الحق المنقوص في الحياة… ملغى عند الموت أيضاً؟
حق الحدث «البدون»، الذي ذبل حياتياً، كاد أن يذبل بعد أن قضى نحبه تحت عجلات سيارة رباعية دهسه قائدها، عند بيعه الورود في منطقة الروضة، وتحديداً شارع دمشق.
حياة، جراح ابن الخمسة عشر ربيعاً «ذبلت» مثل الورود التي كان يحملها وتبعثرت تحت إطارات الداهس!
جراح، الذي كان يعين والده في كسب لقمة العيش، لم تسعفه الحياة، أن يحياها كأي حدث في مثل سنه ونزل الشارع ليكسب الرزق وسط حرارة اقتربت من الخمسين درجة مئوية أول من أمس، ولم تُكتب له الحياة عندما تعرض للدهس.
جراح، الذي نُقل جثة هامدة إلى المستشفى الأميري، واجه والده صعوبة كبرى في استلام جثته، حيث إنه (جراح) لا يملك شهادة ميلاد أو رقماً مدنياً وكل ما يملكه من اعتراف هو بلاغ ولادة.
«الراي» قصدت والد الضحية جراح، وهو الابن الأكبر لتلك العائلة المكلومة، والمكونة من الأب والأم وستة أطفال.
الأب المفجوع بسنده قال لـ«الراي»: «فجعت مساء أول من أمس بدهس ابني جراح البالغ من العمر 15 عاماً في منطقة الروضة، ونقله إلى المستشفى الأميري الذي هرعت إليه لأرى جثمانه مسجى حيث وصل إلى المستشفى جثة هامدة إثر دهسه من مركبة رباعية، ووجدت صعوبة في تسلم جثمانه بسبب عدم حمله شهادة ميلاد، إضافة إلى ثلاثة من إخوته مكتفين ببلاغ الولادة، بالرغم من صدور حكم محكة لإصدار شهادة ميلاد لهم، إلا أن الجهاز المركزي يرفض تنفيذ الحكم وإصدار شهادة الميلاد إلا بجنسية معلومة، وهذا ما منع استلام جثته لعدم وجود رقم مدني حتى يتم تسجيل بلاغ الوفاة، وتسليمنا الجثة لدفنه، إلى أن تدخل (عيال الحلال) وفزعوا لنا مشكورين وتم إجراء اللازم، وتم دفن جثمانه عصر أمس في مقبرة الصليبخات، ونسأل الله له المغفرة والرحمة».
وتابع والده، والدموع تنهمر من عينيه «ابني كان يدرس في الصف الثامن في المدرسة الأهلية في الجهراء، وكان متفوقاً في دراسته رغم ضيق الحال».
وعن وضع أسرته، قال الأب «أسكن بالإيجار في شقة صغيرة في منطقة الواحة بمحافظة الجهراء، وصدر ضدي حكم بالإخلاء، ما دفعني إلى ترك أغراضي لإيجاد شقة بديلة، وأخذت الحاجات الخاصة لي ولأولادي ووضعتها في السيارة ولجأت إلى منزل أخي الصغير للمبيت فقط لأني لا أملك قيمة الإيجار، بعدما تم فصلي من عملي بسبب أزمة كورونا، وجلست في البيت معتمداً على ابني جراح في بيع الورود للحصول على قوت يومه له ولإخوته الصغار».
الكندري: الحكومة مسؤولة
وجّه النائب الدكتور عبدالكريم الكندري أصابع الاتهام إلى الحكومة، حيث قال: «وفاة طفل بعمر الزهور كالتي كان يبيعها دهساً بالحقيقة هو حادث قتل تتحمل مسؤوليته الحكومة التي ضيقت على البدون عن طريق جهازها المركزي ودفعتهم للعمل بظروف غير إنسانية رافضة الموافقة على قوانين تضمن حقوقهم المدنية وتسوي أوضاعهم كقانون جمعية المحامين».
المصدر: الراي