يتميّز سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد بأنه رجل حازم ذو شخصية قيادية بارزة، وهو العاشق لوطنه والمحب لشعبه، صاحب مسيرة زاخرة بالعمل الدؤوب وتحمل المسؤولية العالية، مستلهماً في ذلك رؤى قادة الكويت في بناء دولة المؤسسات وإرساء قواعد الديموقراطية والعدالة.
وعلى مدى ستة عقود مضت، كان سمو الشيخ مشعل الأحمد قريباً من دائرة صنع القرار، ومرافقاً لعدد من أمراء البلاد الراحلين رحمهم الله آخرهم المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، إذ كان يرافق سموه في الحل والترحال، وفي كثير من المهام الرسمية وقد رافق سموه طوال رحلة العلاج الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية منذ 22 يوليو الماضي حتى وفاة سموه رحمه الله في 29 سبتمبر الماضي.
شغل سمو الشيخ مشعل الأحمد مناصب عدة في وزارة الداخلية وتولى كذلك منصب نائب رئيس الحرس الوطني، واضعاً نصب عينيه مصالح الوطن العليا ومن أقواله في هذا الشأن في أكثر من مناسبة (الوطن.. ثم الوطن.. ثم الوطن.. أمانة في أعناقنا جميعاً فعلينا الحفاظ على مقدراته ومكتسباته وصيانة أمنه واستقراره بالذود عن أراضيه الطاهرة وتحقيق الأمن في ربوعه).
ولد سمو الشيخ مشعل الأحمد في الكويت العام 1940 وتلقى تعليمه في المدرسة المباركية، وتابع دراسته في المملكة المتحدة حيث تخرج في كلية هاندن للشرطة العام 1960.
وبعد عودته من الدراسة في المملكة المتحدة التحق سمو الشيخ مشعل الأحمد بوزارة الداخلية التي كانت حديثة النشأة آنذاك وتدرج خلال 20 عاماً في عدد من المناصب الإدارية فيها، عمل خلالها في قطاعات وإدارات مختلفة فيها حتى أصبح في العام 1967 رئيساً للمباحث العامة برتبة عقيد، واستمر في ذلك المنصب حتى العام 1980 وقد كانت له رؤية في تطوير أدائها وأجهزتها وتحولت في عهده إلى إدارة أمن الدولة.
في 13 أبريل العام 2004 عين سمو الشيخ مشعل الأحمد بموجب مرسوم صادر عن سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه نائباً لرئيس الحرس الوطني بدرجة وزير.
وشهد الحرس الوطني منذ توليه هذا المنصب مراحل من التطوير، وصلت إلى تميّز هذه المؤسسة العسكرية الأمنية في القيام بواجباتها ومهامها في منظومة الدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، مسانداً في ذلك وزارتي الدفاع والداخلية وقوة الإطفاء العام (الإدارة العامة للإطفاء سابقاً).
ووفق إستراتيجيات جديدة وبرؤية ثاقبة من سمو الشيخ مشعل الأحمد، تمكن الحرس الوطني من قراءة دوره الإستراتيجي الجديد الذي تقوم به المؤسسات المعنية بالأمن لإسناد مؤسسات الدولة أثناء التصدي للطوارئ والأزمات من خلال تقديم ودعم الخدمات المهمة وقت الضرورة، باعتبارها من مقومات أمن الوطن وركيزة للنأي بالمجتمع عن أي مشكلات قد تعوق مسارات التنمية وتعرقل مسيرة البناء.
وعبر ثلاث خطط إستراتيجية خمسية يمضي الحرس الوطني قدماً بالإضافة إلى دوره العسكري والأمني الذي نص عليه مرسوم إنشائه، نحو ترسيخ دوره الحيوي في إسناد أجهزة الدولة من خلال الاستعداد المبكر والقيام بدوره المجتمعي لاسيما وقت الأزمات.
فقد قام الحرس الوطني بتجهيز عناصر فنية ذات كفاءة وتدريب لديها من الخبرة والدراية ما يكفي للتعامل مع الظروف الاستثنائية وقت حدوثها واحتواء آثارها في أقرب وقت ممكن، باستخدام تقنيات حديثة ومطورة تواكب أرقى النظم العالمية المتبعة في شتى قطاعات العمل بمجرد الحاجة إلى التدخل.
وفي الوقت ذاته وبتوجيهات من سمو الشيخ مشعل الأحمد، أبرم الحرس الوطني بروتوكولات تعاون عدة مع الأجهزة الحيوية بالدولة ليقدم لها يد العون وقت الحاجة إليه.
وضرب الحرس الوطني أروع الأمثلة في إسناد أجهزة الدولة، لا سيما وقت الأزمات، ففي الماضي القريب قام الحرس الوطني بدور فعّال خلال التصدي لأزمة الأمطار 2018 وكان له دور آخر في مواجهة التسرب الإشعاعي في المنشآت النفطية فضلاً عن دعم قوة الإطفاء العام (الإدارة العامة للاطفاء سابقا) في مكافحة بعض الحوادث الكبرى.
وترجمت رؤية الحرس الوطني إلى الواقع بأعلى درجات الكفاءة والاحترافية خلال مشاركته الجهات المعنية في الدولة لمواجهة تحديات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، منطلقاً من بروتوكولات واتفاقيات التعاون مع مختلف أجهزة الدولة الحيوية.
وعلى المستويين الإقليمي والدولي، رسخت رؤية سمو الشيخ مشعل الأحمد المتمثلة في أهمية الانفتاح على الآخرين وتبادل الخبرات، مكانة الحرس الوطني بين نظرائه إقليمياً ودولياً، من خلال عقد اتفاقيات تعاون مشترك وصولاً لتمثيل الحرس الوطني دولة الكويت في الاتحاد الدولي لقوات الشرطة والدرك (FIEP)، وكثيراً ما أكد الشيخ مشعل الأحمد أن (الانفتاح على الآخرين بوابة حقيقية لنقل هذه الخبرات في عصر يتسم بالسرعة في كل شيء).
وحاز سمو الشيخ مشعل الأحمد وسام قائد جوقة الشرف من رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة وقلدته إياه وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي أثناء زيارتها للحرس الوطني في الرابع من ديسمبر العام 2018، باعتباره أحد الرجال الذين بنوا الكويت الحديثة وساعدوا على بناء الصداقة بين الجمهورية الفرنسية ودولة الكويت.
ويستمد سمو الشيخ مشعل الأحمد السمات الرئيسية في شخصيته القيادية من المخزون القيادي الذي ورثه عن حكام دولة الكويت وقادتها وكبار أسرة آل الصباح، مستلهماً رؤية هؤلاء القادة في بناء دولة المؤسسات وإرساء قواعد الديموقراطية والشورى والعدالة وهذا ما أكد عليه الشيخ مشعل الأحمد في أكثر من مناسبة قائلاً (إنني أؤكد فضل قادة آل الصباح الكرام عليّ، فمنهم أستلهم قواعد القيادة وأسسها ومهاراتها).
مناصب فخرية لسموه إضافة إلى المناصب الرسمية التي تولاها سمو الشيخ مشعل الأحمد طوال العقود الستة الماضية، تولى سموه عدداً من المناصب الفخرية منها الرئيس الفخري لجمعية الطيارين الكويتية خلال الفترة بين العامين (1973-2017).
كما كان أحد مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي والرئيس الفخري لها، وعُيّن في العام 1977 من سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد رئيساً لديوانية شعراء النبط. وأكد الشيخ مشعل في تصريحات سابقة أهمية ديوانية النبط في الحفاظ على قيم وعادات وتقاليد وتراث وأخلاق الآباء والأجداد عبر الأجيال.