خلص تقرير المكتب الفني في اللجنة المالية البرلمانية إلى ضرورة المحافظة على استقلالية البنك المركزي وعدم التقيد بالرقابة المسبقة لديوان المحاسبة والاكتفاء برقابة الديوان اللاحقة، نظراً للطبيعة الخاصة لعمل البنك المركزي.
تناقش اللجنة اليوم الاقتراحين بقانونين، ومذكرة المكتب الفني، في شأن تعديل بعض أحكام القانون 32/ 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي، وتنظيم المهنة المصرفية بحضور وزير المالية والفريق المختص من بنك الكويت المركزي بالإضافة إلى رئيس ديوان المحاسبة والفريق المختص.
وجاء في مذكرة المكتب الاقتراح بقانون الأول بتعديل بعض أحكام القانون المذكور المقدم من النائب مبارك العرو، والاقتراح الثاني بتعديل بعض أحكام القانون ذاته، المقدم من النواب عبدالعزيز الصقعبي، بدر الحميدي، مهلهل المضف، والدكتور حمد المطر، أسامة الشاهين، أن الاقتراح الأول يهدف لإحكام الرقابة على بنك الكويت المركزي، بإخضاعه لأحكام قانوني المناقصات العامة والخدمة المدنية، هذا فضلاً على توسيع نطاق صلاحيات الديوان وفرض الرقابة المسبقة واللاحقة على حسابات البنك المركزي، والتي تخضع لها جميع أجهزة الحكومة والمؤسسات العامة الأخرى.
وجاء الاقتراح بقانون بتغليظ العقوبات (الحبس والغرامة) في حال التجاوزات بالنسبة للأعضاء أو العاملين في البنك.
أما الاقتراح الثاني فجاء أشمل، ويهدف إلى تفعيل دور البنك المركزي من خلال تطوير التشريعات وتفعيل قواعد الحوكمة على الجهات الخاضعة لرقابة البنك، وإخضاعه للرقابة المسبقة لديوان المحاسبة في إطار حماية البنك المركزي من تدخلات السلطة التنفيذية والتشريعية وضمان دور أكبر للبنك في مجال التعاون مع البنوك المركزية العالمية، كما يهدف إلى وضع قواعد وشروط في اختيار رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وتحقيق النزاهة والشفافية وجودة العمل من خلال إلزام مجلس الإدارة والعاملين في البنك بقواعد السلوك وأخلاقيات المهنة.
رأي البنك
وتضمنت مذكرة المكتب الفني رأي اللجنة التشريعية البرلمانية التي رأت أن الاقتراحين بقانونين لا تشوبهما شبهة مخالفة أحكام الدستور، ورأي بنك الكويت المركزي الذي أشار إلى أنه يطبق بالفعل الرقابة الخاصة بالجوانب الإدارية والمالية بشكل محكم ومن خلال منظومة رقابية شاملة ومستمرة تمارسها أكثر من جهة رقابية من الجهات المتخصصة، وضمن أطر قانونية تهدف إلى تحقيق ذات الأغراض التي يتضمنها الاقتراح، كالتالي:
أ-المراقبون الماليون: وفقاً للقانون 23/ 2015 بإنشاء جهاز المراقبين الماليين، فإنه يوجد في بنك الكويت المركزي مراقبون ماليون معينون من قبل الجهاز، ويتولون مهام المراقبة المالية والتدقيق المسبق على عمليات البنك.
ب- رقابة ديوان المحاسبة: يخضع البنك المركزي للرقابة اللاحقة لديوان المحاسبة طبقاً لأحكام المادة 14 من القانون 32 /1968، ويتخذ البنك ديوان المحاسبة مرجعية أساسية له في شأن تدقيق حساباته وموجوداته.
وأشار البنك المركزي في رده إلى أن تقارير ديوان المحاسبة لم يدربها أي مخالفات أو تجاوزات لدى البنك المركزي على مدار ما يناهز الأربعين عاماً.
ج- التدقيق الخارجي: طبقاً لأحكام المادة (49) في قانون النقد والبنك المركزي، فإن مجلس الوزراء يقوم باختيار مكاتب مراقبي الحسابات الخارجيين للبنك المركزي وتحديد أتعابها، هذا ويراقب حسابات البنك المركزي عدد 2 مكتب تدقيق خارجي من مكاتب التدقيق العالمية.
د- مكتب التدقيق الداخلي في بنك الكويت المركزي: تتمثل أحد ضوابط الرقابة الداخلية في البنك المركزي في مكتب التدقيق الداخلي والذي أنشئ منذ مباشرة بنك الكويت المركزي لأعماله في عام 1969، ويتبع مباشرة مجلس إدارة البنك المركزي وهو إحدى الركائز الأساسية لنظم الرقابة الداخلية الفعالة.
ويتولى هذا المكتب مهام أعمال التدقيق المحاسبي المالي والإداري لكافة عمليات البنك المركزي والتأكد من كفاءة الأنظمة والسياسات الرقابية المتبعة، وكشف أي انحرافات أو مخالفات قد تقع، فضلاً عن التنسيق والتعاون مع مدققي حسابات البنك الخارجيين، كما أنه يقوم بإعداد وتحديث الدراسات في شأن أنظمة الرقابة الداخلية لعمليات البنك المركزي والتأكد من سلامة تطبيقها ورفع تقرير دوري في شأن ما قد يوجد من ثغرات أثناء تطبيقها والتوصية اللازمة بتقويمها واقتراح التعديلات اللازمة.
هـ- لجنة التدقيق المنبثقة عن مجلس الإدارة: تم في شهر أكتوبر عام 2019 تأسيس لجنة تدقيق منبثقة عن مجلس إدارة بنك الكويت المركزي لتتولى تنفيذ المهام المنوطة بها والمحددة من قبل مجلس الإدارة.
هذا بالإضافة إلى البيانات والتقارير التي تقدم للحكومة بموجب أحكام المادة (50) من القانون المشار إليه (كالبيان الشهري عن موجودات ومطلوبات البنك، وتقرير سنوي عن أعمال البنك وميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن السنة المالية، ولمحة عامة عن الشؤون النقدية والمصرفية والمالية).
وأكد البنك المركزي في رده على أن الاقتراح بقانون الأول يتضمن تعديلات تنطوي بالضرورة على تدخل جهة رقابية أخرى في قرارات بنك الكويت المركزي التي حرص المشرع على استقلاليتها ليس من خلال ما جاء به قانون البنك المركزي فحسب بل من خلال ما أكدته قوانين أخرى جاءت لاحقة والتي حرصت بدورها على استثناء بنك الكويت المركزي من إخضاعه لأحكامها تأكيداً لتلك الاستقلالية.
وعليه لا يتفق بنك الكويت المركزي مع الاقتراح بتعديل المادة (14) من القانون وإلغاء المادة (49) من القانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، أما بالنسبة للتعديلات الخاصة بتغليظ بعض العقوبات فلا بأس بالأخذ بها.
ديوان المحاسبة
أشار ديوان المحاسبة إلى أنه يتفق مع بعض التعديلات المقترحة على القانون مع إضافة بعض التعديلات المقترحة عليها وبما لا يؤثر على أعمال البنك في شأن السياسة النقدية والائتمانية له ويؤدي إلى تذليل الصعوبات التي تواجه العمل الرقابي للديوان على بنك الكويت المركزي.
كما تضمنت بعض التعديلات المقترحة تغليظ بعض العقوبات الواردة في القانون، ويرى الديوان أنها تعود للسلطة التقديرية لمجلس الأمة متى ارتأى بأن العقوبات الحالية غير رادعة ولا تتناسب مع حجم المخالفة، مع مراعاة تعديل المذكرة الإيضاحية للاقتراحات بالقوانين المذكورة وفقاً لما يتم الأخذ به من هذه المقترحات والواردة في الجدول.
المكتب الفني
يرى المكتب الفني أنه من المهم المحافظة على استقلالية البنك المركزي وعدم التقيد بالرقابة المسبقة لديوان المحاسبة فهي لا تناسب أعمال البنك المركزي، والأفضل الاكتفاء برقابة الديوان اللاحقة، نظراً للطبيعة الخاصة لعمل البنك المركزي التي تتطلب وضع السياسات دون أي تدخل، وقد أكد عليه المشرع في مواد القانون نفسه حتى يتمكن البنك المركزي من قيامة بتنفيذ أغراضه باستقلالية ودون التدخل في السياسة النقدية حفاظاً على اقتصاد الدولة وقوة ومتانة الدينار الكويتي وسلامة القطاع المصرفي.
حيث إن البنك المركزي أثبت بجدارة صحة اتخاذه للقرارات السريعة خاصة في مواجهة الأزمات المفاجأة التي تستوجب التدخل السريع ومرونة اتخاذ القرارات التي تتطلبها طبيعة هذه المهام والتي تصب في صالح الاقتصاد الوطني، شأنه في ذلك شأن البنوك المركزية العالمية الأخرى. كما حدث فعلاً في أزمة 2008 وأزمة جائحة كورونا في 2020.
أما بالنسبة للتعديلات على مواد القانون المشار إليه فإن المكتب الفني يرى فيما يخص الرقابة المسبقة من قبل ديوان المحاسبة، أن فرضها قد يعطل ويطيل الإجراءات، لذا نرى عدم التقيد بالرقابة المسبقة والاكتفاء بما هو معمول به حالياً، وهو التدقيق على حسابات البنك المركزي وموجوداته.
أما فيما يخص التقيد بقانون المناقصات، فالاقتراح الأول فإن البنك المركزي خاضع لقانون المناقصات العامة.
أما الاقتراح الثاني فلا بأس به لأنه مذكور كما هو في النص الأصلي لقانون المناقصات العامة رقم (49) لسنة 2016 في المادة الثانية والتي نصت على «البنك المركزي: تخضع لاختصاص الجهاز مناقصات إنشاء مباني البنك المركزي وصيانتها ويستثنى ما عداها من اختصاص الجهاز وتتولاها لجنة العقود الخاصة بالبنك وفقا لتعليمات تصدر من محافظ البنك المركزي على أن تخضع لرقابة ديوان المحاسبة وفقاً لقواعد اختصاصاته، ووفقا للقانون رقم (32) لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية وتعديلاته» ومن ثم لا حاجة هناك لهذا التعديل.
أما في الجزء المتعلق بخضوع البنك المركزي لديوان الخدمة المدنية، فإننا نرى عدم ملاءمة هذا التعديل، لطبيعة عمل البنك المركزي الخاصة والتي تتطلب مهارات وخبرات دقيقة ومتخصصة في العاملين لديه، أسوة بما هو معمول به في البنوك العالمية، ولهذا يجب أن يترك له حريه الاختيار حتى يستطيع أن يستقطب الكفاءات المناسبة.
وينوه المكتب الفني أن الدولة في صدد معالجة نظام التوظيف وتعديل سلم الرواتب الحكومية ما يسمى قانون البديل الاستراتيجي وحددته من ضمن أولويات الخطة الخمسية الحالية.
وأضاف المكتب أنه يتفق بالتعديل المقترح المقدم من البنك المركزي في شأن وضع قواعد الحوكمة الخاصة بالبنك المركزي والجهات الخاضعة لرقابته.
وبالنسبة للمادة (18) الخاصة بوضع شرط المؤهلات العلمية لأعضاء مجلس الإدارة، فإن المكتب الفني يتفق مع ما جاء في الاقتراح ومع وضع ضوابط وشروط للاختيار والتعيين ليكونوا من ذوي الخبرة في القطاع المصرفي والاقتصاد، ولكن ليس بالضرورة المؤهلات العلمية العالية.
يتفق المكتب الفني مع تغليظ العقوبات (الحبس والغرامة).
في المادة (50) مكرر فإن البنك المركزي يقدم العديد من الإحصاءات والإصدارات الشهرية أو الفصلية، وكذلك التقارير الاقتصادية وهي منشورة على موقع البنك المركزي، وبالتالي فلا داعي الاستزادة بإضافة مادة بهذا الشأن.