أكدت الأمين العام المساعد لقطاع الوقاية في الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» أبرار الحماد أن «تحقيق تقدم في المؤشر الدولي لمدركات الفساد يستوجب عملاً تشاركياً في معالجة أوجه الفساد»، مشددة على أن «تحسين درجة الكويت في هذا المؤشر ليس هدفاً بل نتيجة».
وقالت الحماد، في تصريحات لها تعليقاً على نتيجة الكويت في مؤشر مدركات الفساد، «الحمد لله نتيجة الكويت هذا العام إيجابية بتقدم درجتين في التقييم، حيث حصلت الكويت على 42 درجة من 100 وانعكس ذلك على تقدم ترتيبها سبع مراكز حيث انتقلت إلى الترتيب الـ 78».
وأوضحت أن «منظمة الشفافية الدولية التي تصدر هذا المؤشر تقوم بتحويل النتائج إلى مقياس موحد من مئة فيكون الحاصل على صفر هو الأكثر فساداً، بينما الحاصل على مئة هو الأكثر نزاهة، ويتم ترتيب الدول الـ 180 من المركز الأول وحتى المركز الأخير».
وأشارت إلى أن «تقرير منظمة الشفافية الدولية أوضح أن معدل درجات الدول لهذا العام كان 43 من مئة، فيما حصل ثلثا دول العالم على نتيجة أقل من 50 من مئة مما يشير إلى أن التحسن في معالجة الفساد عالمياً كان ضئيلاً وراوح نحو نصف بلدان العالم مكانها على مؤشر مدركات الفساد، حيث فشلت هذه الدول في إحداث تغير ملموس في تحسين درجاتها ومكافحة الفساد في القطاع العام».
ولفتت إلى أن «منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المكونة من 18 دولة كان معدل درجاتها في هذا المؤشر 39 من مئة وهي منطقة ينظر لها على أنها منطقة عالية الفساد مع تقدم ضئيل في السيطرة على الفساد».
وأوضحت أن «(نزاهة) تحرص على تفعيل استراتيجية مكافحة الفساد التي تنطوي على مبادرات عملية تم وضعها أخذاً بمجموعة من المعطيات من بينها نتائج مؤشر مدركات الفساد الدولي»، مبينة أن «فريقاً من الهيئة قام بدراسة هذا المؤشر وربط النتائج وما يقيسه المؤشر من أوجه فساد بمبادرات تلك الإستراتيجية من حيث الأعمق أثراً والأسرع في التنفيذ حتى يتم تحقيق إنجاز ملموس».
وقالت الحماد إن «مبادرات استراتيجية مكافحة الفساد يصل عددها إلى 47 مبادرة، من بينها 37 تتناول أوجه الفساد التي يقيسها المؤشر بشكل مباشر أو غير مباشر».
وفي ما يخص المتطلبات التشريعية، ذكرت أن «خطوات فعلية بدأت في إعداد وإقرار جزء من القوانين التي حددتها الاتفاقيات الدولية، وهو أمر إيجابي يتوج بحسن تطبيق تلك القوانين»، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «فريق (نزاهة) يقوم أثناء الدراسة بربط مؤشر مدركات الفساد مع مؤشرات أخرى، مثل مؤشر التنافسية وتحسين بيئة الأعمال والديموقراطية والحكومة الإلكترونية، حيث تقدم تلك المؤشرات خريطة طريق واضحة لتحسين الخدمات ومعالجة الخلل والوقاية من الفساد مما ينعكس على تحقيق نتائج دولية إيجابية على تلك المؤشرات».
وأفادت أن «أكثر ما يميز نشاط (نزاهة) في الآونة الأخيرة هو انفتاحها على المجتمع المدني وتبني مبادراته التشاركية في سبيل الوقاية والتوعية من مخاطر الفساد وإعطاء دور أكبر للمجتمع المدني في الرقابة المجتمعية والمساهمة في مكافحة الفساد، وذلك تفعيلاً لما نص عليه قانون الهيئة».
وأشارت إلى أن «الهيئة لديها تصور لإعداد مؤشر محلي للنزاهة»، لافتة إلى أن «هذا المؤشر يجب أن يدار من قبل جهة محايدة غير حكومية حتى تكتسب نتائجه المصداقية، ونأمل أن يُطلق هذا المؤشر بالتعاون مع المجتمع المدني».
ما هو المؤشر؟
بيّنت الحماد أن «مؤشر مدركات الفساد هو مؤشر دولي يصدر عن منظمة الشفافية الدولية ويقيّم الدول وفقاً لدرجة الفساد السياسي والإداري في القطاع العام، ويقيس مستويات الفساد المدركة (الصورة الذهنية والانطباعات) عند الخبراء والتنفيذين في القطاع الخاص حول الفساد في القطاع العام، وذلك لتعذر قياس الفساد مباشرة بناء على بيانات صلبة».
على ماذا يعتمد؟
أوضحت الحماد أن «المؤشر يعتمد في حسابه على 13 مصدراً (شركات بحثية أو منظمات متخصصة) منها 6 تقيّم دولة الكويت»، مشيرة إلى أن «أدوات القياس التي تستخدمها تلك المصادر إما استطلاعات رأي رجال الأعمال والتنفيذيين والإشرافيين في الشركات وإما تقييم الخبراء الأجانب والمحللين».
ماذا يقيس؟
يقيس المؤشر أوجه الفساد التالية:
– الرشوة
– اختلاس المال العام
– انتشار ظاهرة المسؤولين الذين يستغلون المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية
– قدرة الحكومات على الحد من الفساد
– عبء الإجراءات الروتينية والبيروقراطية
– التعيينات القائمة على المحاباة في الوظيفة العمومية
– ملاحقات قضائية جنائية حقيقية لمسؤولين فاسدين
– قوانين كافية تتعلّق بالتصريح بالممتلكات والذمة المالية ومنع تضارب المصالح
– توفير الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد والصحافيين والمحققين
– السيطرة على الدولة من قبل أصحاب المصالح الشخصية الضيقة
– قدرة المجتمع المدني على النفاذ إلى المعلومات في ما يتعلق بالشؤون العامة.
الفساد و«كورونا»
بيّنت الحماد أن «مؤشر مدركات الفساد الدولي يعتمد على بيانات تمتد لعامين سابقين على الأقل قبل صدوره، وبالتالي قد لا يتم رصد عام 2020 في نتائجه الحالية في معظم المصادر، إلا أن جائحة كورونا كان لها موقع مهم في تقرير منظمة الشفافية الدولية، إذ أظهر التقرير أن الفساد أكثر انتشاراً في البلدان الأقل تجهيزاً للتعامل مع الجائحة والأزمات العالمية الأخرى، فيما تراجعت الثقة دولياً في القطاع العام عندما أصبح من الواضح عدم وجود بروتوكولات جيدة لإدارة الأزمات».
تصدعات هائلة في النظم والمؤسسات
أكدت الحماد أنه «بناء على ما أورده تقرير منظمة الشفافية، فإن كوفيد 19 ليس مجرد أزمة صحية واقتصادية بل أزمة فساد أيضاً، حيث فُقد عدد لا يحصى من الأرواح بسبب الآثار الخبيثة للفساد وقد تلقت منظمة الشفافية الدولية تقارير الفساد خلال جائحة كوفيد 19 في جميع أنحاء العالم من الرشوة والاختلاس، والتي كشفت عن تصدعات هائلة في النظم الصحية والمؤسسات الديموقراطية حول العالم ما يؤكد أن أولئك الموجودين في السلطة أو الذين يسيطرون على الإنفاق الحكومي كانوا يعملون على تحقيق مصالحهم الخاصة بدلاً من مصالح الفئات الأكثر ضعفاً».