أكد وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ الدكتور أحمد الناصر أن الكويت ستواصل الدفع بمسيرة العمل العربي وتقريب وجهات النظر بين الأشقاء.
وجدد الناصر التضامن التام مع مصر والسودان في حل أزمة سد النهضة، مشدداً من جانب آخر على دعم مبادرة السعودية لإيجاد حل سلمي في اليمن وأهمية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
جاء ذلك خلال ترؤس الناصر، اليوم الخميس، أعمال الدورة العادية الـ156 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، بالرئاسة الدورية لدولة الكويت ولمدة الستة أشهر المقبلة.
وتسلمت الكويت رئاسة المجلس الوزاري من قطر بصفتها رئيسا للدورة السابقة للمجلس الوزاري وذلك خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع الدورة العادية لمجلس الجامعة الدول العربية.
وتمت خلال الاجتماع مناقشة كافة البنود المدرجة على جدول الأعمال والقرارات والموضوعات المعنية بدعم وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما تضمنته البنود المدرجة كذلك من قضايا ومواضيع تتعلق بالتطورات الراهنة في المنطقة.
كما تم بحث آليات تطوير مختلف مجالات التعاون بين المنظومة العربية والدول الصديقة والمنظمات الدولية الأخرى.
وألقى الناصر كلمة الرئاسة لهذا الاجتماع، وأعلن من خلالها افتتاح أعمال الدورة العادية الـ 156 على المستوى الوزاري، مشيداً بدولة قطر على الرئاسة الناجحة للدورة السابقة الـ 155 وجهودها المبذولة في سبيل تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك خلال فترة توليه الرئاسة.
«كورونا»
وقال الناصر، خلال الكلمة، «منذ تفشي جائحة كورونا في العالم أجمع وردت أرقام وإحصائيات في تقارير صادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى ارتفاع نسبة البطالة في منطقتنا العربية لعام 2021 إلى ما يبلغ 5ر12 في المئة وانكماشا اقتصاديا قد يصل إلى نسبة 6 في المئة ووجود أكثر من 51 مليون شخص يعانون من الجوع أي ما يعادل 2ر12 من سكان المنطقة العربية».
وأوضح أن «هذا ما يبين بشكل جلي أنه لا توجد دولة محصنة بالكامل من هذه الجائحة أو إفرازاتها أو تداعياتها إن لم نكن جميعنا محصنون. ولذا فتضافر الجهود الدولية ومنها العربية في هذا المجال يدخل في خانة الحتميات أكثر من الخيارات وهنا فإننا ندعو الى تعاون منسق أكثر بيننا فيما يخص تعزيز المنظومات الصحية والتعامل بشكل تكاملي مع تداعيات هذه الأزمة فيما يخص الأمن الغذائي وتداعياتها كذلك على قطاع التعليم وذلك للحيلولة دون أن يكون هناك أي أجيال ضائعة والتعاون أكثر في قطاعات تقنية المعلومات بيننا».
تحديات
ولفت الناصر إلى أنه «تنعقد دورتنا الحالية في ظل استمرار التحديات الجسيمة التي تواجهها منطقتنا العربية وظروف دقيقة تلقي بظلالها وثقليها على النظامين العربي والإقليمي وأثرت على كافة دولنا العربية بدون استثناء».
وأكد أن ذلك «يحتم علينا إعطاء الأولوية نحو التنسيق العربي بما يتعلق بقضايانا الملحة وضرورة انتهاج النقاش والحوار البناء والقبول بهامش من الاختلاف في وجهات النظر بهدف الوصول إلى حلول لأزمات المنطقة والتفكير في مستقبل العمل العربي المشترك وبث الروح في آلياته وأجهزته وإعطاء المجالات الأخرى للتعاون الأهمية التي تستحقها وتقديم الدعم الحقيقي لجامعتنا العربية وتزويدها بالإمكانيات والأدوات اللازمة لتمكينها من ممارسة دورها الفاعل والمؤثر والسير قدما في عملية تطويرها واعتماد الآليات التي تكفل الارتقاء بالآداء ولجعل العمل العربي المشترك أكثر استدامة وقابلية للتكيف مع المتغيرات المتسارعة من حولنا ولعل التطورات الأخيرة في أفغانستان وانعكاساتها وارتداداتها السياسية والأمنية على المنطقة تدعونا إلى تضافر الجهود العربية لمواجهة هذا التحدي والطارئ الجديد».
وأكد على «أهمية الاستمرار في أسلوب العمل الجديد الذي بدأنا في انتهاجه بعقد الاجتماعات الوزارية التشاورية والتي تمثل أرضية خصبة لمناقشة قضايانا الهامة وفرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر في إطار يتصف بالصراحة والشفافية بعيدا عن الأساليب التقليدية المعتادة مشيدين بجهود دولة قطر الشقيقة في عقد الاجتماع الوزاري التشاوري الأول في شهر يونيو الماضي في الدوحة ومتطلعين الى الالتقاء بمعاليكم في الاجتماع الوزاري التشاوري الثاني في دولة الكويت خلال الفترة القادمة».
وأضاف الناصر: «ستواصل دولة الكويت أثناء رئاستها لهذه الدورة الدفع بمسيرة العمل العربي المشترك خدمة لأهداف ومبادئ ميثاق جامعة الدول العربية والاستمرار بمساعيها وجهودها الحثيثة لتنقية الأجواء وتقريب وجهات النظر بين الاشقاء بهدف تحقيق التضامن العربي المنشود والتأكيد على عمق الروابط والعلاقات الأخوية التي تربط دولنا العربية».
القضية الفلسطينية
وقال الناصر: «نقف اليوم لنجدد دعمنا وتأييدنا للقضية الفلسطينية العادلة والتي تعتبر الركيزة الأساسية للسلام في الشرق الاوسط وأهم عوامل الاستقرار في المنطقة، ولقد أعطت الأحداث في شهر مايو الماضي والعدوان الإسرائيلي الواسع على الأراضي الفلسطينية المحتلة زخما جديدا لهذه القضية تمثل بردود الأفعال الدولية التي اتفقت جميعها على أهمية استئناف عملية السلام وايجاد نهاية لهذا الصراع الذي طال أمده».
وذكّر بأن «القرار 8660 الصادر عن اجتماعنا الذي عقد في 11 مايو 2021 أكد على تحميل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مسؤولية الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والمطالبة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الشقيق».
وأضاف: «نؤكد في هذا الصدد على موقفنا المبدئي والثابت في دعم خيارات الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة والدعوة إلى إعادة إحياء عملية السلام على أسسها السليمة المبنية على قرارات الشرعية الدولية وحث الأطراف الدولية بما في ذلك اللجنة الرباعية على اتخاذ الخطوات العملية من أجل اطلاق مفاوضات ذات مصداقية تعالج جميع قضايا الحل النهائي والانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة والتوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».
وتابع «نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي في دعم وكالة الأونروا مؤكدين على الاستمرار في دعم الوكالة ودورها الحيوي في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والغوثية للشعب الفلسطيني».
اليمن
وقال الناصر: «في ما يتعلق بالأزمة اليمنية التي دخلت عامها السابع وفي ظل ما يعانيه الشعب اليمني الشقيق من مآسي وتدهور حاد للحالة الإنسانية والصحية نتيجة استمرار هذه الأزمة المأساوية وكذلك التداعيات الخطيرة لتفشي الأوبئة وجائحة كورونا، فإننا نعرب عن دعمنا لمبادرة المملكة العربية السعودية لإيجاد حل سلمي في اليمن وأهمية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي».
وأكد من جديد على «موقفنا الثابت بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لمعالجة هذه الأزمة المستند على المرجعيات الثلاث وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما القرار 2216 ودعم جهود المبعوث الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ ونعبر عن القلق إزاء التصعيد العسكري الذي تشهده الآن بعض المدن اليمنية».
وأضاف: «ندين ونستنكر بأشد العبارات كافة الاعتداءات والهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية الشقيقة من قبل الميليشيات الحوثية، مؤكدين وقوفنا إلى جانب المملكة لكافة الإجراءات التي تتخذها للحفاظ على أمنها واستقرارها وسيادتها باعتبار أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي».
العراق
وأشاد الناصر بالنسبة بما صدر عن مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة والذي عقد أخيراً في العاصمة العراقية بغداد من «نتائج تصب في صالح أمن واستقرار العراق والذي ينعكس بدوره على استقرار المنطقة بأكملها».
وقال: «نؤكد هنا دعمنا لاستقرار العراق الشقيق الذي يمر بمرحلة هامة من مسيرته السياسية تتمثل في الانتخابات البرلمانية التي ستنعقد بتاريخ 10 أكتوبر 2021 والتي تتطلب من دول المنطقة والمجتمع الدولي دعمه ومساندته لعقدها ولتمكين الحكومة العراقية من ترسيخ مقومات سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية تلبية لتطلعات وطموحات شعبه الشقيق».
سورية
وحيال القضية السورية، شدد الناصر على «قناعتنا الثابتة في عدم وجود حل عسكري لهذه الأزمة وأن الحل الوحيد هو من خلال تسوية سياسية وفقا لقرار مجلس الأمن 2254 والمضي قدما في عمل اللجنة الدستورية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وفقا لقرار المجلس الوزاري الأخير 2585 والاستجابة لتطلعات الشعب السوري الشقيق، ولا يفوتنا ان نؤكد في هذا السياق على أن الجولان السوري المحتل هو أرض عربية محتلة من قبل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في مخالفة صارخة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن».
وأشاد بـ «الجهود المثمنة التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون».
ليبيا
وفي ما يخص القضية الليبية، أكد الناصر «أهمية التوصل إلى توافق حول الاستحقاقات السياسية والامنية والدستورية التي تقود الى اجراء الانتخابات الوطنية المقررة في 24 ديسمبر 2021 واستكمال اعمال اللجنة العسكرية (5+5) تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بما يحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق ويضع حدا لكافة التدخلات الخارجية بما تنطوي عليه من تهديد للأمن والاستقرار في ليبيا والإضرار بالأمن القومي العربي تنفيذا لمخرجات مؤتمر برلين 1 و 2 وقرارات مجلس الأمن 2510 و 2570 و 2571 والبيان الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 15 يوليو 2021 كما نؤكد استمرار دعمنا كذلك لجهود السيد يان كوبيش المبعوث الاممي الخاص لليبيا الهادفة لتسوية الازمة الليبية».
سد النهضة
وأعرب الناصر عن «تضامننا التام مع جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان الشقيقتين في حل أزمة ملء وتشغيل سد النهضة ورفضنا لأي اجراء أحادي يمس حقوقهما المائية باعتبار أن أمن مصر والسودان المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي مؤكدين بذات الوقت دعمنا لكافة المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء هذا الملف بما يراعي مصالح كافة الأطراف وذلك وفقا لقواعد القانون الدولي واعلان المبادئ الذي وقعته كل من أثيوبيا ومصر والسودان عام 2015».
الملاحة البحرية
وأعرب الناصر عن «بالغ القلق من التبعات الخطيرة لتهديد أمن وسلامة الملاحة البحرية والتأكيد على أهمية مبدأ حرية الملاحة في المياه الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقية قانون البحار وضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في الخليج العربي وبحر عمان والبحر الأحمر وتأمين خطوط امدادات الطاقة».
وأكد «دعمنا للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 9 أغسطس 2021 حول الأمن البحري وما انطوى عليه البيان من أسس ومرجعيات دولية تدعو إلى الحفاظ على أمن وسلامة تلك الممرات البحرية لما تمثله من شريان رئيسي للاقتصاد العالمي كما نجدد أهمية الالتزام بكافة الصكوك والمواثيق الدولية ذات الصلة وعلى رأسها معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000 متطلعين للتعاون مع المجتمع الدولي تحقيقا لأمن وسلامة تلك الممرات واستمرار تدفق التجارة العالمية».
واختتم: «نؤكد على إدانتنا ورفضنا لجميع أشكال التدخلات الخارجية التي تمس سيادة أي من الدول العربية الشقيقة مشددين على إدانة تلك التدخلات في الشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية باعتبارها تمثل انتهاكا صارخا لسيادة الدول وتجاوزا لكل الأعراف والقواعد القانونية الدولية».