توج الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الكويتي – السعودي، الذي عقد أمس في الرياض، بتوقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون، ليرتفع إجمالي الاتفاقيات ومذكرات التفاهم إلى 27 بين البلدين، وذلك في ختام المحادثات التي ترأسها عن الجانب الكويتي وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ الدكتور أحمد الناصر وعن الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان.
وعلى هامش الاجتماع، بحث الوزيران العلاقات الأخوية المتينة والمتجذرة التي تربط البلدين، كما تم خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون الراسخ والوثيق بين البلدين، في مختلف المجالات وعلى المستويات كافة.
وفي كلمته أمام المجلس، قال الناصر إن الاجتماع الأول ينعقد بتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ليضيف صفحة جديدة إلى ملحمة وطنية كبرى مشتركة بين البلدين.
واستعرض الناصر، العلاقات التاريخية الكويتية السعودية الممتدة لقرون خلت، واجه فيها البلدان مشتركين، تحديات وأزمات ومواقف، تقف شاهدة على متانة العلاقة وتجاوزها للمفاهيم التقليدية لعلاقات الدول المجاورة، إلى مفهوم الأخوة الحقيقية وروابط القربى ووحدة المصير المشترك في خصوصية فريدة قلما يوجد لها نظير بين الدول.
وقال إن اجتماع المجلس يأتي في إطار رغبة قيادتي البلدين في دفع العلاقات إلى مجالات أرحب، مبنية على تعظيم المصالح المشتركة وتعزيز التكامل على مختلف الأصعدة والميادين، ومنها المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، في إطار عمل مؤسسي، يضمن الاستمرارية والديمومة، ويعزز الحوكمة والمهنية، ويضع آلة قياس موضوعية لمقدار التقدم المنشود.
وأضاف أن المجلس ينعقد بعد خمسة أيام فقط من الزيارة الناجحة لسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، إلى المملكة، في أول زيارة خارجية له، تلبية لدعوة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، حيث «عقدت المباحثات الثنائية بأجواء أخوية حميمة، عكست تطابقاً في الرؤى إزاء مختلف المسائل ذات الاهتمام المشترك، تم فيه التأكيد من خلالها على ضرورة العمل المشترك لتعزيز وتقوية العلاقات في مجالات الاقتصاد والاستثمار، وبما يعكس إمكانيات البلدين وبما يخدم مصالحهما».
وأشار الناصر إلى احتفال الكويت بمرور 30 سنة على تحريرها من الاحتلال العراقي الغاشم، حيث لعبت المملكة العربية السعودية الدور التاريخي والقيادي والريادي والمحوري في التحرير وعودة الشرعية، علاوة على تسخير القدرات والإمكانيات كافة والمشاركة الفعالة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وغيرها، لتحرير الكويت من الاحتلال، وهو ما تم بحمد الله وفضله، وبفضل وقفة الأشقاء والأصدقاء، وعلى رأسهم المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز – طيب الله ثراه – والقيادة السعودية وشعبها.
وقال «هذا الموقف الذي تجسدت فيه مجدداً مصيرية علاقة بلدين والقيادتين، سيظل محفوراً في ذاكرة الكويت وأفئدة الكويتيين إلى الأبد».
كما استذكر «ببالغ العرفان دور خادم الحرمين الشريفين، عندما كان أميراً لمدينة الرياض خلال الاحتلال، وتسخيره لكافة الإمكانيات من أجل استضافة أبنائه الكويتيين، والتي تترجم عمق هذه العلاقات والوشائج».
كما سجل وزير الخارجية، إشادة الكويت بالإنجازات العظيمة التي تحققها المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا في المجالات كافة، مجدداً «الإشادة بنجاح قمة دول مجموعة العشرين التي ترأستها المملكة العربية السعودية، وما حققته من إنجازات ملموسة.
كما نثمن مبادرة الأمير محمد بن سلمان المسماة (مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر)، كأحد الحلول الرائدة في التصدي لظاهرة التغير المناخي على مستوى الإقليم والعالم، إلى جانب الإنجازات التنموية والمبادرات التي ستحقق الريادة التي تبعث على الفخر، من أجل تحقيق رؤية المملكة 2030 الواعدة.
كما نثمن دور المملكة العربية السعودية المتوازن في استقرار أسعار النفط والحفاظ على تأمين إمدادات أسواق الطاقة على مستوى العالم».
وفي إطار التعاون بين البلدين والشعبين، لفت الناصر إلى أن الكويت ترتبط مع المملكة، بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات، ولاسيما العلاقات الاقتصادية والتجارية، التي ساهمت في زيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري، إلى مستويات متقدمة لتحتل السعودية المرتبة الأولى كشريك تجاري للصادرات الكويتية خلال الربع الأخير من العام 2020 بقيمة تفوق 670 مليون دولار، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين للعام الماضي، ما يقارب الملياري دولار.
وأضاف: «لعله من المهم الإشارة إلى دور القطاع الخاص الكويتي، في اقتصاد المملكة والاستثمارات التي تعكس طبيعة العلاقات والمناخ الاستثماري الواعد، كما أن تشجيع الاستثمارات المباشرة سيسهم بدور مهم في تعزيز وتوطيد العلاقات الثنائية الاستثمارية والاقتصادية بين بلدينا، حيث بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في المملكة العربية السعودية الشقيقة ما يفوق 1.560 مليار دولار».
وأكد الناصر في ختام كلمته «الحرص المشترك في هذا الاجتماع المهم، للعمل على مضاعفة وزيادة مستويات التعاون القائم بين البلدين في القطاعات كافة، ومن خلال التوقيع على 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون في مجالات (الشباب- تشجيع الاستثمار المباشر- التربية والتعليم- التعليم العالي والبحث العلمي- الرياضة- ومجالات التقييس المختلفة)، ليصبح إجمالي 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم».
من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الاجتماع دلالة واضحة على الرغبة الصادقة من البلدين لتطوير العلاقات وتنويعها، والسعي الدؤوب لتكريس التعاون الثنائي في شتى المجالات ذات المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة، مضيفاً: «إن أمننا واحد، ومصالحنا مترابطة، وأهدافنا مشتركة، ونعتبر تفعيل هذا المجلس عاملاً قوياً لرفع مستوى التنسيق، والتشاور القائم بيننا سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف تجاه مجمل القضايا التي تهم بلدينا في المنطقة والعالم، وهو ما سيدفع بقوة نحو تعميق ما يربط بلدينا من قواسم مشتركة».
وأوضح أن الآثار السلبية لجائحة فيروس «كورونا» ساهمت في تدني حجم التجارة بين البلدين، آملاً أن يتحسن ذلك في المستقبل القريب، مع الأخذ بالاعتبار أن تكثيف الزيارات المتبادلة لرجال الأعمال، وتشجيع الصادرات، وتذليل كافة العقبات التي تحول دون زيادة التبادل التجاري قياساً بالإمكانات الكبيرة جداً، والفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة في البلدين، سيسهم بشكل جيد في زيادة ونمو التجارة البينية.
الاتفاقيات والمذكرات والبرامج
توجت أعمال الاجتماع الأول للمجلس بتوقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بالإضافة إلى محضر أعمال الاجتماع الأول للمجلس، وشملت المجالات التالية:
1 – اتفاق تعاون في مجال الشباب.
2 – مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر.
3 – مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التربية والتعليم.
4 – مذكرة تعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.
5 – مذكرة تفاهم في مجال الرياضة.
6 – برنامج تعاون فني في مجالات التقييس المختلفة بين الهيئة العامة للصناعة بدولة الكويت والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة.
الانطلاقة
يأتي انطلاق المجلس كثمرة لتوجيهات عليا من الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، وبمباركة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويحظى بعنايتهما ورعايتهما السديدتين، تجسيداً وتحقيقاً للروابط المتجذرة والراسخة بين البلدين وشعبيهما.
الأهداف
يهدف المجلس الذي وقع محضر إنشائه في يوليو عام 2018 إلى:
– وضع رؤية مشتركة تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين، بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
– تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية.
– بناء منظومة تعاون فعّالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها الدولتان.
– تعزيز التعاون والتكامل في المجالات كافة. وضمان التنفيذ الفعّال لفرص التعاون والشراكة.
– إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني وغيرها.