خلُص تقرير صدر أخيراً عن ديوان المحاسبة، في شأن تقييم كفاءة وفعالية الإجراءات الحكومية لتقليص العمالة الهامشية، إلى 15 استنتاجاً رئيسياً، يأتي على رأسها أن بعض مواد الدستور ينبغي أن يعاد النظر فيها لمواجهة تحديات سوق العمل بالكويت.
وأكد «ديوان المحاسبة» في استنتاجاته ضمن التقرير أن العمالة الوطنية لا تفضل العمل في القطاعات الخدمية، إذ يميل المواطنون إلى العمل في الوظائف الإدارية، كما أن انخفاض المستوى التعليمي للعمالة الأجنبية الوافدة وتدني رواتبهم أو أجورهم، هي من بين الأمور التي أدت إلى جعل القطاع الخاص يوظفهم. وذكر أن هناك طلباً متزايداً على القوى العاملة، كما أن تعداد المواطنين الكويتيين صغير نسبياً، وفي الوقت نفسه، لا تستطيع القوى العاملة الوطنية المتاحة تلبية احتياجات العمالة المتزايدة المطلوبة لعملية التنمية.
وأصدر الديوان في تقريره 11 توصية قسمها، وفقاً لثلاثة مستويات للمخاطر، عالية ومتوسطة ومنخفضة، وجاء على رأس التوصيات التعامل مع ما ورد في تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان، في شأن أن مواد الدستور تحتاج إلى إعادة النظر كي تواجه تحديات سوق العمل المحلي. كما جاء من ضمن الحلول التي تواجه العمالة الهامشية، تطوير برنامج للاستعاضة عن العمالة الوافدة بمواطنين شرط عدم الإخلال بمستوى أداء الأنشطة الاقتصادية، ناهيك عن ضرورة وضع سياسة واضحة لتحديد الاحتياجات الفعلية لتخصصات العمالة الوافدة في القطاعين الخاص والنفطي.
الخبرات الوطنية الماهرة غائبة… في بعض الأنشطة الاقتصادية
بناء على البيانات والمعلومات المتاحة، توصل ديوان المحاسبة إلى 15 استنتاجاً أبرزها الدعوة إلى إعادة النظر في الدستور الكويتي لمواجهة تحديات سوق العمل، لاسيما ما يتعلق بالعمالة الوطنية الغائبة عن بعض الأنشطة الاقتصادية، والاستنتاجات هي:
1 – بعض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنظم توظيف العمالة، لا تعكس الظروف الفعلية للعمالة الأجنبية الوافدة في الكويت.
2 – أبدت الكويت تحفظات على بعض المواد والمعاهدات في سياق ردها على تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان، حيث تم اعتبار بعض تلك المواد بمثابة تدخلات في سيادة الدولة ولا تنسجم مع التراث الثقافي والديني الخاص بالمجتمع الكويتي، وهو التراث المعروف بكونه محافظاً.
3 – بعض الملاحظات المتعلقة بمواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تم تسجيلها على سوق العمل الكويتي.
4 – بعض مواد الدستور الكويتي ينبغي أن يعاد النظر فيها لمواجهة تحديات سوق العمل الكويتي.
5 – هناك عدد من التأثيرات السلبية للعمالة الهامشية، وتشمل هذه الآثار أبعاداً سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية.
6 – تجاوبت الكويت مع الالتزامات الطوعية والتوصيات التي تم قبولها في المرحلة الأولى من الاستعراض الدوري الشامل للعام 2010، حيث أنشأت الكويت بعض الكيانات ووضعت القواعد واللوائح التي تنظم نظام العمل وتحمي حقوق الإنسان بما يتوافق مع توجيهات الأمم المتحدة.
7 – هناك طلب متزايد على القوى العاملة، وتعداد المواطنين الكويتيين صغير نسبيا، وفي الوقت نفسه، لا تستطيع القوى العاملة الوطنية المتاحة تلبية احتياجات العمالة المتزايدة المطلوبة لعملية التنمية.
8 – تم تسهيل إجراءات استقدام العمالة الأجنبية الوافدة من أجل تلبية احتياجات التوسع الاقتصادي، وبناء وتشغيل مرافق البنية التحتية ومشروعات الخدمات الاجتماعية.
9 – أدى النمو السريع لأنشطة الخدمات كثيفة العمالة إلى زيادة عدد العمالة الأجنبية الوافدة، حيث تجاوزت نسبة العمال الأجانب تلك الخاصة بالمواطنين.
10 – العمالة الوطنية لا تفضل العمل في القطاعات الخدمية، وبدلا من ذلك، يميل المواطنون إلى العمل في الوظائف الإدارية.
11 – انخفاض المستوى التعليمي للعمالة الأجنبية الوافدة وتدني رواتبهم أو أجورهم هي من بين الأمور التي أدت إلى جعل القطاع الخاص يوظفهم.
12 – يتم تسجيل أعداد العمالة الوطنية، وفقاً لنوع النشاط لكل عام وليس وفقاً للإجمالي على مستوى النشاط والنوع، لذلك فإنه من الصعب قياس معدل التطور سواء الإيجابي أو السلبي.
13 – لم تقم إدارة تقييم الاحتياجات بقياس نسبة العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية، وفقاً لتصنيف الأنشطة الاقتصادية والمهن المنصوص عليها في القرار (1028/2014). وإلى جانب ذلك، من الصعب تطبيق هذا القرار على بعض الأنشطة بسبب عدم توافر الخبرات الوطنية والموظفين الوطنيين المهرة في مثل هذه المجال.
14 – التقارير الصادرة عن إدارة فحص العمالة واللجنة المشتركة خلصت إلى وجود عمال أجانب مخالفين لقوانين العمل. أي: عمال يعملون في وظيفة أخرى غير المنصوص عليها في إقاماتهم، وعمال مخالفون لبنود الإقامة في قانون العمل، ومخالفات أرباب عمل إزاء عمالهم الحاليين.
15 – هناك نقص في المفتشين لدى إدارة تقييم الاحتياجات، والموظفون المتاحون يحتاجون إلى مزيد من التدريب. وهذا يفسر عدم دقة إجراءات التفتيش من جانب الموظفين. والنظام المستخدم حالياً لـلتقييم قديم ويحتاج إلى تحديث وتطوير. وينبغي أيضاً استخدام الأنظمة الإلكترونية الحديثة في التفتيش.
11 توصية رئيسية موزّعة على 3 درجات خطورة
خلص تقرير ديوان المحاسبة إلى 11 توصية رئيسية، مقسّمة على 3 مستويات وفقاً لدرجة الخطورة، وهي كالتالي:
5 توصيات متعلقة بالمخاطر العالية:
1 – يجب أن تنسق الهيئة العامة للقوى العاملة بانتظام مع وزارة الخارجية بخصوص ما ورد في تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في شأن ما يلي:
– مواد الدستور تحتاج إلى إعادة النظر كي تواجه تحديات سوق العمل المحلي.
– الملاحظات المسجلة على سوق العمل لا يمكن تعميمها، لأنها حالات قليلة والدولة تعمل على مواجهتها من خلال سن قوانين رادعة.
– ضرورة توضيح أسباب تحفظ الكويت على بعض المواد والمعاهدات الواردة في تقرير الأمم المتحدة، لأنها لا تتوافق مع التراث الثقافي والديني للمجتمع الكويتي وتؤثر سلبا على أمن واقتصاد الدولة.
– هناك حاجة لإبراز وتوضيح التأثير السلبي لزيادة العمالة الأجنبية الوافدة على الدولة، وعرض الجهود المبذولة من جانب الدولة لحماية حقوق العمالة.
– من الضروري إبراز اللوائح والأنظمة الصادرة أخيراً لتنظيم نظام العمل بما يتماشى مع متطلبات الجمعية العامة للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان. فمن شأن هذا أن يسهم في توضيح مدى تجاوب وتعاون الكويت مع المجتمع الدولي في ما يتعلق بحماية حقوق العمالة الوافدة.
2 – ينبغي على الكويت ممثلة في «القوى العاملة»، أن تواجه مشكلة العمالة الهامشية وتعالجها بشكل جذري وفعّال من خلال الخطوات التالية: وضع سياسة عمل واضحة في الدولة لتحديد الاحتياجات الفعلية لتخصصات العمالة الأجنبية الوافدة في القطاعين الخاص والنفطي.
وضع قواعد ولوائح تنظيمية خاصة بشؤون العمالة الوافدة في الدولة بطريقة تضمن الحقوق المالية والسكنية لتلك العمالة من رب العمل وكذلك تضمن حقوق الكفيل (صاحب العمل).
حل كل المشاكل المتعلقة بالجوانب القانونية والمالية والإنسانية المتعلقة بالعمالة الأجنبية الوافدة.
فرض بعض العقوبات على المؤسسات والشركات التي تقوم باستقدام عمال تزيد على احتياجاتها العمالية الفعلية والمحددة.
إعداد تقارير دورية ورفعها إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية لتقييم الوضع العمالي الحالي في الدولة وعرض التغييرات الواردة في التقارير. وينبغي أن تقترح التقارير أيضاً اقتراحات لمعالجة المشاكل الجديدة التي تظهر وطرق التعامل معها ومنع حدوثها.
3 – فرض عقوبات أشد على أرباب العمل الذين يستخدمون عمالا بعقود منتهية بالمخالفة لقانون العمل والدستور وقوانين المنظمات الدولية، كما أن ذلك يعطي سمعة سيئة للدولة ويدمر الجهود المبذولة من جانبها في مجال العمل الإنساني على المستويين الدولي والإقليمي.
4 – ضرورة وضع بعض اللوائح الخاصة بالعمالة الأجنبية الوافدة وتطوير برنامج للاستعاضة عن العمالة الوافدة بمواطنين، دون الإخلال بمستوى أداء الأنشطة الاقتصادية في الدولة.
5 – الاستمرار في تفعيل وتطبيق البرامج التوعوية المتعلقة بالعمال الوافدين وحقوقهم القانونية والمالية والسكنية.
4 توصيات متعلّقة بالمخاطر المتوسطة:
1 – دعم إدارة تقييم الاحتياجات من خلال اعتماد الأنظمة الإلكترونية الحديثة لاستخدامها في عمليات التفتيش، وتوظيف موظفين أكفاء قادرين على تقييم احتياجات أرباب العمل من العمالة بطريقة دقيقة تعكس احتياجاتهم الفعلية. وسيكون لهذا تأثير ايجابي على نظام العمل وسيقلص ظاهرة العمالة الهامشية.
2 – استكمال نظام الربط الآلي بين جميع الجهات الحكومية، ولا سيما الكيانات ذات الصلة، لأن من شأنه هذا الربط أن يسهم في تنظيم نظام عمل هذه الكيانات.
3 – دراسة أسباب الخلل الديموغرافي (السكاني) في الدولة في حدود الوسائل المتاحة للهيئة العامة للقوى العاملة، وتطوير حلول غير تقليدية لمعالجة هذا الخلل.
4 – ينبغي أن تقوم الهيئة بتفعيل القرار رقم (1028/2014)، وذلك من خلال قياس نسبة العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية حسب النشاط الاقتصادي والمهنة على النحو المنصوص عليه في القرار.
توصيتان متعلّقتان بالمخاطر المنخفضة:
1 – تصنيف أعداد العمالة الوطنية المسجلة حسب النوع والنشاط ككل، وليس وفقاً للمعاملات على مدار العام، وذلك من أجل قياس ومتابعة معدل التطور سواء كان إيجابياً أو سلبياً.
2 – مراجعة القرارات الوزارية والتعاميم الإدارية المتعلقة بنقل العمالة بموجب قانون العمل، وذلك بما يتماشى مع التغييرات المستجدة وطبيعة العمل، وإعداد مبادئ توجيهية حول وظائف الإدارات والوحدات التابعة لها.
7 قيود واجهت التدقيق
تطرّق تقرير ديوان المحاسبة إلى أن عملية التدقيق التي قام بها في شأن التقرير واجهتها 7 قيود رئيسية كالتالي:
1 – الفترة الطويلة التي استغرقها إعداد البيانات المطلوبة.
2 – بعض البيانات كانت غير دقيقة وتحتاج إلى مراجعة وتصحيح.
3 – لم يتلق إحصائيات المكاتب الخاصة المرخص لها، والتي تمتلك رخصاً سارية لتوظيف العمالة الأجنبية الوافدة لدى أرباب عمل في القطاع الخاص، ولا إحصائيات المكاتب التي ألغيت تراخيصها وأسباب الإلغاء.
4 – تلقى أعداد العمالة الوطنية التي تم تسجيلها خلال فترة المتابعة (2015- 2017) مصنفة بشكل فردي حسب النوع والنشاط الاقتصادي، ولكن من دون تقديم العدد الإجمالي لكل نوع ونشاط، لذلك كان من الصعب قياس ومتابعة معدل التطور السلبي أو الإيجابي أو على مستويات النوع والنشاط.
5 – لم يزود الديوان بنسبة العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية المصنفة حسب النشاط الاقتصادي والمهن الرئيسية المنصوص عليها في القرار (1028/2014) وذلك من أجل فترة المتابعة 2015- 2017.
6 – لم يبلغ بمؤشرات القياس التي تمت تغطيتها في ما يتعلق بالهدف رقم 8 من أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة.
7 – الإحصائيات الصادرة عن إدارات قطاع شؤون العمل غير دقيقة وتحتاج إلى المراجعة، وستتم إعادة تصميم جدولة الإحصاءات بحيث تعتمد وتستقي بياناتها من هذه الإحصائيات، ومن ثم الاعتماد عليها في عمليات التقييم والتحليل.