحيز أو تمييز إذ تهدد الجائحة العالمية حياة ملايين السوريين لتضيف إلى ما يعانونه من صعوبات وانتهاكات وحرمان. وأضاف السفير الغنيم أن دولة الكويت تطالب المجتمع الدولي بأن يولي أهمية قصوى لحالة النازحين السوريين في دول الجوار ومناطق أخرى حول العالم وذلك منعا لأي تداعيات إنسانية إضافية والعمل على تجنب أبناء ذلك البلد الشقيق المزيد من الآلام والمأسي والتشريد.
ولفت إلى ان اللاجئين والنازحين من الشعب السوري الشقيق الذين يفوق تعدادهم 13 مليون نازح ولاجئ يدفعون ضريبة ارتفاع وتيرة الاضطرابات الإقليمية والدولية الأمر الذي دفع دولة الكويت على مدار السنوات العشر الماضية إلى تحمل مسؤولياتها الإنسانية والتي تمثلت في استضافتها ثلاثة مؤتمرات للمانحين ومشاركتها في رئاسة مؤتمرين لاحقين إضافة إلى مشاركتها في عدة مؤتمرات لاحقة قدمت خلالها تعهدات بقيمة 7ر1 مليار دولار.
وأكد ان دولة الكويت تشيد بكل الجهود الدولية المبذولة تجاه هذا الملف الإنساني واستضافة دول الجوار السوري للأشقاء من اللاجئين السوريين.
وقال السفير الكويتي ان دولة الكويت تشيد أيضا بكل ما قام به الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي للتوصل إلى مذكرتي تفاهم مع تلك الدول المستضيفة للاجئين من الشعب السوري بغية تحسين أوضاعهم المعيشية في تلك البلدان في إطار المنح التي أعلنت عنها دولة الكويت.
وأضاف أن دولة الكويت لا تزال على اقتناعها التام بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية هو الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري وفقا لما ورد في بيان جنيف للعام 2012 واستنادا إلى ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ودعت دولة الكويت في كلمتها مجلس الامم المتحدة لحقوق الإنسان إلى التحرك لوقف المزيد من التداعيات الإنسانية معربة عن تطلعها إلى تعاون الجميع مع جهود مبعوث الأمين العام الخاص الى سوريا غير بيدرسن الهادفة إلى تحقيق السلام.
يذكر ان الدورة ال45 لمجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان تتواصل من ال14 من سبتمبر الجاري وحتى الثاني من اكتوبر المقبل لمناقشة سبل تعزيز وحماية حقوق الانسان.