بعد يومين من جريمة صباح السالم، التي راحت ضحيتها المواطنة فرح، شهدت الكويت تحرّكاً، على أكثر من صعيد، أبرزه احتجاج نسائي مدعوم بمؤازرة رجالية، ضد التجرؤ على القتل وبالطريقة التي نفذت به الجريمة، والمطالبة بحماية للمرأة، مع توجه نيابي لدراسة أبعاد الجريمة ووضع خطة شاملة لعدم تكرارها، وتجديد التأكيد على مواجهتها بالقصاص العادل والعقاب الرادع، فيما كانت الحياة تدب مجدداً في ساحة الإرادة بوقفة احتجاجية شعبية وبرلمانية.وتناغم ذلك مع توجه خبراء في مجال حقوق الإنسان والقانون لإعداد مسودة قانون خاص لحماية الضحية، من خلال تشكيل إطار قانوني ونظامي، وعدم ترك الأمر كسلطة تقديرية لدى جهات التحقيق.شعبياً، كانت صرخة «نون النسوة» كبيرة بحجم الجرح الذي تسبّبت به الجريمة، حيث شهدت ساحة الإرادة وقفة احتجاجية، بعد ظهر أمس، تحت شعار «مَن التالية؟»، فيما نظّمت ناشطات حملة واسعة بعنوان «عزاء النساء» في الفضاء الإلكتروني، شهدت مشاركات من مختلف أطياف المجتمع، للتعبير عن رفض جرائم القتل البشعة.
الحملة التي اكتسى تصميمها بلون الدم، لاقت رواجاً كبيراً، فيما عبّر المشاركون فيها عن ضرورة أن تتحول الدماء المهدرة لخطط عمل واقعية تحمي الكرامة وتوفر الأمن وتصون الخصوصية، مع المطالبة بتشديد الإجراءات تجاه كل من أطلق تهديداً لغيره.
وبلغة التحدي، ارتفع الصوت بأن المرأة «لن تسكت» بعد اليوم، خصوصاً في موضوع التحرش، الذي أكدت الجريمة الجديدة أنه يؤدي إلى القتل.
وبرلمانياً، جدّد نواب المطالبة بالقصاص العاجل كأولوية قصوى للجريمة البشعة، مع البحث عن آلية واضحة ومنهجية لدراسة مشكلة جرائم القتل الآخذة في الازدياد، لأن الأمر استفحل ولم يعد ممكناً تركه من غير حلول مدروسة، لا سيما أن هناك تمرداً على القانون وتهاوناً في تطبيقه، بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
وقدم عدد من النواب اقتراحاً بقانون لإلغاء المادة 153 من قانون الجزاء والمسمى إعلامياً بجرائم الشرف حتى لا يتم استغلالها لارتكاب جرائم ضد المرأة وكذلك تغليظ عقوبة اقتحام المنازل والمساكن الخاصة بغرض ارتكاب جريمة.
وقانونياً، كشف مصدر حقوقي عن «دراسة تتم حالياً لإعداد قانون خاص لحماية الضحية، بعد أن أضاءت لنا جريمة (صباح السالم) الكثير من القصور القانوني الذي يجب معالجته وسد ثغراته لضمان عدم تكرار الجريمة»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من كثرة التشريعات والقوانين في الكويت، فليس هناك قانون خاص لحماية الضحية بالوسائل المقرّرة قانونياً».
وأضاف المصدر أن «القانون الجديد سيضمن حماية الضحايا ومساعدة السلطات العامة في مكافحة الجريمة، بنصوص قانونية وليس اجتهادات فردية مثلما حدث في جريمة صباح السالم».
وأكد أن «هناك دولاً كثيرة يوجد لديها قانون حماية الضحية والشهود والمبلغين، إلّا أنه لا يوجد هذا القانون في الكويت مع كل الأسف».
وتعليقاً على الخطوة، قال النائب مهند الساير لـ«الراي»: «سنطالب بإنشاء إدارة موقتة لحماية الضحايا بإشراف وزارة الداخلية لحين إقرار قانون حماية الضحية»، فيما أكد النائب عبدالله المضف: «لن نقبل بغير القصاص العادل ومحاسبة المقصرين ولن نتردد في استخدام دورنا في إعادة الحق لأهله».