واصل المنتدى العالمي لثقافة السلام فعالياته لليوم الثاني على التوالي تحت شعار «القيادة من أجل السلام العادل».
وخلال جلسة «دور المنظمات الحكومية الدولية» التي أدارها مدير مركز دراسة وممارسة حل النزاعات الدكتور عمر جريتش، تحدث المشاركون عن دور تلك المنظمات في احلال السلام.
بدوره قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف الحجرف: لعلنا نبدأ بشكر مستحق لرائد من رواد الفكر و علم من أعلام الثقافه وداع من دعاة الأمن و السلام، فشكرا بقدر إيمانكم برسالة الثقافه والسلام العادل أيها العم الفاضل الجليل عبدالعزيز سعود البابطين، والشكر موصول لجميع القائمين على المنتدى العالمي لثقافة السلام العادل بنسخته الثانية ممثلة بمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية على دعوتهم الكريمة لنا للمشاركة في هذا المنتدى الهام والذي يأتي في وقت نحن جميعا بأشد الحاجة لمن يذكرنا بأن الأمن والسلام نعمة تتطلب المحافظه عليها، بإيمان الجميع بها وعمل الجميع المتكامل لصونها و تعزيزها لخدمة البشرية.
وأضاف: كما أود أن أشيد بنتائج أعمال المنتدى العالمي لثقافة السلام العادل بنسخته الأولى والذي عقد في لاهاي في عام 2019، والتي أكدت على تعليم قيم ومبادئ السلام في المناهج التعليمية، والعمل على تنشئة جيلٌ واعٍ في بيئة آمنة يسودها السلام والاحترام، وإدراج الوعي الوطني الذي يحافظ على التراث الثقافي ونشر ثقافة السلام بين المجتمعات، وتعزيز الثراء الثقافي وهويات المناطق وتعزيز قيم التسامح والتواصل بين مكونات المجتمعات، ووضع الاستراتيجيات اللازمة لمنع النزاعات المسلحة، وتعزيز الديبلوماسية الوقائية في ظل ما يشهده العالم من صراعات واضطرابات وتهديدات مستمرة للأمن والاستقرار الدوليين.
وتابع: يأتي المنتدى العالمي الثاني لثقافة السلام العادل اليوم تحت عنوان ( القيادة من أجل السلام العادل ) وسوف أتطرق لهذا العنوان في محورين: الأول: جهود مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تعزيز ثقافة السلام العادل، أما الثاني: ضرورة حشد وتكامل الجهود لترسيخ ثقافه السلام العادل.
وأوضح: ففي المحور الأول المتعلق بجهود مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تعزيز ثقافة السلام العادل، فلقد لعب مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ تأسيسه في 25 مايو 1981 وعلى مدى 4 عقود ولايزال، دورا رئيسيا ومحوريا في تعزيز الأمن و الاستقرار في المنطقة والعالم. فأصبح ركيزة له، ومؤمنا به، وساعياإلى صونه و المحافظه عليه، وداعيا إلى الحوار كوسيلة لحل النزاعات تحت مظلة ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
واستشعر مجلس التعاون أهمية تعزيز ثقافة السلام العادل وضرورة تعزيز مفاهيم السلام والعمل الجماعي لتحققه، حيث يولي أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الاهتمام البالغ في صون الهوية الثقافية، وجعلها ركناً أساسياً في الخطط الاستراتيجية التنموية الهادفة لبناء الدولة والإنسان، فقد اعتمدوا الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية 2020-2030م، والتي أكدت بأن المشاركة الثقافية حق لكل مواطن إنتاجاً واستفادة وحواراً ونقداً، والعمل على استيعاب روح العصر بتوظيف العلم والتقنية في المجالات الثقافية والحوار مع الثقافات الأخرى لتعزيز قيم السلام، باعتبارها مكوناً أساسياً من مكونات الحضارة الإنسانية، والتركيز على مبادئ التسامح والتعايش والحوار واحترام الآخر ونبذ مظاهر العنف والتعصب والتطرف.
وتابع: كما ركز محور الأمن الثقافي على تعزيز قيم الوسطية والتسامح والحوار والتعايش واحترام القانون بين مكونات المجتمع، ودعم حرية الفكر والإبداع وحماية المجتمع، وخصوصا الطفل، من الثقافة المحرضة على العنف.
وأضاف: ومن هذا المنطلق يسعى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من خلال تعزيز مشاركاته في المحافل والفعاليات الثقافية الدولية، إلى بناء وتفعيل الشراكات الاستراتيجية مع الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية والاستفادة من تجاربها في دعم وتشجيع وإرساء ثقافة السلام بين أطياف المجتمعات، والمشاركة في كل ما يضيف ويثري مفهوم السلام، فبناء ثقافة السلام مهمة مشتركة تتطلب تضافر الجهود الدولية، وتوحيدالصفوف في مواجهة التطرف الفكري، ونبذ العنف، وتربية النشء الجديد على القيم الفاضلة والتسامح واحترام حقوق الإنسان.
وشدد على أن ثقافة السلام مفهوم يحتوي على منظومة قيم إيجابية تترجم إلى أفعال وسلوكيات تؤدي إلى تغييرات ونتائج داخل المجتمع، من خلال تهيئة الظروف المؤدية إلى إحلال السلام سواء على صعيد التعامل بين الافراد أو الجماعات أو على المستويين الوطني والدولي، وهنا بالإمكان النظر لثقافه السلام كمنهجية واعتباره نمط حياة و هدف عالمي وضرورة بقاء.
وقال الحجرف: ومن هنا أولت دول مجلس التعاون، كدول محبة للسلام، في خططها الاستراتيجية والتنموية ورؤاها المستقبلية، إشراك فئات المجتمع كافة في ثقافة السلام، وبخاصةً المرأة التي تعد نصف المجتمع وفئة الشباب التي تمثل عماد المستقبل، وتشكل ما يزيد عن 60% من فئات المجتمع.
وتحدث الحجرف عن المحور الثاني المتعلق بضروره حشد وتكامل الجهود لترسيخ ثقافة السلام العادل، قائلا: ينطلق مما استمعنا إليه وعلى مدى اليومين الماضيين وخلال جلسات هذا المنتدى من الجهود الكبيرة التي تبذل وعلى كل المستويات لتعزيز ثقافة السلام العادل. ولعل استثمار منصة المنتدي العالمي للسلام والذي تبنته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافيه كمنصة عالمية تجمع أصحاب القرار والفكر والمجتمع المدني والجامعات والمختصين والمهتمين، تمثل فرصة تاريخية لحشد وتكامل الجهود العالمية لترسيخ ثقافة السلام العادل من خلال المبادرة و القيادة من أجل السلام العادل.
ولفت إلى أن جهودنا جميعا لتعزيز ثقافه السلام العادل كأسلوب تعايش ومطلب ضروري لضمان مستقبل أفضل للجميع، أقول إن جهودنا نحو ذلك ستبقى غير مكتملة لتحقيق اهدافها إن لم تأخذ بالحسبان كل مهددات السلام العادل وكل عوامل نقضه وتقليصه.
وخلص إلى أنه؛ ففي الوقت الذي نناقش فيه اليوم جهود تعزيز ثقافة السلام العادل، يموج العالم باضطرابات غير مسبوقة و تصم الآذان طبول الحرب التي تقرع في أكثر من مكان، والكوارث والأزمات التي يواجهها الإنسان، فتعمي الأبصار صور الدمار القبيحة والمجاعات البشعة والانفجارات الدامية والكوارث الطبيعية.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي نأمل بتعزيز ثقافه السلام العادل، هناك ملايين الأسر المشردة وملايين الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحروب والكوارث والنزاعات، والذين يمثلون أهدافا سهلة للفكر المتطرف والإرهاب. وفي الوقت الذي نعمل على تعزيز ثقافة السلام العادل، هناك عمل منظم لنقيضه و من خلال بعض وسائل الاعلام وبعض منصات التواصل الاجتماعي والتي تهدف إلى تغذية الصراعات والنزاعات والإرهاب.
وتابع: وفي الوقت الذي نشحذ فيه الهمم و الجهود لتعزيز ثقافه السلام العادل، هناك ملايين من الشباب في مناطق كثيرة حول العالم ممن فقدوا المستقبل واستسلموا لليأس والإحباط فخبت جذوة التفاؤل وضعفت شعلة الأمل، الأمر الذي يحتم علينا جميعا كصوت للسلام ومن إيماننا الكامل بضروره تعزيز ثقافة السلام العادل أن نضع هذه المهددات ضمن مستهدفات العمل الجماعي ولكي نمنح الشباب أينما كانوا أملا بغد أفضل.
واختتم الحجرف كلمته قائلا: لا يسعني إلا أن أحيي جهودكم لتحفيز الأطراف المشاركة على المستوى الاجتماعي والسياسي والتعليمي للتركيز على سياسات الوسطية والتسامح والتعايش بين الأجيال والثقافات والأعراق المختلفة من أجل مستقبل آمن للعالم. كما لا يفوتني شكر جميع من ساهم في الإعداد والتنظيم والمشاركه في هذا المنتدى، والشكر موصول لجمهورية مالطا رئيسا وحكومة وشعبا على استضافة المنتدى في ربوع هذا البلد الجميل.
بدوره قال الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش: التجربة أكدت لنا انه لا يمكن الاكتفاء بالمنظمات الرسمية بل يتحتم إشراك مؤسسات تقع بين ما هو حكومي وما هو مدني، لافتا إلى أن الشعوب هي الخاسر الأكبر لغياب السلام.
من جانبه قال المدير العام لمنظمة الايسيسكو سالم محمد المالك أن السلام يبقى بحاجة إلى مناصرين فكريا وعمليا، داعيا إلى الحد من ظاهرة استخدام الألعاب الالكترونية.
وتابع: لا نقف عند حدود القول لا للحرب بل نقول نعم للسلام، مؤكدا انه على مؤسسات المجتمع المدني واجب ضخم لنشر ثقافة السلام ولنا في مؤسسة عبدالعزيز سعودالبابطين الثقافية خير شاهد.
أما الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية عبدالقوي أحمد يوسف فأكد أن هناك أهمية لمنع استخدام القوة وعلينا استخدام مبدأ حل النزاعات من خلال السلام. وشدد على ضرورة الإيمان بسيادة القانون، لافتا إلى أن أوكرانيا التجأت إلى محكمة العدل الدولية وكذلك روسيا. كما شدد على أن دور القانون لا ريب فيه فهو أداة من أجل رفاهية المجتمع، لافتا إلى أن السلام جزء لا يتجزأ من العدالة.
أما الممثل الاقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خالد خليفة فقال: النزوح القسري يحدث كل عام وأعداد النازحين لم تنقص منذ تسع سنوات، لافتا إلى أن المؤسسات الدولية تأسست لتتعامل مع كل هذه الحالات الطارئة.
بدوره، قال ممثل جامعة الدول العربية محمد الشافعي: تسعى الجامعة العربية بكل جهدها للتعاون والتنسيق والحوار بشكل رسمي ديموقراطي يحفظ الكرامة ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
وفي الختام تحدث رئيس جامعة مالطا ألفريد ج فيلا قائلا: على الجامعات الانخراط في عملية بناء السلام، لافتا إلى أن الجامعات تشكل الأجيال التي تصنع المستقبل.
وأضاف: القادة السياسيون يمكنهم العمل للحد من الحروب وهذا يجب أن يتم فقط من خلال المفاوضات.