تحول سيد سادات الوزير الأفغاني السابق المقيم في ألمانيا إلى عامل تسليم طلبيات بمدينة لايبزيغ شرقي البلاد. وقد وصل سادات إلى ألمانيا قبل أشهر عدة من انهيار النظام في كابول أمام تقدم حركة طالبان. ومع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان، يأمل سادات الذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية أن يتمكن من عرض خبرته على الحكومة الألمانية كمسؤول سابق ببلاده.
إعلان
لا يجد الوزير الأفغاني السابق سيد سادات أي حرج من شغله كعامل تسليم طلبيات بمدينة لايبزيغ الألمانية. ببزة برتقالية فاقعة ولست ساعات في اليوم، يسلم سادات وجبات الطعام إلى المنازل على دراجة هوائية في ألمانيا.
ويقول الرجل الخمسيني في أحد شوارع مدينة لايبزيغ (شرق ألمانيا) “لا عيب في الأمر، فهو عمل مثل أي عمل آخر”.
ويردف “إذا كان العمل متوفرا، فهذا يعني أن هناك طلبا وينبغي لأحدهم تلبية هذا الطلب”.
ويقوم سيد سادات ببزته البرتقالية التي تحمل رمز شركته وحقيبة على ظهره بتسليم البيتزا وغيرها من الأطباق للزبائن، وذلك لست ساعات خلال خمسة أيام ومن الظهر حتى العاشرة مساء في عطلة نهاية الأسبوع.
ولم تكن النقلة سهلة بالنسبة إليه وهي قد تنذر بمآل آلاف الأفغان الذين أجلتهم القوات الألمانية مؤخرا من بلدهم إثر استيلاء حركة “طالبان” على السلطة أو هؤلاء الذين قد يدخلون ألمانيا بوسائلهم الخاصة في الأشهر أو السنوات المقبلة.
عمل موقت
يقول سادات إن عمله في مجال تسليم الطلبيات “هو لفترة موقتة ريثما يعثر على عمل آخر”. ويكشف مبتسما أنه بكامل لياقته البدنية بعدما صار يقطع حوالى 1200 كيلومتر على دراجته الهوائية كل شهر.
ومع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي من أفغانستان، يأمل سيد سادات أن تعود خدماته بالنفع على ألمانيا. وهو يقول “يمكنني تقديم المشورة للحكومة الألمانية لخدمة الشعب الأفغاني، إذ في وسعي إعطاء صورة واقعية عن الوضع الميداني”.
لكن لا معارف له بعد في هذه الأوساط وتقضي أولوياته راهنا بتسليم الطلبيات في شوارع لايبزيغ في ولاية ساكسونيا.
210 آلاف أفغاني
منذ عدة أعوام يشكل الأفغان ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين في ألمانيا من حيث العدد، بعد السوريين، مع حوالي 210 آلاف طلب لجوء تم تقديمه منذ 2015.
وقد وصل سيد سادات إلى ألمانيا قبل أشهر عدة من انهيار النظام في كابول في وجه حركة “طالبان”. وكان سادات تولى وزارة الاتصالات في بلده بين 2016 و2018.
وهو يؤكد اليوم أنه ترك منصبه لأن الكيل قد طفح من فساد الحكومة. وقد عمل في أفغانستان كمستشار في قطاع الاتصالات بعد ترك الوزارة.
لكن في 2020، قرر الرحيل في ظل تدهور الوضع الأمني، حسب ما يقول.
وبالرغم من أنه يحمل أيضا الجنسية البريطانية، حط في ألمانيا في أواخر العام 2020، وذلك قبل أن يجعل بريكسيت هجرة البريطانيين أصعب.
ويعتبر سادات أن فرصه في مجال عمله أوفر في ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي. لكن سرعان ما تحول عدم إلمامه الألمانية إلى عائق لتقدمه، خصوصا في ظل جائحة كوفيد-19 التي ضيقت آفاق تعلم اللغة وسط تدابير الإغلاق.
والآن بات سيد سادات يكرس أربع ساعات كل يوم لدراسة اللغة قبل أن يصعد على دراجته الهوائية ويسلم الطلبيات لحاسب “ليفيراندو”.
ويتقاضى 15 يورو في الساعة، أي أكثر من الحد الأدنى للأجور في البلد الذي يوازي 9,50 يوروهات في الساعة. ويساعده أجره الضئيل هذا على سد حاجاته الأساسية.
وليس سيد سادات مخولا الحصول على صفة لاجئ والمخصصات ذات الصلة بها لأنه يعد مواطنا بريطانيا في المقام الأول. ويؤكد الرجل الذي يرفض التحدث عن عائلته أنه غير نادم على قراره هذا.