فارق ميخائيل غورباتشوف، أول وآخر رئيس للاتحاد السوفيتي الحياة ليلة الثلاثاء 30 أغسطس، في المستشفى السريري المركزي في العاصمة الروسية موسكو، بعد صراع طويل مع المرض.
وتوفي الزعيم السوفيتي الأخير عن عمر ناهز 92 عاما، قضاها حتى أيامه الأخيرة محافظا على حضوره في المشهد السياسي الروسي، وباقيا في أذهان مواطني روسيا والعالم كشخصية تاريخية، لعبت دورا بارزا في تغيير خارطة وشكل العالم.
ورغم أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان بعهد غورباتشوف، إلا أنه لعب دورا أساسيا في بعض الحوادث المفصلية التاريخية، كإنهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتوحيد ألمانيا الشرقية والغربية.
ولد ميخائيل غورباتشوف في 2 مارس 1931، لسيرغي أندرييفيتش غورباتشوف وماريا بانتلييفنا غورباتشوفا. كان والده يعمل في جمع المحاصيل إضافة لكونه أحد المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية وأمه كانت عاملة أيضا.
تميز ميخائيل الشاب بقدرته على التعلم والتدريب الذاتي على استخدام آلات التشغيل، ورغم صغر سنه، بدأ يساهم في الدخل المنزلي بحلول عام 1948، وأصبح أصغر من يحصل على وسام الراية الحمراء لإنجازاته في العمل، نظرا لدوره النشط في جمع المحصول لذاك العام.
أنهى دراسته الثانوية برتبة شرف، وحصل على الميدالية الفضية عند تخرجه من مدرسته الثانوية، والتحق بجامعة موسكو ودرس القانون وتخرج من الجامعة في عام 1950. حصل على درجة الماجستير بالمراسلة من معهد ستافروبول للزراعة في عام 1967.
تزوج من رايسا تيتارينكو، التي كانت زميلته أثناء دراسته في جامعة موسكو الحكومية في عام 1953، وبعد أربع سنوات من زواجهما أنجب الزوجان طفلة أسمياها إيرينا.
وامتاز غورباتشوف منذ طفولته بمهاراته التنظيمية العالية وتفانيه الكبير أثناء العمل، وأبدى ميلا للعمل في المجال السياسي، ومع تقدمه في السن ازداد شغفه بالعمل السياسي وأصبح عضوا بارزا في الحزب الشيوعي. وأصبح أصغر عضو في المكتب السياسي عام 1979، وفي عام 1985، تم تعيينه أمينا عاما للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي.
سعى أثناء فترة حكمه إلى إصلاح الحزب واقتصاد الدولة عن طريق إدخال مفاهيم الانفتاح وإعادة الهيكلة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية، وعلاوة على ذلك، أحدث العديد من التطورات التكنولوجية التي أدت إلى زيادة الإنتاجية. كما أنه سعى إلى إضفاء طابعٍ ديمقراطي على النظام السياسي في البلاد واعتماد اللامركزية في الاقتصاد والتي عرفت باسم سياسة “غلاسنوست”، الأمر الذي يعتقد أنه كان من أسباب سقوط الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
في 14 أكتوبر عام 1990، تم منح زعيم الاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، جائزة “نوبل للسلام”، وذلك لـ “دوره القيادي في إحلال السلام، الذي تتمتع به اليوم أجزاء هامة من المجتمع الدولي”. وأشادت لجنة نوبل في بيان رسمي بالتغييرات التي قام بها الزعيم السوفيتي، والتي “أهدت بلده والمجتمع العالمي، تخفيف حدة التوتر بين الشرق والغرب، وتباطؤ سباق التسلح”.
وبعد فترة رئاسته، أسس الحزب الاجتماعي الديمقراطي في روسيا، واستقال منه في عام 2004، وبعد ثلاث سنوات، شكل حزبا جديدا يدعى اتحاد الديمقراطيين الاجتماعيين.
في عام 2008، قام مركز الدستور الوطني الأمريكي، وعلى يد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (الأب)، بمنح ميخائيل غورباتشوف “وسام الحرية” لدوره “الشجاع” في إنهاء الحرب الباردة، وكانت مراسم الفعالية ضمن الاحتفال بالذكرى الـ 20 لسقوط “جدار برلين”.
واجه غورباتشوف في السنوات الأخيرة اتهامات عدة بتسببه في انهيار الاتحاد السوفيتي، بلغت ببعض نواب مجلس الدوما الروسي (البرلمان) إلى المطالبة بمقاضاته، مؤكدين أن مواطني الاتحاد السوفيتي أبدوا خلال الاستفتاء الرغبة في الحفاظ على وحدة الدولة، لكن القياديين السوفييت قاموا بنشاط غير قانوني أدى الى انهيار البلاد.
ونفى غورباتشوف هذه الاتهامات في مقابلة مع وكالة “انترفاكس” نشرت يوم 10 أبريل، ناصحا بإجراء “تحليل جدي لكل من صوت وكيف صوت في المجلس الروسي الأعلى للموافقة على اتفاقية بيلوفيجسكايا بوشا”، في إشارة الى الاتفاقية التي وقعت 8 ديسمبر 1991، والتي نتج عنها تشكيل رابطة الدول المستقلة وتفكك الاتحاد السوفيتي.
وأضاف غورباتشوف: “يجب جمع نواب الدوما آنذاك الذين صوتوا لصالح اتفاقية بيلوفيجسكايا وإرسالهم الى المنفى”.