بعد جدل طويل، ومناقشات امتدت لسبع ساعات رُفعت خلالها مرتين، خلصت الجلسة الخاصة لمجلس الأمة المتعلقة بقوانين المتقاعدين، أمس، إلى توصية نيابية للحكومة بأن تكون منحة الـ3 آلاف دينار لأصحاب المعاشات التقاعدية بمعزل ومنأى عن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون التأمينات، على أن يعاد تقرير اللجنة البرلمانية المختصة بهذا الشأن إليها لمزيد من الدراسة.
فقد قوبل شرح وزير المالية عبدالوهاب الرشيد لمضمون المشروع الحكومي، لاسيما البند الخاص برفع سن التقاعد، بموجة رفض نيابي، وضع فيه النواب «فيتو» على الاقتراب من الأمر، مؤكدين أن ذلك سيكون له انعكاسات سلبية، أبرزها تضخم ملف البطالة، فيما كانت الدعوة إلى أن تكون منحة الـ3000 دينار سنوية، وطالبوا بإعادة النظر في قيمة القرض الحسن من مؤسسة التأمينات، لتلبية احتياجات من يحصل عليه.
وتعرضت الحكومة لهجوم كبير، خلال مناقشة التقرير المشترك للجنتين المالية والتشريعية، حول تعديلاتهما على المقترح الحكومي، حتى وصل الأمر إلى الدعوة لاستقالة وزير المالية ومساءلة رئيس الوزراء، ولم يقف الهجوم والانتقادات، إلا بإعلان رئيس المجلس مرزوق الغانم عن تلقيه طلباً من الحكومة، وفق المادة 84، بقفل باب النقاش وإعادة التقرير للجنة المالية لمزيد من الدراسة، حيث اقترح الغانم بأن تكون هناك توصية للمجلس لتكون منحة الـ3 آلاف دينار بمعزل عن القانون، على أن يؤجل ويعاد إلى اللجنة المالية، حيث وافق المجلس على ذلك، ورفعت الجلسة عندما كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة إلا عشر دقائق مساء.
وأعرب عدد من النواب عن الشكر والتقدير للتوجيهات السامية لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، بتوزيع نسبة من أرباح مؤسسة التأمينات الاجتماعية للمتقاعدين، مؤكدين، خلال مناقشة التعديل الحكومي لقانون التأمينات الاجتماعية، أهمية شريحة المتقاعدين وتحقيق الحياة الكريمة لهم، مشيرين الى أن مشروع القانون الحكومي يتضمن نقاطاً إيجابية للمتقاعدين، كما يتضمن ما أسموه ألغاماً، أو دس السم بالعسل.
فقد طالب النائب الدكتور حمد المطر بزيادة الحد الأدنى لرواتب النساء المتقاعدات إلى 1000 دينار، ورفع قيمة القرض الحسن إلى 6 آلاف دينار.
وأكد النائب سعدون حماد ضرورة أن يكون نظام الادخار والاستثمار المقترح من الحكومة اختيارياً، وكذلك رفع سن التقاعد. وتوجه النائب الصيفي مبارك الصيفي بالشكر إلى سمو الأمير وسمو ولي العهد، مشيرا إلى أنه لولا سمو ولي العهد لما كانت الجلسة والمنحة للمتقاعدين.
وعقّب الصيفي على كلمة وزير المالية متسائلاً «بما أن الوزير يقول إن الكويت هي الأدنى خليجياً وعالمياً في سن التقاعد، فهل لذلك تأثير على قضية التوظيف والبطالة؟»، واعتبر أن مبلغ المنحة 3 آلاف دينار قليلة، مطالباً برفع المنحة إلى إجمالي مليار دينار.
وقال النائب الدكتور عبدالكريم الكندري إن المتقاعد الجديد لن يحصل على المنحة، وهذا مخالف للفكرة التي طلبتها القيادة السياسية، كما أن رفع سن التقاعد ليس اختيارياً كما يقول المشروع الحكومي، موضحاً أن «التقاعد المبكر يتسبب في خسارة للمتقاعد».
من ناحيته، أكد النائب سعود أبو صليب ضرورة صرف مكافأة سنوية للمتقاعدين وليس مرة واحدة، وسجل اعتراضه على رفع سن المتقاعد.
وأشار النائب مبارك الحجرف إلى أن المشروع الحكومي في مجمله جيد، ولكن المنحة يجب أن تكون مشاركة في الربح وهو حق أصيل للمتقاعدين، وأن تشمل ذوي الإعاقة، كما طالب الحجرف بزيادة الرواتب التقاعدية.
وقال النائب الدكتور حسن جوهر إن مشاركة المتقاعدين في أرباح التأمينات يجب أن تكون مستمرة، لأنهم يشاركون في تمويل الصناديق التأمينية.
وتساءل «هل العجز الاكتواري يتم احتسابه في الكويت بطريقة خاصة؟ وهل تحسب الخسائر المحققة أم لا؟ ولماذا قروض التأمينات أعلى نسبة فوائد في الكويت؟».
ورد وزير المالية عبدالوهاب الرشيد على الاعتراضات النيابية الخاصة بما جاء في المشروع الحكومي حول معالجة العجز الاكتواري، وقال «مؤسسة التأمينات الاجتماعية تعاني من عجز اكتواري، فكيف توزع منحة من العدم؟ لا يجوز هذا الموضوع». وأضاف «هناك خطر حقيقي أن الناس يمكن ألا يحصلوا على رواتب عند التقاعد.
وليس مسؤوليتي أن أبيع الوهم، نحن نعطي منحة شريطة إصلاح النظام ووضعه في طريقه السليم».
وذكر أن «موضوع توزيع منحة أو أرباح من مؤسسة عاجزة اكتوارياً أمر غير مقبول فنياً أو دستورياً أو أخلاقياً، فكيف المؤسسة تعاني وتوزع أرباحها؟ هذه الأرباح حقيقية ولا يوجد تلاعب، إذا هي ارتفاع في الأصول، فهل نسيّل الأصول ونوزعها على الناس؟ هذا أيضا أمر غير سليم».
واستعرض الرشيد سن التقاعد في دول الخليج، مبيناً أن الكويت هي الأدنى، وتابع «نحن نطبق توجيهات القيادة السياسية في إشراك المتقاعدين في نجاحات المؤسسة».
وأضاف: الخيارات أمامنا والرأي للمجلس، إذا حذفنا الشروط الخاصة بالسن، فمن الصعب توزيع منحة، سواء من الخزينة العامة أو من المؤسسة بسبب العجز الاكتواري.
وأمام الهجوم النيابي، أوضح الرشيد كلامه، فقال «عندما قلت (وهم) أقصد وضع المؤسسة، فلا يمكن توزيع (منح) من مؤسسة عاجزة اكتوارياً.
نحن نأتي لتطبيق توجيهات القيادة السياسية بإشراك المتقاعدين بالأرباح»، مستطرداً «نعم هناك رفع لسن التقاعد، وهناك خياران أمام الموظف للتقاعد: إما التقاعد المبكر أو إكمال 35 سنة خدمة، ونحن راعينا أقل سيناريو على الناس، ولم نذهب للاستقطاع».
مواقف نيابية منحة صارت… نقمة
انتقد النائب أحمد مطيع مشروع القانون الحكومي، وقال إن «مكرمة الـ3 آلاف دينار التي كانت باقتراح من سمو ولي العهد، صارت الآن نقمة على غير المتقاعدين، من خلال رفع سن التقاعد، واسأل هل المعاقون تشملهم المكرمة؟ ويجب أن تكون جميع المقترحات وفق الشريعة الإسلامية».
الحشيمة لـ… أبو بدلة وأبو دشداشة
في مداخلة له هاجم النائب حمدان العازمي «الخبير الاكتواري اللي لابس البدلة» متهماً إياه بأنه «هو سبب المشكلة، وكل مشكلة يتحملها المتقاعدون، بينما هو يزيد راتبه».
فعقب الغانم عليه بالقول «اللي لابس بدلة واللي لابس دشداشة، كلهم ضيوف ولهم الحشيمة عندنا».
خذ… وطالب
قال النائب خالد العنزي إن «وزير المالية أكد أن منحة المتقاعدين ستصرف قبل شهر رمضان، وإذا كان البعض يرى أن المبلغ قليل، فليتقدم في ما بعد باقتراح لمبلغ آخر… خذ وطالب».
طعن دستوري
عبر النائب عبدالله المضف عن الخشية من الجانب الدستوري للقانون، ولاسيما منحة الـ3 آلاف دينار، وقال «المطلوب مني أن أعطي هذه المكافأة من دون مقابل، وهم يستحقون ذلك، لكن ماذا عن الموظفين؟ أعتقد أن هناك خللاً وعرضة للطعن الدستوري».
«تزريق»
أشار النائب عدنان عبدالصمد إلى أن «التوجه النيابي كان يتركز على إعطاء المتقاعدين منحة 3 آلاف دينار، وزيادة سنوية 20 ديناراً، ويفترض ألا يتضمن القانون بقية الأمور، لكن الحكومة أدخلت في القانون نقاط (تزريق)».
إحراج النواب
رأى النائب شعيب المويزري أن «وزارة المالية ربطت صرف المكافأة بالموافقة على 500 مليون دينار سنوياً غير محددة، كما ربطتها برفع سن التقاعد وهذا ابتزاز.
تبون تضغطون على النواب وتحرجونهم أمام المتقاعدين… يفترض أن تصرف نسبة سنوية.
وتبون تصرف لكم 3 آلاف دينار وتضرون إخوانكم المؤمن عليهم حالياً؟… هذا القانون مسخ».
بساتين… وألغام
ذكر النائب سعود أبو صليب أن ما جاء في المشروع الحكومي يعتبر مشكلة، «لأننا نريد صرف مكافأة من فئة، ونعطيها إلى فئة ثانية.
بدأنا صباحاً ببساتين، وأصبح أمامنا (مساء) الآن حقل ألغام، وهذا كلام مرفوض».
التأمينات ليست شركة لتوزيع الأرباح
أكد النائب الدكتور عبيد الوسمي أهمية الموازنة بين كفالة رفاهية الأفراد، والمحافظة على استدامة هذه المؤسسة.
وقال إن المبلغ المقترح يهدف إلى رفع العبء عن المتقاعدين، مشيراً إلى أن التأمينات تعمل لتحقيق الكفالة الاجتماعية، ويجب أن تلتزم بدورها القانوني.
وأضاف الوسمي «يبدو لي أن هناك فهماً خاطئاً في عمل مؤسسة التأمينات، فهي ليست شركة تجارية لتوزيع الأرباح، وهذه ليست جزءاً من وظيفة المؤسسة.
فماذا لو أفلست هذه المؤسسة؟ من يتحمل عدم قيامها؟ لابد من الموازنة في كفالة حياة كريمة للأفراد، والمحافظة على استدامة المؤسسة».
صرف المنحة بعيداً عن القانون
بعد تشعب النقاش وكثرة الاعتراضات النيابية، قال الغانم إن الحكومة قدمت طلباً، وفق المادة 84 بقفل باب النقاش وإعادة التقرير للجنة المالية لمزيد من الدراسة، فطالب النائب صالح الشلاحي رئيس الوزراء بأن يطلب من مؤسسة التأمينات منح مكافأة الـ3 آلاف بعيداً عن القانون.
اقتراح بجعل المنحة سنوية
أثناء الجلسة، تقدم 10 نواب باقتراح لتعديل فقرة من المادة الأولى من مشروع الحكومة الخاصة بتعديل قانون التأمينات الاجتماعية من«منحة مالية لمرة واحدة»إلى«منحة مالية كل سنة قيمتها 3 آلاف دينار».
ووقع على الاقتراح النواب ثامر السويط، محمد المطير، خالد المونس، فارس العتيبي، مبارك الحجرف، شعيب المويزري، أحمد مطيع، عبدالكريم الكندري، حمدان العازمي، صالح الشلاحي.