أكد وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد الناصر أن «إيران ليست طرفاً في حقل الدرة، فهو حقل كويتي – سعودي خالص»، مشيراً إلى أن للكويت والسعودية وحدهما حقوقاً خالصة في استغلال واستثمار هذا الحقل، وذلك وفق الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين.
وجاء موقف الناصر في بيان أصدره، بعد ظهر أمس، تعقيباً على ما ذكره في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية بالجمهورية الفرنسية الصديقة جان إيف لودريان بعد إجراء محادثات مشتركة، تطرقت إلى العلاقات الثنائية ومجمل تطورات الأوضاع في المنطقة.
وقال الناصر إن ما ذكره خلال المؤتمر الصحافي في شأن حقل الدرة «المقصود فيه هو مفاوضات الجرف القاري باعتبارها مفاوضات ثلاثية كويتية – سعودية – إيرانية لترسيم حدود الجرف القاري بين الدول الثلاث».
وخلال المؤتمر، أشار الناصر إلى اجتماعه وضيفه بسمو ولي العهد نيابة عن سمو أمير البلاد، حيث أكد سمو الشيخ مشعل الأحمد على المكانة الكبيرة التي توليها الكويت لفرنسا، وحرص البلدين الكبير على تنمية العلاقات المتميزة بينهما في مختلف المجالات.
العلاقات الثنائية
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت الكثير من التطورات بين البلدين في المجالات الاستثمارية والتجارية والثقافية والتعليمية والصحية، مستذكراً الموقف الفرنسي الداعم والحازم في تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم ودعمها للقرارات الشرعية الدولية في هذا المجال.
وأكد وجود تطابق للرؤى بين قيادتي البلدين لأهمية تنمية العلاقات ووضعها في إطارها الممنهج ضمن خطة زمنية، ما أسفر عن تشكيل لجنة تسيير بين البلدين لوضع خطوات لتطوير هذه العلاقات.
وشدد الناصر على اعتزاز الكويت بالموقف الفرنسي الحازم لاستقرار وأمن الكويت ودول المنطقة، مشيراً إلى أن الدور الفرنسي مهم للغاية في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة سواء في العراق أو سورية، مقدراً الدعم الفرنسي للمبادرة التي أطلقتها الكويت لإعادة الثقة بين لبنان والأشقاء في المنطقة.
كما أشاد بالدور الفرنسي في ليبيا ومحاربة الارهاب ومكافحة الارهاب و«داعش» في العراق وسورية وفِي الساحل والصحراء، مجدداً دعم الكويت لفرنسا في كل خطواتها لاستتباب الامن والاستقرار في المنطقة.
وأوضح أن دور فرنسا في حل القضية الفلسطينية مهم جداً على أساس إقامة دولة على حدود 4 يونيو 67 وحل الدولتين، مضيفاً «ان فرنسا قريبة جداً للكويت ودول المنطقة، ونُقدّر دورها الفاعل في عضويتها في الاتحاد الاوروبي»، كاشفاً عن التوقيع على مذكرتي تفاهم يؤصلان طبيعة العلاقات الكويتية – الفرنسية.
النفط الكويتي
وفي شأن ما إذا كان هناك طلب فرنسي بزيادة إنتاج النفط الكويتي لأوروبا لتعويض الامدادات الروسية، أكد الناصر أن الكويت دولة مسؤولة في «أوبك» و«أوبك بلس» في المحافظة على أسواق الطاقة العالمية، وتنسق مع الأشقاء والأصدقاء في هذا المجال، مشدداً على أن استقرار سوق الطاقة مفيد للجميع.
الحوار الاستراتيجي
من جانبه، أعرب وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عن ارتياحه للمناقشات الممتازة أثناء اجتماعه مع سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد وبعلاقاته الممتازة مع وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر والتفاهمات والتنسيق المشترك بينهما لتوطيد العلاقات بين البلدين.
وقال: «لدينا الرغبة المشتركة لخدمة السلام والأمن في المنطقة في ظل الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا»، مؤكداً «تصميم فرنسا على التنسيق مع دول الخليج حول هذه الحرب».
وأشار لودريان إلى اجتماعات الحوار الاستراتيجي الاول الذي عقد في يناير الماضي في باريس بين البلدين، والذي ركز على تطوير العلاقات في المجالات الدفاعية والسياسية والاقتصادية والتجارية، مؤكداً «استعداد فرنسا وشركاتها للاستجابة للكويت في مشروعاتها الاستثمارية والترحيب بصناديق الاستثمارات الكويتية في فرنسا وأوروبا».
الملفات المشتركة
وأضاف: «ركزت في جولتي (بالمنطقة) على الاستعداد لدعم أوكرانيا والضغط على روسيا لإيقاف الحرب، ولكي نتمكن من التوصل لاحتواء هذه الأزمة التي تتعلق أيضاً بالأمن الغذائي وتنويع مصادر الطاقة لأوروبا».
وأعرب عن شكره العميق لتضامن الكويت مع الشعب الأوكراني وتأييدها للمبادرات لايجاد حل ديبلوماسي للازمة، لافتاً إلى وضوح موقف الكويت في الأمم المتحدة.
وبالنسبة للموقف الفرنسي من القضية الفلسطينية، جدد لودريان التزام بلاده بحل الدولتين وضمان أمنهما وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، مشيراً إلى التطابق في وجهات النظر بين الكويت وفرنسا في هذا المجال.
واتفق وزير خارجية فرنسا مع ما ذكره نظيره الكويتي في شأن زيادة إنتاج النفط، مؤكداً أن مسؤولية الإنتاج والتحكم فيه هي قرارات «أوبك» و«أوبك بلس» و«ليس لدي التدخل في عمل هذه المؤسسات»، لافتاً إلى وجود زيادة ملحوظة في أسعار النفط بسبب المضاربة والوضع السلبي للحرب في أوكرانيا.
وأضاف: «من مصلحتنا أن تكون الأسعار مستقرة، وهذا أيضاً من مصلحة الدول المنتجة لأن الارتفاع الكبير في الاسعار سيؤدي الى انحسار اقتصادي»، لافتاً إلى أن الاتحاد الاوروبي وضع أجندة للتخلص التدريجي من الاعتماد عَلى الوقود الاحفوري.
وختم حديثه قائلاً «الكويت تحب فرنسا والعكس صحيح… فرنسا تحب الكويت».
هواجس في شأن «النووي الإيراني»
قال وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد الناصر إن هناك هواجس خليجية في شأن الملف النووي الإيراني وتجب مراعاتها، «ونحن نقلناها بشكل واضح لحلفائنا وأصدقائنا ونتمنى مراعاتها».
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي: «أطلعت الجانب الكويتي على مستجدات اتفاق العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، حيث يوجد نص يحظى بدعم الجميع، كما أن النقاط بين واشنطن وطهران وإن كانت ليست ثانوية ولكن يوجد قلق، لأن الوقت يمر ويدهمنا لاستكمال هذا الاتفاق ونحن نحتاج إلى إبرامه قريباً».
أجواء إيجابية لإعادة الثقة بين لبنان ودول الخليج
تطرق الناصر إلى المستجدات لإعادة الثقة بين لبنان ودول الخليج، حيث استذكر الورقة الكويتية – الخليجية – العربية – الدولية التي تتضمن بنوداً واضحة تتعلق بالالتزام بالقرارات الشرعية الدولية واتفاق الطائف وغيرها، لافتاً إلى أن «ردود الجانب اللبناني الايجابية جاءت بعد أيام من تقديم المبادرة أثناء الاجتماع التشاوري العربي في الكويت في يناير، وبحد ذاتها خطوة جيدة، ثم توالت الاتصالات، ولمسنا من لبنان ليس فقط الرد الايجابي ولكن بعض الأعمال الملموسة ووضع الضوابط لمنع تهريب المخدرات».
وأشار الى البيان الترحيبي من السعودية والكويت بهذا الشأن فضلاً عن لقاء أمير قطر مع كبار المسؤولين اللبنانيين، كاشفاً عن «وجود تفاهمات والرد من لبنان قريباً، وننسق باستمرار مع الاشقاء في دول مجلس التعاون لصالح شعب لبنان».
من جهته، قال لودريان: «نتقاسم والكويت رغبة مشتركة لإخراج لبنان من أزمته، عن طريق تبني السلطات اللبنانية للاصلاحات المطلوبة، والكويت وفرنسا تبذلان جهودهما لتقديم دعم مباشر للشعب اللبناني».
وأعرب عن ارتياحه لـ«المبادرة الكويتية لإخراج لبنان من اللعبة، حيث ليس في مصلحة الشعب اللبناني والمنطقة بقاء لبنان على هذه الحالة».
مأدبة غداء وتوقيع اتفاقيات
أقام الشيخ الدكتور أحمد الناصر مأدبة غداء عمل رسمية على شرف الوزير جان إيف لودريان والوفد المرافق له.
وتم خلال المأدبة الرسمية استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة والمتينة التي تربط دولة الكويت بالجمهورية الفرنسية والحرص المشترك على تعزيزها وتنميتها بكل أوجه التعاون بين البلدين الصديقين.
وأشاد الشيخ أحمد الناصر بما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين من ازدهار وتقدم مستمر في مختلف المجالات، مثنياً على ما توصل إليه التعاون المشترك بين البلدين الصديقين في المحافل الدولية.
من جانبه، أعرب لودريان عن تطلعه لاستمرار نسق التعاون المتين القائم بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات وعلى كل المستويات، مشيداً بحكمة الكويت واتزان سياستها الخارجية وبالجهود التي تقوم بها في ترسيخ دعائم حفظ الأمن والسلم في المنطقة.
كما تم تبادل وجهات النظر حيال التطورات الأخيرة على الساحتين الإقليمية والدولية، والتي شهدت تطابقاً في الرؤى تجاه مجمل ملفاتها بالإضافة، إلى بحث أبرز المستجدات المتعلقة بالجهود الدولية الرامية نحو إيجاد حل للأزمات في المنطقة.
وقام الوزيران بهذه المناسبة بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين الصديقين في إطار الزيارة، وهما بروتوكول بين حكومتي البلدين في شأن دخول أفراد قوات أحد الطرفين إلى أراضي الطرف الآخر والخروج منها، بالإضافة إلى إعلان نوايا بين حكومتي البلدين لتعزيز التعاون التربوي لتدريس اللغة الفرنسية.