على وقع التوجه الحكومي الجاد في محاربة الفساد، علمت القبس من مصادر مسؤولة ان وزير الصحة الدكتور باسل الصباح احال قياديين في وزارته الى النيابة العامة يشتبه في تهاونهم في ملفات هدر للمال العام تقدر بالملايين، تسلما مستلزمات طبية عبر تعاقدات بالأمر المباشر من دون دفع ثمنها. تأتي هذه الاحالات الى النيابة، وسط حالة من الارتباك تشهدها وزارة الصحة، بسبب تعاقدات طارئة وقعتها الوزارة مع ١٩ شركة لتوريد مستلزمات طبية عاجلة أثناء أزمة كورونا، اذ سجل ديوان المحاسبة ملاحظات تخص هذه العقود تحت طائلة المادة 52 الخاصة بالمخالفة المالية لأحكام القانون رقم 30 لسنة 1964، والتي يندرج من ضمنها مخالفة أحكام قانون المناقصات، بالإضافة الى كل تصرف خاطئ او إهمال او تقصير يترتب عليه صرف مبالغ من الأموال العامة بغير وجه حق.
قالت المصادر ذاتها، ان ديوان المحاسبة يرى ان الـ19 تعاقدا تشوبها مخالفات، وبالمقابل قامت وزارة الصحة بالتظلم على هذا الامر ايمانا منها بان هناك 11 تعاقدا غير مخالف وجرت وفق الاطر القانونية السليمة، ووفق الأسعار العالمية العادلة خلال الأزمة، لافتة الى أن الـ ١١ شركة تملك في حوزتها اوراقا رسمية واذونات توريد من الوزارة، وكتب البدء في توريد السلع محل التعاقد موقعة من مسؤولي الوزارة، كما ان معظمها سلم كميات كبيرة لوزارة الصحة وبتوقيع رسمي لاستلام هذه البضاعة الا انها الى اليوم لم تتسلم مستحقاتها.
وأشارت المصادر إلى أن مسؤولين في وزارة الصحة يحاولون دفع هذه الشركات لأخذ حقوقها عن طريق القضاء، وذلك لرفع الحرج السياسي من خلال مجلس الأمة، خاصة مع احالة وزير الصحة قياديين الى النيابة العامة، لافتة الى انه في حال لجوء المتعاقدين المتضررين إلى القضاء وكسبهم الدعاوى، فذلك يعني أن التكلفة على المال العام ستتضاعف، جراء الخسائر التي تكبدتها الشركات يوميا، والناجمة عن تأجير مخازن للمستلزمات الطبية، خصوصا أن التعاقد أتى بناء على طلب من «الصحة»، مع وجود كتب رسمية صريحة بالاستلام من الوزارة.
لجنة «حسم الخلاف»
بعد شهور طويلة من الشد والجذب بين «الصحة» و«المحاسبة»، والتي قد يترتب عليها خطر تعويضات جسيمة على المال العام في حال اتجهت الشركات المتضررة الى القضاء؛ نقلت وزارة الصحة معركة مخالفاتها إلى «لجنة حسم الخلاف»، التابعة لمجلس الوزراء، والتي يرأسها الشيخ أحمد مشعل الأحمد رئيس جهاز مراقبة الأداء الحكومي، وعضوية عدد من الوزراء، والمنوطة بمهام حسم أي اختلاف في وجهات النظر بين الجهات الحكومية.
وعلى إثر ذلك، وكي تقف لجنة حسم الخلاف على حيثيات الخلاف وحله في أسرع وقت، طلبت اللجنة الرد على بعض الاستفسارات من الجهة التي قامت بالتعاقد مع الشركات، إلا أن الردود من وزارة الصحة لا تزال في اطارها البطيء والملف عالق منذ 4 اشهر من دون ان يحل.