حذرت دراسة علمية حديثة من أن الإجهاد والصدمات خلال فترة المراهقة قد تؤدي إلى عواقب صحية طويلة المدى، مثل الاضطرابات النفسية، والتي قد تنشأ من تأثيرات النمو العصبي على دوائر الدماغ.
وبحسب ما نشره موقع «Neuroscience News»، استخدمت دراسة جديدة في الطب النفسي البيولوجي، علم الأعصاب الإدراكي والتصوير العصبي التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI لفحص آثار الإجهاد الحاد و«تعدد الإيذاء» أو الصدمات المتكررة على ثلاث شبكات دماغية لدى المراهقين.
وأوضحت البروفيسورة راشيل كور، الباحثة الرئيسية في الدراسة من «جامعة نورث كارولينا» أنه «في حين أن النتائج الصحية السلبية قد ارتبطت بشكل منفصل بالتعرض للإيذاء المبكر في الحياة وتعطل النمو العصبي للمراهقين واستجابات الشبكة العصبية الشاذة للإجهاد الحاد لم يسبق أن قامت أي دراسة سابقة بفحص كيفية ارتباط هذه العوامل ببعضها البعض. ولكن هدفت الدراسة الأخيرة إلى تجميع هذه القطع من اللغز».
وسعت البروفيسورة كور وزملاؤها إلى استكشاف «كيف يؤثر الإجهاد الحاد على الاتصال الوظيفي» للشبكات الثلاثية للدماغ، على وجه التحديد، في إشارة إلى شبكة الوضع الافتراضي وشبكة البروز والشبكة التنفيذية المركزية.
وتعد الشبكات الثلاث معًا ضرورية للتحكم في الإدراك والعاطفة والتفاعل الاجتماعي. ولطالما ارتبط النشاط المنحرف في الشبكات الثلاثية، وفيما بينها بأعراض نفسية.
وقام الباحثون بتحليل بيانات الاتصال الوظيفي FC، التي تم جمعها سابقًا من 79 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عامًا، تعرض كثير منهم لإيذاء متكرر.
ولقياس آثار الإجهاد الحاد على اتصال الدماغ، أكمل المشاركون مهمة أثناء خضوعهم لفحص الرنين المغناطيسي الوظيفي. وفي حالة التحكم، أكمل المشاركون مسائل الرياضيات وفقًا لسرعتهم الخاصة وقيل لهم إن إجاباتهم لم تُسجل؛ في حالة الإجهاد، كان على المشاركين حل المسائل الرياضية بسرعة خلال فترة زمنية محددة وتم إعطاؤهم ملاحظات سلبية حول أدائهم طوال الاختبار.
وخلال حالة الإجهاد الحاد، أظهر المشاركون اتصالًا وظيفيًا متغيرًا بين شبكات الدماغ الثلاثة.
فعلى وجه التحديد، رأى الباحثون زيادة في الاتصال الوظيفي بين الوضع الافتراضي والشبكات التنفيذية المركزية، وانخفاضه بين الشبكة البارزة والشبكتين الأخريين.
ويفترض الباحثون أن الفص الجزيري insula، وهي منطقة دماغية مرتبطة بالاهتمام الموجه داخليًا، يمكنها التوسط في التغييرات، التي تم رصدها في الاتصال الوظيفي.
وسعى الباحثون أيضًا إلى التحقيق في كيفية تأثر استجابة إجهاد الشبكة العصبية بتعدد الإيذاء، حيث يمكن أن يتعرض المراهقون لأشكال متعددة من الإيذاء، بما يشمل الإيذاء من قبل الوالدين أو الأقران أو البالغين الآخرين.
ومن خلال دراسة تعدد الإيذاء، يمكن للباحثين دراسة الآثار التراكمية المحتملة على الدماغ بسبب التعرض بشكل متكرر للأذى.
وأشارت النتائج إلى أن المشاركين الذي تعرضوا لإيذاء متكرر كانوا أكثر عرضة لإظهار انخفاضات أكبر في الاتصال الوظيفي بين الشبكات البارزة والوضع الافتراضي والجزيرة على وجه الخصوص.
وتشير النتائج مجتمعة إلى أن الدماغ ربما تكيف مع الصدمات المتكررة لجعله أقل قدرة على الاستجابة للتجارب المُجهدة.
وسيساعد الفهم الأفضل، للتأثيرات النمائية العصبية للصدمات على الدماغ، الباحثين على معالجة النتائج النفسية الناتجة بشكل أفضل.
وقال البروفيسور كاميرون كارتر، محرر الطب النفسي البيولوجي: «تُظهر هذه الدراسة كيف أن الصدمات المتكررة يمكن أن تؤدي إلى استجابة غير قادرة على التكيف مع الإجهاد الحاد في شبكات الدماغ الوظيفية المهمة وتكشف عن آلية محتملة يمكن بواسطتها إجراء عمليات متعددة في وقت مبكر. وربما تؤدي ضغوطات الحياة إلى زيادة الضعف العصبي للتوتر والمسؤولية المرتبطة بمشاكل الصحة النفسية في المستقبل».