أكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى اليوم، أن مملكة البحرين على أتم الاستعداد لتقديم ما يتطلبه المسعى لوقف الحرب الروسية الأوكرانية وبدء مفاوضات جادة لخير البشرية جمعاء.
وفي كلمة ألقاها في الحفل الختامي لملتقى البحرين للحوار في دورته الأولى الذي أقيم تحت شعار (الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني) بحضور البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب وولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني الأمير سلمان بن حمد، قال الملك حمد بن عيسى «تحتم علينا الأوضاع الراهنة ونحن نعمل يدا بيد لتحقيق أمل المستقبل المزدهر بأن نتوافق أولا على رأي واحد لوقف الحرب الروسية الأوكرانية وبدء مفاوضات جادة لخير البشرية جمعاء»، مضيفا أن «البحرين على أتم الاستعداد لتقديم ما يتطلبه هذا المسعى بإذن الله».
وأعرب عن ترحيبه مجددا بـ بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الشريف «اللذين عملا على إثراء الملتقى وإنجاح هذه الزيارة». وقال إن أهداف الملتقى السامية تتفق مع ما تسعى له البحرين لخير البشرية ورفعتها لينعم كل إنسان بالحياة الكريمة والمطمئنة في عالم أكثر استقرارا وأمنا.
وأكد الملك حمد بن عيسى الحرص والاهتمام الكبير «برعاية هذا التجمع العالمي الهام» إيمانا بالدور المؤثر للقيادات الدينية وأصحاب الفكر وأهل الاختصاص في «معالجة مختلف التحديات والأزمات التي تواجهها مجتمعاتنا لمزيد من السلام والاستقرار».
وأضاف «لقد تابعنا جميعا وبكل اهتمام مداولات الملتقى ونقاشاته وإننا لننظر إلى مخرجاته وتوصياته القيمة بعين التفاؤل وبكثير من الأمل كخير دليل لتقوية مسيرة الأخوة الإنسانية التي هي بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإحياء سبل التقارب والتفاهم بين جميع أهل الأديان والمعتقدات كمدخل أساسي لإحلال التوافق محل الخلاف وإرساء الوحدة محل الفرقة».
من جانبه ألقى شيخ الأزهر كلمة وصف فيها الملتقى بأنه «تاريخي» وذلك «لما يضمه من قامات كبرى من العلماء والحكماء وقادة الفكر وكبار السياسيين والإعلاميين وغيرهم من شرق البلاد وغربها».
ودعا علماء الأديان والمفكرين والإعلاميين إلى أن يبذلوا مزيدا من الجهد على تربية النشء وتثقيف الشباب بمشتركات الأديان وتحويلها إلى برامج علمية وتربوية معاصرة تعلم الشباب بأن الحياة في فلسفة الأديان تتسع للمخالف في الدين والعرق واللون واللسان وأن تنوع الثقافات يثري الحضارة الإنسانية ويبني السلام المفقود.
كما توجه بنداء إلى علماء الدين الإسلامي في العالم كله على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ومدارسهم إلى المسارعة بعقد حوار إسلامي- إسلامي «جاد» من أجل «إقرار الوحدة والتقارب والتعارف» ومن أجل «الأخوة الدينية والإنسانية تنبذ فيه أسباب الفرقة والفتنة والنزاع الطائفي على وجه الخصوص ويركز فيه على نقاط الاتفاق والتلاقي».
وأعلن ضم صوته إلى «صوت محبي الخير ممن يدعون إلى السلام ووقف الحرب الروسية الأوكرانية وحقن دماء الأبرياء ورفع راية السلام بدلا من راية الانتصار والجلوس إلى دائرة الحوار والمفاوضات».
كما دعا إلى وقف الاقتتال الدائر في شتى بقاع الأرض «لإعادة بناء جسور الحوار والتفاهم والثقة» من أجل استعادة السلام في عالم مثخن بالجراح وحتى لا يكون البديل هو المزيد من معاناة الشعوب الفقيرة والمزيد من العواقب الوخيمة على الشرق والغرب معا.
بدوره ألقى بابا الفاتيكان كلمة أعرب فيها عن شكره على حفاوة الاستقبال وعلى عقد منتدى الحوار الذي تم تنظيمه تحت رعاية العاهل البحريني. وقال البابا فرنسيس إنه «بعد حربين عالميتين مروعتين وبعد حرب باردة ظل العالم فيها حابسا أنفاسه مدة عشرات السنين وسط صراعات مدمرة في كل جزء من العالم وبين أصوات الاتهام والتهديد والإدانة ما زلنا نجد أنفسنا على حافة الهاوية في توازن هش ولا نريد أن نغرق».
وأضاف «نحن أمام وضع تناقضات غريبة فمن جهة غالبية سكان العالم يجدون أنفسهم موحدين بنفس الصعوبات ويعانون أزمات خطيرة في الغذاء والبيئة والوباء بالإضافة إلى العبث المتزايد بكوكبنا» ومن ناحية أخرى «عدد قليل من أصحاب السلطان يتركزون في صراع حازم من أجل المصالح الخاصة يحيون اللغات القديمة (لغات الحرب) ويعيدون رسم مناطق النفوذ والكتل المتعارضة».
وتابع أنه في بحر الصراعات العاصف نضع أمام أعيننا «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، مؤكدا الرغبة في «تسوية الخلافات بين الشرق والغرب من أجل خير الجميع» وذلك «من دون أن نغفل الانتباه إلى فجوة أخرى آخذة في النمو بثبات وبصورة مأسوية وهي الفجوة بين الشمال والجنوب في العالم».
وشدد على أن ظهور الصراعات يجب ألا يجعلنا نغفل عن «المآسي الكامنة في الإنسانية مثل كارثة عدم المساواة حيث يختبر معظم الناس الذين يسكنون الأرض ظلما غير مسبوق ومصيبة الجوع المخجلة وكارثة تغير المناخ نتيجة إهمال العناية بالبيت المشترك».
وتحدث بابا الفاتيكان عن ثلاثة تحديات نابعة من وثيقة الأخوة الإنسانية وإعلان مملكة البحرين وهي «الصلاة والتربية والعمل».