قال عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية أحمد الديين إن «التضامن الكويتي الرسمي والشعبي مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ليس فضلاً ولا منّة، وإنما هو استحقاق مفروض علينا كشعب عربي وكدولة عربية، بل أضيف إلى ذلك، أنّ الخطر الصهيوني لا يطاول الفلسطينيين وحدهم، وإنما يستهدفنا جميعاً نحن العرب، سواء كان خطر الكيان الصهيوني الاستيطاني التوسعي الغاصب المزروع على أرضنا العربية كقاعدة متقدمة ومقيمة للهيمنة الإمبريالية على المنطقة، أو ما تمثله الحركة الصهيونية العالمية كحركة عنصرية عدوانية رجعية تستهدفنا كشعوب وبلدان عربية بمخططاتها وبمؤامراتها وبتحالفها مع القوى الإمبريالية المهيمنة لإحكام قبضتها على منطقتنا وبلداننا ومواصلة نهب مواردنا وتعطيل طاقات مجتمعاتنا وتفتيت بلداننا وإشغال شعوبنا بصراعات طائفية لا طائل من ورائها وبحروب أهلية مدمرة، بحيث يتسيّد الكيان الصهيوني وتتكرس التبعية أكثر فأكثر للمركز الإمبريالي العالمي».
وخلال كلمة له في فعالية مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية التابع لجامعة الكويت في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني المقامة تحت عنوان: الكويت والقضية الفلسطينية، قال الديين إن التضامن الكويتي كان واضحا من خلال محطات سبع هي:
المحطة الأولى التي لابد من استذكارها، هي المبادرة التي أطلقها شباب الكويت قبل ستة وثمانين عاماً وذلك في شهر أكتوبر من العام 1936، عندما كوّنوا أول لجنة لمناصرة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الحركة الصهيونية والانتداب البريطاني، وكانت تلك اللجنة تسمى لجنة أكتوبر وتضم سبعة أعضاء، حيث نظمت مهرجانا جماهيريا وجمعت تبرعات مالية للثورة الفلسطينية… ونستذكر الدور اللوجستي المشهود والشجاع للمرحوم عبدالحميد الصانع في تهريب السلاح إلى ثوار فلسطين خلال ثورة 1936، ولاحقاً في العام 1937 بعد صدور تقرير بل الداعي إلى تقسيم فلسطين، ألّف شباب الكويت لجنة أخرى لدعم الشعب الفلسطيني وكانت تلك اللجنة برئاسة المرحوم عبداللّه حمد الصقر.
المحطة الثانية بعد النكبة، هي محطة مقاطعة الكيان الصهيوني، إذ تمثلت في العام 1957 بصدور المرسوم الأميري في 26 مايو 1957 بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، قبل أن تنال الكويت استقلالها، وذلك تحت تأثير الموقف الشعبي القومي، وبعدها إنشاء «مكتب مقاطعة إسرائيل» في ذلك العام، وهو مكتب متميز بفاعليته.
المحطة الثالثة: في العام 1964 بعدما نالت الكويت استقلالها، وذلك عندما أقر مجلس الأمة القانون رقم 21 لسنه 1964 في شان القانون الموحد لمقاطعه إسرائيل، الذي صدق عليه الأمير وجرى نشره في الجريدة الرسمية “الكويت اليوم” بعددها الصادر في 31 مايو 1964، حيث يحظر هذا القانون الذي لا يزال سارياً «حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعها»… وبعده صدر المرسوم الأميري بإعلان الحرب الدفاعية بين دولة الكويت والعصابات الصهيونية المحتلة، في يوم 5 يونيو 1967 وهو المرسوم الذي لا يزال سارياً إلى يومنا هذا… فنحن في الكويت من الناحية القانونية في حالة حرب قائمة مع الكيان الصهيوني الغاصب، وهو أمر له دلالاته وأبعاده.
المحطة الرابعة: تمثلت في إرسال الكويت، هذا البلد العربي الصغير، قسماً مهماً من قواته المسلحة إلى الجبهتين المصرية أولاً ثم السورية، ممثلة في لواء اليرموك وقوة الجهراء، حيث شارك الجنود الكويتيون في معارك حرب الاستنزاف على قناة السويس، وفي حرب اكتوبر 1973 والمعارك التي تبعتها، وفي هذه المعارك استشهد 42 من أبطال الجيش الكويتي وذلك في الفترة بين يومي 12 أبريل 1968 عندما استشهد الجندي عصام سليمان قاسم السيد، و12 أكتوبر 1973 عندما استشهد الجندي سعد منير العتيبي.
المحطة الخامسة: المشاركة الشعبية الكويتية في المقاومة الفلسطينية، وهنا نستذكر مشاركة الشهيد الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح في حركة المقاومة الفلسطينية ضمن حركة فتح حيث قاتل الغزاة الصهانية في معركة الكرامة الشهيرة يوم 21 مارس من العام 1968، كما نستذكر أسماء العديد من شباب الكويت في نهاية الستينات وبداية السبعينات الذين التحقوا بصفوف المقاومة الفلسطينية، بينهم: السفير السابق محمد القديري، الذي كان ضمن فدائيي الجبهة الشعبية – القيادة العامة، وكان اسمه الحركي الرفيق صقر، ورجل الأعمال المعروف عدنان عبدالقادر المسلم، الذي التحق بقواعد فدائيي الجبهة الديمقراطية في غور الأردن في 1969، والشهيد عبدالرحمن الرميح الذي التحق بجبهة التحرير العربية في لبنان، ورفيقتنا نوال دعيج العون التي التحقت بقوات المقاومة في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان في صيف العام 1982، وتكللت هذه المشاركة الشعبية الكويتية في حركة المقاومة الفلسطينية باستشهاد فوزي عبدالرسول المجادي، الذي روت دماؤه الطاهرة أرض فلسطين في 4 يونيو من العام 1989، وذلك بعدما نفّذ مع مجموعة من رفاقه من مقاتلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عملية فدائية جريئة في مستوطنة مسكاف عام بالجليل، ولم تتم إعادة جثمانه الطاهر إلى أرض وطنه الكويت إلا بعد مرور أكثر من 19 عاما على استشهاده، وذلك ضمن عملية التبادل في يوليو من العام 2008.
المحطة السادسة: هي محطة تجاوز تداعيات المواقف السلبية لعدد من القيادات الفلسطينية تجاه القضية الكويتية خلال غزو النظام العراقي السابق واحتلاله الكويت، عندما تسامى الكويتيون على تلك المواقف المخيبة للآمال، وبادروا إلى دعم الانتفاضة الثانية في العام 2000 بمسيرة ضخمة ضمت عشرات الآلاف من المواطنين انطلقت من ساحة العلم وصولاً إلى مجلس الأمة… وتبعها العديد من التجمعات والاعتصامات والفعاليات وتشكيل اللجان التضامنية مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ورفضاً للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ناهيك عن المواقف الرائعة للعشرات من الشباب الرياضي الكويتي في المبادرة إلى الانسحاب من أي نشاط رياضي يضطرهم لمقابلة فرق من الكيان الصهيوني.
المحطة السابعة، ولا أقول الأخيرة: هي المحطة الثقافية، التي لا يصح أن نتجاوزها، إذ يزخر النتاج الثقافي والإبداعي الكويتي، وخصوصاً النتاجين الادبي والشعري بالعديد من الكتابات والقصائد التي حملت الهمّ القومي والموقف التضامني مع الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته، وهذا نجده مبكراً في نتاج آدباء الكويت وشعرائها الرواد الكبار، من أمثال: فهد العسكر، صقر الشبيب، محمود شوقي الأيوبي، عبد الله زكريا الانصاري، أحمد السقاف، عبد المحسن الرشيد، وعبد الله السنان، وغيرهم.