أتى انتشار جائحة «كورونا» ليزيد مصاعب العربات المتنقلة في السوق المحلي، مع إيقاف وزارة التجارة والصناعة لمنح التراخيص للراغبين في دخول هذا القطاع منذ أشهر طويلة من أجل دراسة وضع السوق وسبل تنظيمه بشكل يواكب التغيّرات، وغياب التنسيق بينها وبين بقية الجهات المعنية في البلدية و«الداخلية» لجهة المسؤولية عن مراقبة التراخيص والالتزام بالأنشطة والقوانين المرعية.
ووسط سيطرة المواد الغذائية بأنواعها كافة على نحو 90 في المئة من القطاع بحسب العديد من المبادرين، يتطلع هؤلاء إلى سعي جدّي من قبل المسؤولين لتنظيم القطاع وإعاة إطلاقه بشكل يرضي طموحاتهم، ويساعدهم على تعويض الخسائر الكبيرة التي تكبدوها منذ بدء أنشطتهم
وفيما يصل عدد العربات المتنقلة المرخصة في السوق إلى نحو 2000 مركبة، يشير العديد من أصحابها إلى أن تكلفة بدء النشاط في هذا القطاع تضاعفت في العامين الأخيرين، مع اضطرارهم لشراء المركبة الموجودة والرخصة التابعة لها والقيام بتحويلها فقط في ظل إيقاف وزارة التجارة.
وفي هذا الإطار، رأى المبادر مشاري المراغي، أن قطاع العربات المتنقلة يحتاج إلى الكثير من التنظيم والتنسيق بين المسؤولين في الدولة وأصحاب المشاريع، وعدم العمل على تنفيذ أي خطة يتم التوصل إليها من أجل حلّ العوائق التي تواجه المستثمر.
وأضاف المراغي أن العربات المتنقلة باتت اليوم تنتشر على البحر والشوارع والساحات، من دون أي تباعد فيما بينها، لافتاً إلى أنه بين بقالة وأخرى هناك واحدة ثالثة وبين مطعم وآخر هناك مطعم ثالث أيضاً، مقدراً عدد العربات المتنقلة المرخصة في السوق المحلي بنحو 2000 تقريباً، وكاشفاً أن العديد منها توقف عن مزاولة النشاط في ظل الإجراءات المشددة والخسائر الكبيرة التي وقعت عليهم مع انتشار جائحة «كورونا» في بداية العام 2020.
الأعياد الوطنية
من ناحيته، أوضح المبادر ناصر التحو، أن مشاكل العربات المتنقلة لا تعد ولا تحصى، وأبرزها غياب التنسيق بين الجهات المعنية بمنح التراخيص وعدم معرفة كل منها باختصاص الجهة المقابلة لها، ما يؤدي إلى ضياع المبادر في الإجراءات المطلوبة منه.
ولفت إلى جود نحو 300 موقع للعربات المتنقلة مع منح تراخيص لنحو 2000 عربة متنقلة في قطاع المأكولات والمواد الغذائية حتى اليوم (من دون احتساب بقية القطاعات)، لافتاً إلى منع أصحابها من إيقافها خلال الأعياد الوطنية رغم نيلهم الترخيص من «التجارة».
وأفاد التحو بأن المشاكل الأخرى التي يعاني منها أصحاب العربات المتنقلة تشمل أيضاً عدم تحديد مواقع إلا لمن يحمل رخصة «فورد تراك» (مطاعم) أو مواد غذائية (بقالة)، ومنع المتخصصين في خدمة السيارات (البنشر) أو الخياط أو بائعي الورود وغيرهم من الوقوف في الأماكن المحدة، وحرمانهم بالتالي من دعم العمالة، خصوصاً إذا كانوا تحت الباب الخامس (أصحاب الأعمال) بحجة عدم وجود موقع محدد لهم لمزاولة أعمالهم.
وذكر أن العديد من العربات المتنقلة تتوقف اليوم في المناطق البعيدة والشاليهات مثل العبدلي وغيرها من دون تراخيص، مستفيدة من غياب الرقابة عليها من قبل المسؤولين.
تعسف في الغرامات
من ناحيته، أوضح صاحب إحدى العربات المتنقلة المتخصصة بالمأكولات «فود تراك»، عبدالرحمن الكندري، أن العاملين في القطاع يعانون من الغرامات الباهظة التي يتكبدونها من قبل الجهات المعنية في الدولة، مثل هيئة الغذاء التي تفرض غرامة بقيمة 500 دينار في حال اكتشفت وجود بعض الغبار خلال جولتها على العربات المتنقلة، في حين تصل غرامة عدم وجود كارت الضمان الصحي مع العمال إلى نحو 1000 دينار، ما يعني أنه على المبادر أن يعمل ما بين 3 إلى 4 أشهر لتعويض قيمة مثل هذه الغرامات غير المستحقة.
وأوضح الكندري أن الأزمة الأخرى التي يعاني منها القطاع تشمل في عدم وجود أماكن مميزة لعرض منتجاته، مبيناً أنه لو وُجدت فستكون مكتظة بالمبادرين الذين يتسابقون على وضع مركباتهم فيها.
ورأى الكندري أن بعض التجار انزعجوا عند فتح باب التراخيص للعربات المتنقلة، واشتكوا من زيادة المنافسة، وخصوصاً في قطاع المطاعم، فقاموا بمحاربة المبادرين عن طريق السلطات المسؤولة عن منح التراخيص في الدولة بمختلف أنواعها.
إبداع شبابي
ورأى الكندري أن الشباب الكويتي أبدع في الأفكار عند فتح الباب لمنح التراخيص في قطاع العربات المتنقلة، فظهرت المشاريع في قطاع الأغذية والمأكولات والخياطة والورود وخدمة السيارات والحلاقين وألعاب الأطفال وغيرها.
غياب الرقابة
من جهته، قال المبادر حسين دشتي، إن قطاع العربات المتنقلة يعاني اليوم من تحديات عدة، خصوصاً بعد جائحة «كورونا»، لافتاً إلى أن عدم تنظيم القطاع من قبل الجهات المعنية في وزارة التجارة والصناعة والبلدية، وضياع التراخيص فيما بينها، وعدم الرقابة على الأنشطة بالشكل الصحيح، ما ينعكس سلباً على أعمال المبادرين في هذا المجال.
وأضاف دشتي أن أصحاب العربات المتنقلة يعانون اليوم من عدم وجود أماكن لممارسة أنشطتهم فيها، مبيناً أن بعض الساحات تتسع لنحو 30 عربة متنقلة إلا أن السلطات المعنية لا تمنح أكثر من 3 تراخيص فيها، الأمر الذي يضعف المنافسة ويؤدي إلى التلاعب بالأسعار بحسب ما يريد المبادرين ومن دون أي ضوابط في هذا الإطار.
وتابع دشتي أن أغلبية المشاريع القائمة في قطاع العربات المتنقلة هي للمواد الغذائية والمأكولات التي تسيطر على 90 في المئة من الأنشطة، مقابل 10 في المئة لأنشطة الورود أو الهدايا وغيرها، مرجعاً هذا الأمر إلى بحث أصحاب المشاريع عن الربح السريع والعالي الذي توافره المأكولات على أنواعها في ظل الإقبال الكبير على مختلف الأصناف من قبل المواطنين والمقيمين في الدولة.
وأفاد دشتي بأن المبادرين يعانون أيضاً من عدم توضيح أسباب وقف تراخيص العربات المتنقلة من قبل وزارة التجارة والصناعة منذ أشهر طويلة، منوهاً إلى أن هذا الأمر رفع التكلفة على أصحاب العربات المتنقلة بنحو الضعف مقارنة بما قبل «كورونا» إلى نحو 15 ألف دينار، مع الإجبار على شراء العربة ورخصتها والقيام بتحويلها، في حين أن الكلفة بالسابق كانت تتراوح بين 7 و10 آلاف دينار تشمل سعر المركبة وكلفة التراخيص المطلوبة.