كويت تايمز: رأى السياسي اللبناني البارز وزير العدل السابق أشرف ريفي أن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وراء زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للخليج مؤخراً، لافتاً الى أن إيران «أُجبرت على هذا التوجه تحت وطأة تهديدات الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب لها»، ومستبعداً بصورة قاطعة أن تكون الزيارة تنم عن «تحول أخلاقي من قبل إيران نحو الالتزام بسياسة حسن الجوار».
وقال ريفي في تصريح صحفي: «إيران تقرأ التحولات السياسية الدولية جيدا خاصة فيما يتعلق بالموقف الأميركي مع وصول ترامب للسلطة، ولذا وجدت نفسها مضطرة إلى التعجيل بإعادة النظر في سياساتها، وبدأت الحديث عن سياسة حسن الجوار مع الخليج».
وأضاف: «هناك عامل آخر عجل من هذا التوجه، وهو تكلفة التدخلات العسكرية التي ورطت إيران نفسها بها في كل من العراق واليمن وسورية، إلى جانب تدخلاتها في البحرين… ونرى أن إيران ستتحمل مسؤولية تاريخية عن الدور السيء والمدمر الذي لعبته بالمنطقة وخدمت به أهداف أعداء المنطقة قبل أي أحد».
من جهة ثانية، أكد ريفي أنه لا يسعى من وراء نيته الترشح في الانتخابات النيابية المقبلة إلى تقديم نفسه في صورة الزعيم المقبل للسنّة في لبنان، أو كمنافس وبديل لرئيس الوزراء سعد الحريري، وشدد على أنه لا ينافس أحدا بعينه وإنما يقدم نفسه كقوة تغييرية بالمجتمع اللبناني.
وأضاف: «البعض يقول إن فوز لائحتي في الانتخابات البلدية في طرابلس منذ عدة أشهر رفع سقف طموحي السياسي وجعلني أطمع في أن تجعلني صناديق الاقتراع، في الانتخابات النيابية التي نستعد لخوضها، زعيما سنيا جديدا في مواجهة شخص بعينه… وأنا أقول: لا، أنا لا أنافس الحريري ولا أي شخص بعينه، وإنما أطرح نفسي كقوة تغييرية بالمجتمع… والأهم هو أنني أطرح نفسي كرجل سياسي لا كزعيم طائفي أو مذهبي».
وتابع: «لا ننافس سوى تلك الطبقة السياسية العفنة التي تآكلت بفعل الفساد والانبطاح أمام حزب الله ومن ورائه إيران… وأرى أن الانتخابات ستكون استفتاء على خيارات الناس في هذا الصدد».
واستطرد:«سأترشح في طرابلس عاصمة الشمال، ولكني سأراعي عددا كبيرا من اللوائح في عدد كبير من الدوائر الانتخابية اللبنانية بكل منطقة نرى أن لنا بها تمثيلا جيدا بما في ذلك بيروت… لا نعرف أو نتوقع فرص فوزنا، ولكننا نراهن على ثقة وحسن اختيارات جمهورنا ورفضه لمحاولات تغيير الهوية الوطنية من قبل حزب الله وإيران وحليفهما النظام السوري».
وحول موقفه من الرئيس ميشال عون، بعد مرور أكثر من مئة يوم على توليه المنصب، أجاب ريفي (63 عاما)، قائلا: «أحد إيجابيات هذه المرحلة هي تعبئة الشغور بلا شك، ولكن كما يعرف الجميع كنا ضد وصول عون لموقع الرئاسة باعتباره يمثل جزءا من محور هو في خصومة معنا، وهو المحور السوري الإيراني… وكنا نأمل أن ينتهج عون على الأقل منهجا حياديا بعد توليه الرئاسة، ولكن مع الأسف جاءت تصريحاته الأخيرة حول سلاح حزب الله لتنسف تلك الصورة الحيادية».
وأضاف:«لقد طالبتُ القوى السياسية الممثلة داخل الحكومة وغير الممثلة فيها بتوضيح موقفها من تلك التصريحات وما إذا كانوا يعتبرونها رأي الرئيس الشخصي أم تعبر عن موقفهم كحكومة… والبعض قدم انتقادات خجولة، وبعض القوى، مثلنا، أعلنت بشكل واضح رفضها لتلك التصريحات لقناعتها بأنها ستؤثر على علاقتنا العربية والدولية وتؤذي المصالح اللبنانية، وأكدت أن الدولة هي السيد الوحيد على كل التراب اللبناني وسلاحها هو السلاح الشرعي الوحيد».
واعتبر ريفي أن مهاجمة رئيس الوزراء رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لسلاح حزب الله في ذكرى رحيل والده رفيق الحريري «مقدمة لظهور التباين بين الرجلين»، وأعرب عن اعتقاده أنه «كلما تقدمنا نحو ملفات أخرى، سنرى المزيد والمزيد من هذا التباين بينهما».
وشدد على أنه «مهما اشتد ساعد إيران وحليفها حزب الله، فإننا لن نكون فُرسا أبدا مهما كلفنا الأمر… وسلاح حزب الله سيظل غير شرعي كونه وُجه بالأساس لأهل لبنان في فترة ما، والآن يُوجه لصدور إخواننا السوريين… هذا السلاح يجب أن يُسلم للدولة أو أن يخرج منها».
ونفى ريفي أن يكون قرار خوضه للمعركة الانتخابية قد جاء بمباركة ودعم مادي من المملكة العربية السعودية، وقال مشددا:«هذا غير صحيح، فدعمنا الأول من الناخب اللبناني، ولا نحصل على أي دعم مالي من الخارج».
وأضاف: «نعم نتمتع بعلاقات صداقة واحترام مع قوى عربية وإقليمية في مقدمتها المملكة العربية السعودية، ولكننا لا نتلقى أي دعم مالي من أي دولة… ولا صحة على الإطلاق لما يردد في هذا الصدد مثل إهداء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف سيارتين مصفحتين لي عقب قرار تخفيض الحماية الأمنية عني… لقد وصلتني بالفعل أربع سيارات من هذا النوع كهدايا من شخصيات لبنانية، وأنا أعلنت ذلك».
وشدد على أن «السعودية لا تبحث عن مصالحها بقدر ما كانت ولا تزال تحرص على وحدة اللبنانيين»، ورأى أن زيارة المبعوث الملكي السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان للبنان مؤخرا ومحاولته إحداث حالة من التصالح بينه بين الحريري «هي حلقة جديدة في إطار حرص السعودية على وحدة الصف اللبناني»، مشددا على أنه ليس ضد لقاء الحريري «شريطة الالتقاء على الثوابت الوطنية لا على العلاقات الشخصية».
وتابع: «المعيار الأساسي هو الثوابت الوطنية التي اختلفنا عليها… وللأسف لم يحدث أي تقدم في هذا الملف، نحن لا نزال على ثوابتنا وهو لا يزال في الموقع الآخر… أما على مستوى العلاقة الشخصية، فأنا أحتفظ بعلاقة صداقة مع أسرة الحريري منذ أيام الراحل رفيق الحريري، والسيد بهاء الحريري شقيق سعد هو أحد الشخصيات اللبنانية التي قدمت لنا السيارات المصفحة… ولا جواب عندي إذا كانت صداقتنا ستتحول لتحالف انتخابي أم لا. الجواب عند السيد بهاء الحريري نفسه، وهو من سيقرر إذا ما كان يعتزم دخول العملية السياسية أم لا، وأعتقد أنه لم يقرر بعد».
وبالرغم من وصفه زيارة عون للسعودية بأنها «خطوة مشكورة في التقارب والعودة لتيار العروبة»، إلا أنه عاد وحذر من خطورة أن تكون تلك العودة شكلية فقط لا جوهرية. وقال:«يجب أن نعود بالشكل والمضمون لعالمنا العربي، وهو ما لن يتحقق إلا بالابتعاد عن المحور السوري الإيراني أو على الأقل أن تكون مواقفنا حيادية معه».
ورفض ريفي، الذي سبق أن شغل منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي، ما يتردد عن تحول طرابلس لمعقل لمنتهجي الفكر السنّي المتشدد خاصة بعد احتضانها عددا غير قليل من اللاجئين السوريين، وقال مدافعاً: «هذا ليس حقيقيا، ونسبة المتشددين لدينا ضئيلة جدا، والمدينة مشهود لأهلها بالعلم والاعتدال، ولكنها تدفع ضريبة وقوفها في وجه المشروع الفارسي، فما كان من حزب الله إلا أن أطلق دعايته لشيطنتها كعادته دائما مع خصومه».
وبالرغم من إقراره بأن قرار تخفيض الحماية الأمنية قد صدر بحق العديد من الشخصيات السياسية ولم يقتصر عليه فقط، إلا أن ريفي ألمح إلى أن القرار ربما يستهدفه معنويا وماديا لمحاولة مساومته على مواقفه الوطنية. وقال:«القرار يثير علامات استفهام عديدة، خاصة وأن شخصيات أخرى، ليست مهددة بالاغتيال مثلي، ربما لا تزال لها حمايات تفوق حمايتي عدديا…».
وختم بالتأكيد على ضرورة وضع قانون انتخابات يكون «عصريا ويجدد الحياة السياسية ويؤمن صحة التمثيل ووحدة المعايير، ولا يحابي أي قوة سياسية أو يؤمن غطاء تمثيليا زائفا لها».