قرر القضاء الأميركي الإفراج المشروط عن الموصوف بأشهر وأقدم سجين فلسطيني في العالم، وهو سرحان بشارة سرحان، النزيل منذ 53 سنة في سجن بمدينة San Diego في الولاية، لإقدامه ليلة 5 يونيو 1968 على قتل سيناتور أميركي، كانت الاستطلاعات تؤكد فوزه بانتخابات رئاسية مقررة في نوفمبر ذلك العام، فقضى الديمقراطي روبرت كينيدي بأربع رصاصات أطلقها عليه سرحان بعد لحظات من إلقائه كلمة في مهرجان انتخابي بقاعة فندق “أمباسادور” في مدينة لوس أنجلوس.
بدقائق اعتقلوا سرحان في قاعة الاغتيال نفسها، ثم حاكموه وصدر في 1969 حكم عليه بالإعدام، تم تعديله في 1972 إلى السجن المؤبد، بسبب إلغاء كاليفورنيا لعقوبة الإعدام، وخلال سنوات سجنه كان سرحان، العازب وغير الحاصل على الجنسية الأميركية، بل فقط على الأردنية، يتقدم كل 5 أعوام بالتماس للإفراج عنه، وفقاً لما ورد بتقرير نشرته “العربية.نت” أمس، وفيه ذكرت أن جديداً طرأ على التماس قدمته محاميته أمس الجمعة بطلب الإفراج عنه بشروط، والطارئ الجديد هو أن النيابة الأميركية لم تعلن، ولأول مرة، عن معارضتها لإخلاء سبيله، كما اعتادت في 15 التماسا قدمها.
سرحان لحظة القبض عليه في وقت كان السيناتور مستلقيا على ظهره ينازع من أثر الرصاص عليه
سرحان لحظة القبض عليه في وقت كان السيناتور مستلقيا على ظهره ينازع من أثر الرصاص عليه
أمس الجمعة، أعلن مدعي مقاطعة لوس أنجلوس George Gascon أنه لن يعترض على الإفراج عن سرحان إذا تبنى أعضاء مجلس الإفراج المشروط بولاية كاليفورنيا هذا القرار، وأوضح أنه برغم إعجابه بروبرت كينيدي، القتيل بعمر 42 سنة، إلا أنه يلتزم بموقفه القاضي بأنه “يجب ألا يكون للنيابة دور في مثل هذه القضايا” لذلك بتت هيئة مؤلفة من شخصين بقرار الإفراج الذي يحصل عادة في اليوم الذي تعقد فيه الجلسة، وبعدها سيكون لأعضاء المجلس 90 يوما لمراجعة القرار وإحالة القرار المعدل إلى حاكم الولاية.
وعلى حد ما ورد بوسائل إعلام أميركية عدة، كما عبر الوكالات التي بثت تصريحا لمحامية سرحان Angela Berry قالت فيه إن قرار الإفراج “يستند إلى من هو سرحان اليوم وليس على ما حدث في الماضي” فقد تم دعم فكرة، ملخصها أن سجله النموذجي في السجن، وعدم تشكيله أي خطر على أي كان، يقضيان بضرورة الإفراج عنه، وهو ما حدث أمس، ونجد المزيد عنه في الفيديو المعروض.
وليس مدعي لوس أنجلوس، هو الوحيد الذي لم يمانع هذه المرة بالإفراج عن سرحان، البالغ 77 سنة، بل ظهر في جلسة المحكمة أمس Douglas Kennedy الابن الأصغر للسيناتور القتيل، فأيد أيضا قرار الإفراج، وقال إنه كان صغير السن عندما قُتل والده، لكنه بكى تأثرا بسبب ندم سرحان “المفترض إطلاق سراحه إذا وجد أنه لا يمثل تهديدا للآخرين (..) لقد عشت حياتي في خوف منه ومن اسمه بطريقة أو بأخرى. وأنا ممتن اليوم لرؤيته كإنسان يستحق العطف والحب “كما قال.
انهار باكيا ولم يستطع الكلام
ما إن انتهى الابن الأصغر دوغلاس من كلامه، حتى نظر إليه سرحان وابتسم له، امتنانا لما قال، وفق ما استنتجته “العربية.نت” من تقرير نشره موقع شبكة ABC News التلفزيونية الأميركية عما دار في الجلسة، وفيه ذكرت أن سرحان سيتم ترحيله إلى الأردن بعد الإفراج عنه.
إلا أن تقرير لـ”نيويورك تايمز” أوضح أن قرار المحكمة يعني أن هناك توصية بإطلاق سراحه لكنه لا يعني انه صار حرا، مما يعني أن القرار أصبح بيد حاكم ولاية كاليفورنيا.
ورد في تقرير ABC News أيضا، أن مفوض مجلس الإفراج المشروط، روبرت بارتون، ذكر بأن بعض أفراد عائلة كينيدي وموظفي إنفاذ القانون بلوس أنجلوس “عبروا في بداية الإجراءات عن معارضتهم الإفراج عن سرحان الذي سبق واعترف بأنه غاضب من دعم كينيدي لإسرائيل” ولما سألوه في جلسة أمس الجمعة عن الصراع في الشرق الأوسط اليوم، انهار باكيا ولم يستطع الكلام، فقال له بارتون: “خذ نفسا عميقا” فرد سرحان بأنه لا يتابع ما يجري في المنطقة، لكنه يفكر بمعاناة اللاجئين، وأنه سينأى بنفسه عن الصراع في الشرق الأوسط.
سرحان بشارة سرحان، ولد في القدس المحتلة قبل 77 سنة، وهاجر منها بعمر 12 مع والديه وإخوته الأربعة إلى الولايات المتحدة، وقام باغتيال كينيدي يوم الذكرى السنوية الأولى لهزيمة مصر وسوريا والأردن في “حرب الأيام الستة” عام 1967 أمام إسرائيل. أما روبرت كينيدي، الذي ترك 9 أبناء وأرملة ما زالت حية للآن، وعمرها 93 سنة، فهو شقيق الرئيس جون كينيدي، القتيل بالرصاص قبله بخمسة أعوام.