نيويورك – كونا – أكد وزير الخارجية الشيخ الدكتور أحمد الناصر أن علاقة دولة الكويت بالأمم المتحدة وثيقة وتاريخية، مستذكراً الدور المميز والمهم والمحوري الذي أدته هذه المنظمة ومجلس الأمن، في إصدار أكثر من 20 قراراً لتحرير الكويت وعودة الشرعية إليها.
واعتبر أن سمعة الكويت طوال هذه العقود «طيبة» بمواقفها وبعملها الإنساني، وهي مبنية على أفعال ومواقف تعكس دورها المحوري والمهم، مضيفاً أن لدى الكويت إرثاً عريقاً في ما يخص الوساطة، التي تُعتبر الآن من ضمن أساسيات العمل الدولي المتعدد الأطراف والعمل في الأمم المتحدة.
وقال الشيخ الناصر في لقاء مع تلفزيون الكويت من نيويورك مساء السبت، على هامش مشاركته بأعمال الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة «كان هناك خرق صارخ من الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت لميثاق الأمم المتحدة في الاحتلال والعدوان على دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة».
وأضاف أن الغزو العراقي شكّل انتهاكاً صارخاً على الجوانب السيادية واستقلال الدول واستخدام القوة، بدلاً من الحوار. تلك جميعها مبادئ وقيم راسخة في ميثاق الأمم المتحدة.
وتابع أنه «لله الحمد، وبفضل من أشقائنا وأصدقائنا والتزام الدول الأعضاء بالأمم المتحدة آنذاك، كانت هناك وقفة حازمة في شجب العدوان، ودور مميز لعودة الشرعية وتحرير الكويت، ومن ثم كذلك كان هناك العديد من القرارات في مجلس الأمن لتثبيت استقلال الكويت».
وبيّن أن العالم «بعد مرور 77 عاماً من إنشاء الأمم المتحدة يمر في أكثر فترة وحقبة من الخطورة من خلال انتشار الحروب والأوبئة والتضخم الحاصل في كل دول العالم وأزمات في الغذاء وفي الأمن المائي وتمزق في المجتمع الدولي لدى المجتمعات نفسها».
وذكر أن القوة متعددة الأطراف مسألة مهمة جداً بالنسبة لدولة الكويت، فكلما كان هناك تمسك أكبر بالقانون الدولي أبعدنا ذلك عن شريعة الغاب، وأدى إلى أمن وتأمين استقرار البلدان.
فلسطين والقرارات الدولية
على صعيد آخر، شدّد وزير الخارجية على موقف الكويت «الثابت» تجاه القضية الفلسطينية فهي أكبر وأقدم أزمة يمر بها عالمنا المعاصر منذ نشأة الأمم المتحدة، الأمر الذي «يثبت الفشل الذريع في التعامل بشكل حازم لحل هذه القضية».
وبيّن أن «تطبيق قرارات مجلس الأمن لا يكون من خلال الانتقائية… هذه مسألة ملزمة على الجميع ودائماً الكويت تدعو دول العالم إلى تطبيقها بشكل منصف».
وأضاف «دائما نقول لكل الدول المحبة للسلام، إن من المهم معالجة هذه القضية العادلة، ما يحول دون المزيد من المآسي في الأراضي الفلسطينية أو في باقي الأراضي العربية المحتلة».
وزاد «دائماً نقول إن ضعف القرارات الدولية الملزمة يزيد من الراديكالية والتطرف حول العالم».
وأكد أهمية أن يقف المجتمع الدولي وقفة جادة لمعالجة القضية الفلسطينية التي طال أمدها «والوقت لن يعالجها إلا من خلال موقف جاد من قبل المجتمع الدولي وتقديم حل لها بحيث يسود الأمل بدلاً عن اليأس».
الأمن الغذائي… و«مجاعة 2030»
على صعيد آخر، قال وزير الخارجية إن الأمن الغذائي كقضية الآن مع الأزمة الأوكرانية هو السائد في كل اجتماعات الجمعية العامة والاجتماعات الثنائية، مشيراً إلى تطرق الكويت لهذه القضية منذ أزمة «كورونا» وكانت هناك أولوية في هذا المجال.
وبيّن أن قضية الأمن الغذائي تصدّرت قائمة اهتمام القيادة السياسية في الكويت، حيث قامت بالكثير من الإجراءات الآن بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، لتأمين الغذاء في الكويت، تستوجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين كل دول العالم، لاسيما أن بعض دول العالم لديه وفرة والبعض الآخر لديه نقص، وبعض الدول لديه إمكانية في مواد التخزين ووسائل المواصلات.
ورأى أن من الممكن أن يكون هناك نظرة تكاملية وشمولية من دول العالم، التي لديها إمكانيات خلق آلية تسهل تخطي هذه الازمة.
وذكر أنه تم عقد العديد من الاجتماعات التي نوقش فيها هذا الأمر، بحيث لا يكون هناك حل موقت إبان الأزمة الأوكرانية، ولكن الأهم إيجاد حل مستدام.
ورأى ان العالم فشل في قضية الأمن الغذائي بكل المؤشرات قبل حدوث أزمة أوكرانيا، مشيرا إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي ذكر فيه أن العالم سيمر بمجاعة بحلول عام 2030، الأمر الذي يستدعي «دق ناقوس الخطر» ويتطلّب وقفة جادة، ودولة الكويت من خلال عضويتها مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعضويتها في المنظمات الاقليمية والدولية، تدعو إلى التعاون والتنسيق في هذا الموضوع المهم.
مجلس التعاون: واحة أمان
وقال إن الكويت تقدمت برغبة لزيادة تمثيل المنظمات في آسيا، سواء كان مع مجموعة «أسيان» أو مجموعة شانغهاي للتعاون وغيرها، ضمن النطاق الإقليمي وتقويتها يُعزز من المجالات الاقتصادية بين الكويت والدول المنظمة لهذه المنظمات، وكذلك بينها وبين دول مجلس التعاون.
وأضاف أن مجلس التعاون الخليجي «الذي أنشئ قبل 40 عاماً، يُعد واحة أمان تجاه مجموعة من الأزمات مثل الحرب العراقية – الإيرانية والغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت وأحداث 11 سبتمبر، وتحرير العراق والأزمة الاقتصادية عام 2008 وأحداث ما يُسمى بالربيع العربي.
وبعد قمة العلا العام الماضي، استأنف المجلس نشاطه وأبرزها استئناف لقاءاته من ضمنها البناء الاقتصادي مع هذه التكتلات الاقليمية والتنسيق السياسي حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية».
لقاءات ممثل الأمير تحفيز للاستثمار الأميركي في الكويت
حول لقاءات ممثل سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء، ذكر وزير الخارجية، أن اللقاءات مع الحليف الأميركي يكون بها استذكار لقوة العلاقة ومتانتها والبناء على العديد من المعطيات، لتعزيز المصالح بين الدولتين وتعميقها في المجالات كافة.
وقال إنه في الجانب الاقتصادي، كان من المهم الوقوف على كل أوجه التعاون الذي تقوم به الكويت بقطاعيها العام والخاص في الولايات المتحدة، وكذلك تبيان المحفزات التي لدى الدولة للاستثمار الاجنبي في الكويت، ومن بينها الشركات الأميركية، وكل ما هو متعلّق بتأمين الاستثمارات وتعزيزها.
ونوّه بفائدة تلك اللقاءات للجانبين «حيث استثمر سمو رئيس مجلس الوزراء هذه الفرصة في عقد اللقاءات لهذا الغرض».
3 مسائل راسخة في السياسة الخارجية
عن لقاءاته الثنائية، أفاد الناصر بأنها تصب في المسائل الأساسية الثلاث الراسخة في السياسة الخارجية الكويتية:
أولاً، بالنسبة للقيادة السياسية في الكويت، هي استكمال للسياسة المبنية على الوجود والحفاظ على سيادة واستقلال الكويت.
والثانية، استشراف كل ما فيه رفاهية وخير المواطن الكويتي، وهي توجيهات مباشرة من القيادة السياسية في هذا المجال.
والثالثة، مبدأ عدم الانحياز «وهو ما نؤمن به»، مضيفاً أنه «إذا كان هناك أيّ مساس لأمننا وكينونتنا ووجودنا، فسنكون مستعدين للتصدي لهذا الأمر».
وقال إن لقاء العديد من ممثلي الدول، لإضفاء صبغة مؤسسية في العلاقة معهم ومن خلال تفعيل اللجان المشتركة بشكل موضوعي.
لقاء 3 وزراء خارجية
استقبل وزير الخارجية على هامش أعمال الدورة الــ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كلاً من: وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية رمطان لعمامرة، وزير الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية رواندا فينسينت بيروتا، وزير خارجية بروناي دار السلام داتو إيريوان بيهين يوسف.
وتم خلال اللقاءات مناقشة المواضيع المتعلقة بعلاقات الكويت والدول الثلاث، والملفات الدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
منظمة التعاون الرقمي
التقى الناصر الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي ديمة اليحيى، وبحث معها القضايا المتصلة بالتحوّل الرقمي، وتعزيز شراكة الكويت العضو المؤسس في المنظمة، وبقية أعضاء المنظمة، وتبادل الخبرات وبناء القدرات في مجالات الاقتصاد الرقمي وتقنية المعلومات.