استخدم العلماء التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد (3D CT) لفحص ثلاث مومياوات من أمريكا الجنوبية قبل كولومبوس، للكشف عن أسرار الماضي ومدى انتشار العنف في ذلك العصر.
وكشف تحليل الرفات المحنط لرجلين من أمريكا الجنوبية أنهما قُتلا بوحشية منذ أكثر من 1000 عام.
ويعتقد العلماء أن أحد هؤلاء الرجال مات بعد تعرضه للضرب على الرأس ثم طعن، والآخر توفي جراء تفكك في العمود الفقري.
ويبدو أن المومياء الثالثة، والتي تعود لأنثى، ماتت لأسباب طبيعية، ولم تُظهر سوى تلف الهيكل العظمي الذي من المحتمل حدوثه بعد الدفن.
واكتشف الفريق من عيادة ميونخ بوغنهاوزن أسباب الوفاة هذه بعد تحليل البقايا باستخدام التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد (3D CT) بواسطة الأشعة السينية، لعرض الحالة الداخلية للبقايا دون الحاجة إلى فتحها.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور أندرياس جي نيرليش: “لم يكن من الممكن اكتشاف أنواع الصدمات التي وجدناها لو كانت هذه البقايا البشرية مجرد هياكل عظمية”.
وكشفت الدراسة عن معلومات تاريخية مهمة حول مدى انتشار العنف في المجتمعات البشرية في عصور ما قبل التاريخ.
وركزت معظم الدراسات السابقة حول أدلة الصدمة في بقايا ما قبل كولومبوس على الجماجم وأجزاء أخرى من الهيكل العظمي.
ومع ذلك، يمكن للعلماء الحصول على الكثير من المعلومات من الأنسجة الرخوة، والتي يتم الحفاظ عليها من خلال التحنيط.
ويمكن أن تحدث هذه العملية بشكل طبيعي في البيئات الجافة الشائعة في المناطق الجنوبية من أمريكا الجنوبية، حيث يتم امتصاص سوائل الجسم بشكل أسرع من تسوسها.
ونُشر فحص المومياوات الثلاث، مما يُعرف الآن بتشيلي وبيرو، في مجلة Frontiers in Medicine.
وكانت مومياء أحد الرجلين محفوظة في متحف Anatomicum في ماربورغ بألمانيا، بينما تتواجد مومياء الرجل الثاني والأنثى في متحف الفن والتاريخ في ديليمونت، سويسرا.
وتنتمي مومياء ماربورغ إلى ثقافة أريكا في شمال تشيلي اليوم، والبضائع التي دفنت معه تشير إلى أنه عاش في مجتمع صيد.
ومن ملامح عظامه، قدّر العلماء أنه كان شابا يتراوح عمره بين 20 و25 عاما، ويبلغ طوله نحو 1.72 مترا.
ودفن الرجل في وضع القرفصاء، وكان لديه بعض الأسنان المحفوظة جيدا والتي أظهرت بعض الخدوش النموذجية لأشخاص ما قبل كولومبوس، الذين استخدموا الذرة كغذاء أساسي.
وبينما أصيبت رئتيه بالندوب من مرض السل الحاد في الماضي، يعتقد العلماء أن الوفاة كانت نتيجة عنف متعمد شديد.
وبعد التحليل باستخدام 3D-CT، يعتقدون أن المومياء ماتت بعد أن تلقت ضربة “كاملة القوة” في الرأس ثم طُعنت في الظهر وهي واقفة أو راكعة.
ووفقا للتأريخ بالكربون المشع، قد يكون سبب الإصابات مهاجم واحد أو كمين من قبل شخصين بين عامي 996 و1147 م.
وربما جاءت مومياوات ديلمونت من منطقة أريكويبا في جنوب غرب بيرو اليوم، بناء على السيراميك الموجود بين سلع القبور.
تم دفن كلاهما ووجهيهما لأعلى، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للمومياوات من مرتفعات أمريكا الجنوبية.
وكانوا يرتدون منسوجات من القطن وشعر اللاما أو الألبكة، وكذلك القوارض ذات الصلة بالشنشيلة (جنس من القوارض).
وأظهرت بيانات الكربون المشع أن الرجل مات بين عامي 902 و994 م، والمرأة بين 1224 و1282 م.
وفي حين أن حالة الشريان الأورطي والشرايين الكبيرة تشير إلى أن الرجل عانى من تصلب الشرايين المتكلس خلال حياته، إلا أن هذا لم يتم تحديده على أنه سبب وفاته.
وبدلا من ذلك، أظهر “صدمة هائلة في العمود الفقري العنقي”، ويعتقد مرة أخرى أنها نتيجة العنف المتعمد.
وقال العلماء: “إن التفكك الكبير لجسمي العمود الفقري العنقي نفسه مميت وربما أدى إلى الموت الفوري”.
ومع ذلك، يُعتقد أن الأنثى ماتت لأسباب طبيعية، ولم تظهر سوى الأضرار التي لحقت بالهيكل العظمي على الأرجح بعد وفاتها.
وقال الدكتور نيرليش: “توفر الأشعة المقطعية الحديثة مع فرصة لإعادة البناء ثلاثي الأبعاد يوفر رؤية فريدة للأجسام التي لم يكن من الممكن اكتشافها لولا ذلك”.