في تباين بين وزارتين يُفترض أنهما على موجة واحدة في تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء «كورونا»، سمحت وزارة الداخلية لرواد الحسينيات بإقامة شعائرهم الدينية خلال العشر الأواخر من شهر رمضان من العاشرة ليلاً إلى الواحدة فجراً، فيما حدّدت وزارة الأوقاف نصف ساعة فقط لأداء صلاة القيام في المساجد (باستثناء 6 مناطق ذات كثافة سكانية عالية)، اعتباراً من الساعة 12 منتصف الليل.
وفيما أشاد النائب هشام الصالح، وعدد من رجال الدين بقرار وزارة الداخلية، ناشد رجال دين السماح للمساجد بتمديد صلاة القيام، وتطبيق الإجراءات نفسها على جميع دور العبادة، لا سيما أن نصف الساعة لا تكفي، إضافة إلى حالة التواجد الكثيف في المساجد.
وأوضحوا أن السماح بفترة أطول لصلاة القيام يتيح للمصلين أداء الصلاة براحة وسكينة، إضافة إلى إقامة أكثر من صلاة قيام لتخفيف الزحام، لا سيما أن قرار وزارة الأوقاف منع الصلاة في بعض المناطق الاستثمارية، أدى في أول ليلة (ليل السبت – الأحد) إلى زحف المصلين الوافدين إلى المناطق المجاورة لأداء الصلاة، وهو ما انعكس على صورة الكثافات الكبيرة التي شهدتها المساجد، حتى ان المصلين في بعضها افترشوا الطرق والساحات المحيطة بالمسجد لأداء الصلاة.
هشام الصالح
وكان النائب هشام الصالح قد قال، في تصريح صحافي، إن «رواد المساجد والحسينيات اعتادوا على إحياء الذكرى السنوية لاستشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في يوم (الضربة)، حيث تقام مجالس العزاء، إلى جانب إحياء ليالي القدر في العشر الأواخر»، مضيفاً «لقد تواصلنا مع وزارة الداخلية، وقام وزير الداخلية مشكوراً بالسماح لمن يريد إحياء هذه الذكرى في الحسينيات والمساجد، أسوة بصلاة القيام في العشر الأواخر، حيث تم السماح لرواد المساجد والحسينيات بالمرور من نقاط التفتيش الأمنية لإقامة شعائرهم الدينية، وكان هناك تعاون كامل من قبل رجال الداخلية في هذا الشأن».
وأشاد بحسن التنظيم والالتزام بالاشتراطات الصحية في الحسينيات والمساجد، معرباً عن شكره وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي، ورجالها الأبطال على هذا التعاون.
وأوضح أن «ذلك ليس بغريب على ديرة الصباح، فأسرة الصباح تقف على مسافة واحدة من الجميع، حيث يكفل الدستور الكويتي لجميع المواطنين حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية».
إشادات
بدورهم، أشاد عدد من أصحاب الحسينيات ورجال الدين بسماح وزارة الداخلية لأصحاب الحسينيات بإحياء ليالي القدر داخل الحسينيات، وفق الاشتراطات الصحية، مثمنين جهود كل من سعى في الحصول على موافقة وزارة الداخلية وعلى رأسهم النائب هشام الصالح.
وأشاد صاحب حسينية أبا ذر الغفاري، حسين القطان، بتعاون وزارة الداخلية مع الراغبين في إحياء ليالي القدر داخل الحسينيات وفق الاشتراطات الصحية.
وقال إن «الناس في حاجة ماسة لإحياء مثل هذه الليالي المباركة، فشكراً لوزارة الداخلية وكل من أسهم في موافقة الوزارة وعلى رأسهم النائب هشام الصالح».
من جانبه، قال الكاتب وعالم الدين الشيخ أحمد حسين إن «موافقة وزارة الداخلية بالسماح للحسينيات بإحياء لليالي القدر يصب في مصلحة الوطن، ولاسيما في هذه الليالي المباركة التي يدعو فيها الجميع لرفع وباء كورونا عن الكويت ودول العالم قاطبة».
وأشاد حسين بتفهم وزارة الداخلية لحاجة الناس لاحياء هذه الليالي المباركة التي تضفي على القائمين على إحيائها حالة روحية جيدة.
بدوره، شكر خطيب المنبر الحسيني محمد كرم، وزارة الداخلية لإتاحة الفرصة أمام مرتادي الحسينيات لإحياء ليالي القدر، مقدراً تفاهم وزارة الداخلية ووزارة الصحة لهذا الأمر. وأشاد بمن تقدم بهذا المقترح وأسهم في الموافقة عليه وعلى رأسهم النائب هشام الصالح.
كما شكر رئيس مجلس إدارة الحسينية الجعفرية عبدالنبي منصور العطار وزير الداخلية وأركان الوزارة على القرار بفتح المساجد ودور العبادة للقيام.
فريد عمادي
وفي السياق، شدد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المهندس فريد عمادي في تصريح لـ«الراي» على أهمية التزام جميع المساجد بالتوقيت المقرر في التعميم الصادر بحيث تبدأ صلاة القيام في تمام الساعة 12 ليلاً وتنتهي في 12:30 ليلا، مبيناً أن أي مساجد تخالف هذا التوقيت سيتم متابعتها، وعلى رواد المسجد الالتزام بالاشتراطات الصحية.
جاسم العيناتي
وقال الشيخ جاسم العيناتي لـ«الراي» إن «صلاة القيام سنة مستحبة ولا يلزم فيها الجماعة، والمحافظة على الصحة والعافية أهم من النافلة، فهذه المسألة من فقه النوازل، وهنا ولي الأمر أو السلطات في البلاد ترى المصلحة أن تفرض هذه الأعمال والاشتراطات، وهنا ليس لنا أن نقول عدم عدالة بل هي ضرورة لحفظ الصحة».
وأضاف: إن «قضية منع بعض المناطق من صلاة القيام هي قضية أكثر ما تكون قضية صحية، وتقييد الجهات الرسمية هي حماية لأفراد المجتمع مقابل صلاة الجماعة، ومن هنا أرادت الحكومة سلامة المواطن وهذا الأفضل».
طارق العلي
بدوره، قال الشيخ طارق العلي إن «القضية ليست قضية عدالة بل هي أمر احترازي وليست قضية تنقل، وكل شخص يصلي في المساجد القريبة منه»، مبيناً أن القضية ليست قضية سنة وشيعة، بل هي نازلة فقهية وفيها العديد من الفتاوى، وهذا أمر جاء للحفاظ على الصحة، «ولا يفوتنا أن نبين أن صلاة القيام من السنة، وأداء الواجب الديني في العشر الاواخر من هذا الشهرالفضيل»، سائلاً المولى عز وجل ان يتقبل الاعمال وان يحفظ بلدنا الكويت من كل سوء.
بسام الشطي
بدوره، قال الشيخ بسام الشطي إن الدولة لم تمنع أحداً ولكن كل هذه الاشتراطات من باب الاحترازات، ومن المفروض ألا يكون هناك طائفية وأن يشعر الواحد أنه هضم حقه.
وأضاف ان «الدولة منعت صلاة الجمعة والجماعة لأكثر من سنة للمصلحة العامة، والآن حددت أوقاتاً معينة ومن المعروف أن أهل السنة هم من يصلون التراويح والقيام والبقية لا يصلونها جماعة».
الليلة الأولى
في أول اختبار لصلاة القيام في ليلة العشرين من رمضان، بدا واضحاً ليل أول من أمس عدم تطبيق قاعدة واحدة في جميع المساجد، فبعضها دمج القيام مع التراويح، وبعضها أخرها إلى ما بعد منتصف الليل، لكن المفاجأة تمثلت بكثافة المصلين في مساجد المناطق المجاورة للمناطق الاستثمارية التي تم منعها من أداء صلاة القيام، مع تسهيل من قبل وزارة الداخلية لتنقل المصلين بسياراتهم.
ورصدت «الراي» تبعات قرار منع صلاة القيام في 6 مناطق استثمارية تسكنها غالبية من المقيمين، حيث توافد سكان هذه المناطق على مساجد المناطق المجاورة لها، ما تسبّب بكثافة عالية في هذه المساجد، خاصة أن وزارة الداخلية اتخذت قراراً بالتساهل مع المصلين في العشر الأواخر.
واكتظت مساجد منطقة الفروانية بالمصلين وغصت بهم الشوارع المحيطة، بعد زحف المصلين من منطقة خيطان الممنوعة فيها صلاة القيام، ما تسبب في تزاحم كثيف، شبيه بوضع المناطق المجاورة للمناطق التي تم منع الصلاة فيها.
دمج التراويح والقيام
رغم قرار المنع في المناطق الست (حولي وميدان حولي والسالمية والنقرة وجليب الشيوخ والمهبولة)، فقد تواترت أنباء عن توجه أئمة بعض مساجد هذه المناطق، لدمج نية التراويح وصلاة القيام وإطالة صلاة التراويح قليلاً بعد صلاة العشاء مباشرة، لكسب أجر صلاة القيام، مع التنبيه على المصلين أنه يجوز لمن أوتر مع الإمام أن يزيد من الصلاة ما يشاء في منزله من دون ركعة الوتر.
ومع ذلك، توافد عدد كبير من المقيمين بالمناطق الممنوعة إلى المناطق المجاورة التي يستطيعون الوصول لها مشياً على الأقدام، فسكان حولي توجهوا إلى الروضة والجابرية والقادسية، وأهالي السالمية توجهوا إلى الرميثية وبيان والشعب وغيرها.
«الداخلية» تتساهل مع المصلين
شدد وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الأمن العام اللواء فراج الزعبي، على تسهيل وتذليل العقبات أمام المصلين وعدم التعرض لهم، سواء كانوا في سياراتهم أو سيراً على الأقدام.
التعميم، الذي صدر من الزعبي إلى مديري الأمن وقادة المناطق، وصل إلى النقاط الأمنية كافة إضافة إلى جميع المخافر، وطالبهم فيه بالتسهيل على المصلين وتذليل العقبات أمامهم لحين العودة إلى منازلهم بعد أداء الصلاة طيلة العشر الأواخر، حيث باشر رجال الأمن بتطبيق ما جاء في التعميم بعدم التعرض لأي مصلّ حتى انتهاء الصلاة والعودة إلى المنزل.
ممنوع… الانتقال بين المناطق
ناشدت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية المصلين ضرورة الالتزام بما جاء في قرار وزارة الأوقاف، الذي يسمح بإقامة صلاة القيام في المساجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك للرجال، مع تقليص مدتها ما أمكن في حدود 30 دقيقة والتي بدأت بعد منتصف ليل أول من أمس، مع ضرورة الالتزام بالاشتراطات الصحية المعمول بها، مع اقتصار الحضور على الرجال فقط، وعدم إقامة موائد الإفطار أو السحور.
وأوضحت أن صلاة القيام ممنوعة في 6 مناطق ذات الكثافة السكانية العالية، وهي حولي، النقرة، ميدان حولي، السالمية، جليب الشيوخ، المهبولة، بحسب قرار «الأوقاف».
وشددت الوزارة على منع الانتقال بين المناطق والصلاة في دور العبادة بجوار المنازل، توافقا مع الإرشادات الصادرة عن السلطات الصحية، وذلك لضمان سلامة الجميع.