حالف هاكيندي هيشيليما الحظ في المرة السادسة، وأصبح أخيرا رئيسا لزامبيا بعد خمس محاولات فاشلة. وهزم هيشيليما منافسه الرئيسي، الرئيس المنتهية ولايته إدغار لونغو، بأكثر من مليون صوت.
لكن من هو الرئيس الجديد؟ ولماذا نجح بعد سنوات من الفشل؟
وصف هيشيليما، 59 عاما، نفسه بأنه “راعي ماشية” عادي، كان يرعى ماشية أسرته في شبابه قبل أن يصبح أحد أغنى رجال زامبيا.
ويشار إلى الرئيس المنتخب وزعيم الحزب المتحد للتنمية الوطنية على نطاق واسع باسم “ايتش ايتش”. ولد في بيئة متواضعة قبل أن يتمكن من الحصول على منحة دراسية في جامعة زامبيا، وتخرج لاحقا بدرجة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة.
واستمر في جني ثروة في مجالات التمويل والممتلكات وتربية المواشي والرعاية الصحية والسياحة.
لقد استخدم خلفيتيه المهنيتين لجذب الناخبين.
أخبر الناخبين أنهم بحاجة إلى رجل أعمال ناجح لفهم كيفية تحريك الاقتصاد في الدولة الغنية بالنحاس، حيث ترتفع معدلات البطالة. كما استخدم جذوره الزراعية لمناشدة المزارعين في البلاد، قائلاً إنه يستطيع تحويل زامبيا إلى سلة غذائية للمنطقة.
لكن قدرة هيشيليما على التواصل مع الناخبين الشباب ربما كانت العامل الأكبر في نجاحه. أكثر من نصف السبعة ملايين ناخب المسجلين في زامبيا تقل أعمارهم عن 35 عاما. ونحو واحد من كل خمسة منهم عاطلون عن العمل.
واجتاحت الجبهة الوطنية الحاكمة السلطة في عام 2011 واعدةً “بضرائب أقل، والمزيد من الأموال في جيوب الناس والمزيد من الوظائف”. لكن ذلك لم يتحقق بالنسبة للعديد من الشباب وقد صوتوا بالملايين لصالح هيشيليما.
إحدى الطرق التي تواصل بها مع الشباب كانت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. لم تكن هذه هي الانتخابات الأولى التي حاول فيها هيشيليما استخدام فيسبوك وتويتر للتواصل مع الناخبين، لكنه رفع من مستوى ذلك مؤخرا.
كما أنه كان على استعداد لمواجهة الألاعيب “القذرة”.
إذ أصدر العام الماضي مقطع فيديو بعنوان “قصة اثنين من المهنيين …”، قدم هيشيليما على أنه رجل أعمال ذكي ومسؤول ولونغو كشخص ينفق كل أمواله في الحانات والنوادي الليلية. “أيهما أذكى؟” سأل الفيديو.
وكان هيشيليما يعلق غالبا على المواضيع التي يحكى عنها على وسائل التواصل الاجتماعي بعيدا عن السياسة، وخاصة كرة القدم – وهي طريقة مؤكدة للتواصل مع الناخبين. كان أحيانا يسخر من مشجعي مانشستر يونايتد وأرسنال إذا خسر فريقهم.
كما هنأ اللاعبين الزامبيين الذين انتقلوا بأموال كبيرة إلى أوروبا، بما في ذلك باتسون داكا، الذي انضم مؤخرا إلى ليستر سيتي، وفاشون ساكالا، الذي وقع لصالح بطل اسكتلندا رينجرز.
حتى أنه كان يعلق على مبارياتهم الودية قبل الموسم، ويبدو أنه يظهر اهتماما حقيقيا بمسيرتهم المهنية. وجرب لونغو تكتيكات مماثلة، لكن كثيرون شعروا أنها جاءت وكأنها مفروضة عليه.
وغالبا ما يستخدم هيشيليما اللغة العامية على وسائل التواصل الاجتماعي، كما استخدم مصطلحات تعتبر من لغة الناس في الأسواق والحانات، ولم يستخدم فقط لغة نخبة رجال الأعمال.
ويبدو أن ذلك نجح. وتدفق الآلاف من أنصار هيشيليما إلى شوارع لوساكا بعد فوزه.
وأظهر هيشيليما مرونة في حياته السياسية. إلى جانب خسائره الانتخابية الخمس، غالبا ما يقوم بتذكير الناس أنه تم اعتقاله 15 مرة منذ دخوله السياسة.
وفي عام 2016، اتُهم بالخيانة بسبب مزاعم عن عدم إفساح المجال أمام الموكب الرئاسي. وأمضى أربعة أشهر في سجن شديد الحراسة قبل إسقاط التهم بحقه. في خطاب قبول منصبه، مدّ الرئيس المنتخب هيشيليما غصن زيتون لسلفه.
وقال هيشيليما، الذي تعرض للهجوم في كثير من الأحيان في ما قال إنها محاولات لإسكاته وترهيبه بصفته زعيما للمعارضة: “لا تقلق، ستكون على ما يرام، فلن تواجه عقوبة أو تتعرض للغاز المسيل للدموع”.
وبعد حصوله أخيرا على الوظيفة العليا، سيحتفل هيشيليما بلا شك. لكن الرئيس المنتخب الجديد سيحتاج إلى العمل بسرعة في بلد يواجه العديد من المشاكل.
إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، ارتفعت تكلفة المعيشة بشكل سريع. ولأول مرة منذ عام 1998، دخلت زامبيا في ركود اقتصادي العام الماضي مع انتشار جائحة كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم.
أما بالنسبة للأموال التي تدين بها الدولة للمانحين الأجانب، فمن المقدر أن تصل الى أكثر من 12 مليار دولار.
وهذا يعني أن الحكومة مهددة بإنفاق ما لا يقل عن 30٪ من إيراداتها على الفوائد المترتبة عن هذه القروض، وفقا لشركة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بورز غلوبال.
خلال العام الماضي، تخلفت زامبيا عن سداد الفائدة، مما جعلها أول دولة أفريقية تتخلف عن سداد قرض خلال الوباء. كما أنها تواجه صعوبات في سداد قروض أخرى.
ويتوقع أن تخبو موجة شعبية هيشيليما إذا لم يتمكن من البدء في إصلاح بعض هذه المشاكل، وبسرعة.